الأسعار تلتهب في بيروت... والتجّار يستغلّون الفوضى!
«ما هو سعر الأرضي شوكي؟ ـ الواحدة بـ500 ليرة لبنانية. هل أستطيع الحصول على الثلاث بألف ليرة؟ ـ والله «ما بتوفّي ياحجة»... محاولات الحصول على الأرضي شوكي بسعر أقل تبوء بالفشل، ويد الحاجة أم سامر تحمل 5 آلاف ليرة فقط، وتريد بهذه القيمة أن تحمل بيدها الأخرى كيساً من المأكولات يكفي لتأمين وجبة الغذاء لعائلتها المكوّنة من 5 أفراد، إضافة إلى ربطة خبز... رأس الحاجة يدور، وقفت في مكانها صامتة، ثوان وتتنبه إلى ذهولها الواضح في وسط الرصيف المحاذي لبائع الخضر الذي يضج بالزبائن، تتمتم «العنزة تحصل على الحشيش مجاناً، أما نحن فنتحسر عليها»!... وتقول أم سامر إنها لا تستطيع شراء نحو نصف ما تحتاج إليه منذ بدء الاشتباكات، بسبب نفاد بعضها من جهة، وارتفاع أسعارها الصارخ من جهة أخرى، وتلفت إلى أنه حتى التفاح الذي يُعدّ فاكهة الفقراء أصبح سعره 4 آلاف ليرة، فكيف إذاً بأسعار الحليب ومشتقاته؟
- ارتفعت أسعار المواد الغذائية بكل أنواعها بشكل مريب منذ اليوم الثاني للاشتباكات في لبنان، ويشير قاسم سلامة، وهو صاحب محل سمانة، إلى أن كل مشتقات الحليب ارتفعت أسعارها، فسعر كيلو اللبن ارتفع من 1750 إلى 2250 ليرة، واللبنة من 2750 إلى 3500 ليرة، كما أن عدداً من المواد الغذائية فقدت من السوق، وأبرزها المرتديلا والتونة. وارتفاع الأسعار ينسحب على الخضر والفاكهة، إذ يشير فرحات فاعور، وهو صاحب بسطة خضر، إلى أن سعر الجملة لكيلو البازيلا ارتفع من 800 إلى 1250 ليرة، ليباع إلى المواطنين بـ1500 ليرة، والأكيدنيا التي تنتج في الجبل من 3000 إلى 5000 ليرة، والجزر من 500 إلى 600 ليرة ليباع بـ1000 ليرة، والتفاح من 1800 إلى 2500 ليرة ليباع بـ3000 ليرة، والليمون من 1000 إلى 1700 ليرة ليباع بـ2000 ليرة، والموز من 1000 إلى 1400 ليرة ليباع بـ1750 ليرة، أما البطاطا فقد ارتفعت أسعارها في الأيام الأولى للاشتباكات لتعود وتستقر عند الـ700 ليرة في الجملة و1000 ليرة بالمفرق...
- «10 بألف يا بقدونس»! تظن أنك انتقلت إلى بلد آخر، الصوت لا يتوقف «3 بألف يا خس»! إنه الشارع نفسه، فوضى ارتفاع الأسعار تظهر واضحة جداً حين تلتقي بشير البطل الذي يوزع الخضر على الرصيف ويبيعها بأسعار زهيدة جداً نسبة إلى تلك الموجودة في السوق... صوته يرتفع عند التوقف إلى جانبه، والمواطنون يتهافتون على البضاعة محاولين الحصول على أكبر كمية من الخضر بأسرع وقت خوفاً من نفادها، وقصة البطل لافتة، إذ يشير إلى «أن «الناس مخنوقة» وهناك تجار يتحكمون بالمواطنين في هذه الظروف الصعبة، فأنا أربح 100 في المئة من كل «ضمة» بقدونس وكل خسة وكل صنف من الخضر التي أبيعها، على الرغم من ذلك، تبقى أسعاري منخفضة، لذلك فارتفاع الأسعار مفتعل بالتأكيد، والتجار يستغلون الناس»...
«القرف» ينساب إلى عروقك، واستغلال التجار يحرك فيك الحاجة إلى سيجارة... توقف، لا تشتري علبة سجائر، فحتى «فشة الخلق» ارتفع سعرها! إذ يشير سلامة إلى أن سعر «كروز الدخان» بالجملة من صنف «المارلبورو»، الأكثر استهلاكاً في لبنان، ارتفع من 18750 ليرة إلى 19250 ليرة، و«الغولواز» من 13750 ليرة إلى 14000 ليرة، والوينستون من 14000 ليرة إلى 14250 ليرة... واللافت أن ارتفاع سعر الكروز بين 250 ليرة و750 ليرة انعكس ارتفاعاً على العلبة الواحدة بين 250 و750 ليرة! اللغز هنا ليس مستغرباً في بلد كلبنان، إذ يؤكد أحد شهود العيان لـ«الأخبار» أن أحد موزعي السجائر يعمل منذ نحو شهرين على تخزين كميات من السجائر في أحد المستودعات، لأنه توقع أن تعمد شركات السجائر إلى رفع الأسعار بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، هذا الموزع الذي من المتوقع أن يكون جزءاً من مجموعة من الموزعين أمثاله، باغته الحظ، إذ اندلعت الاشتباكات وأصبح استغلال الظرف مصدر الثروة المقبلة!
- وفي ظل هذه الأجواء، المواطنون هائمون في الطرق، يتنقلون بين محل وآخر لاقتناص السعر الأفضل، ويشير غريب قيس، وهو صاحب فرن للحلويات، إلى أن الوضع أصبح لا يحتمل، إذ يستغل التجار كل شيء لزيادة أرباحهم على كاهل المواطنين، ويلفت إلى أنه يشتري المواد الأولية بأسعار مرتفعة ويضطر إلى بيعها بأسعار منخفضة لكي يحافظ على زبائنه، ويشير إلى أنه يشتري كيلوغرام الطحين «الفرخة» بـ800 ليرة بالجملة، أما بالمفرق فيرتفع السعر إلى 2000 ليرة، ما يدل على أن التجار يرفعون الأسعار بنسبة تفوق الـ100 في المئة، ويقول «صحيح أن هناك غلاءً عالمياً، لكن التجار استغلوا الأوضاع المأزومة ليسرقوا الناس!». أما عدنان الأشقر فيبادر إلى الإجابة قبل السؤال «لا تسألوني عن الغلاء، مرت 10 أيام من دون أن ندخل اللحمة إلى بيتنا، فقد ارتفع الكيلوغرام من 8000 إلى 14000 ليرة»! ويلفت إلى أن لديه «4 أطفال، وعلى الرغم من ذلك أوقفت شراء الحليب ومشتقاته، كما نسيت أمر الحلويات والفاكهة، وأصبحت معظم وجباتنا المعكرونة باللبن».
في حين يشير ربيع علام إلى أنه «اشتاق إلى اللحم والدجاج، إذ إنه يعطي زوجته 15 ألف ليرة يومياً لتأمين وجبة الغداء فلا تكفيها».. ويشير إلى أن لديه طفلاً لا يتعدى عمره السنة ونصف وهو لم يشرب الحليب منذ 3 أشهر بسبب ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أنه تنتابه نوبة غضب وحزن على واقعه المعيشي حين يشعر أن أطفاله الأربعة بحاجة إلى شيء ما، وهو لا يستطيع تأمينه. ويشير إلى أنه يعرف أن التجار يرفعون الأسعار من دون مبرر، ويفيدون من غياب الحكومة والرقابة...
مجرد إشارة
أعلن رئيس جمعية المستهلك في لبنان زهير برو، في رسالة إلى المواطنين والتجار، وجود كميات كافية من القمح والطحين في الأسواق، وتوافر الخبز في المناطق اللبنانية، وقد أكد رئيس نقابة الأفران علي إبراهيم للجمعية أن هنالك كميات تكفي لستة أشهر على الأقل. إضافة إلى وجود كميات كافية من الحبوب والمواد الغذائية الأساسية المستوردة، في الأسواق والمرفأ، التي بدورها تكفي لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، كما أكدت للجمعية نقابة مستوردي المواد الغذائية ونقابة السوبر ماركت، لكن ما لاحظته الجمعية هو رفع أسعار بعض أنواع الأجبان والألبان خلال الأيام الأربعة الأخيرة، خاصة اللبنة والجبنة الحلوم والحليب المجفف ومشتقات الحليب بشكل كبير.
وقد اتصلت الجمعية بنقابة الصناعات الغذائية للاستفسار عن أسباب هذه الزيادة التي وصلت إلى ألفي ليرة في بعض الأحيان لكيلو الجبنة الواحد. وقد شرح رئيس النقابة جورج نصراوي أن الارتفاع سببه زيادة في سعر كيلو الحليب 150 ليرة لدى المنتجين، إلا أنه من الواضح أن الزيادة هي أكبر بكثير. كما أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية جوزيف عود توجيه دعوة إلى المستوردين لتفهم أوضاع المستهلكين، وعدم الإقدام على أي زيادة.
ودعت الجمعية التجار كافة من جملة ونصف جملة ومفرق لعدم الاستفادة من الأوضاع، والحرص على مصالح المواطنين الذين تكفيهم الزيادات الخطيرة التي أكلت مداخيلهم، وخاصة في ظل الشلل شبه التام الذي تعيشه البلاد. وتوجهت إلى المستهلكين، لوقف تخزين السلع، لأن ذلك يؤدي حكماً إلى ندرتها واحتكارها ورفع أسعارها. ودعت المواطنين للاتصال بها على الرقم 750650/01 في حال وجود صعوبات في وصول السلع أو وجود أي احتكارات وارتفاعات في الأسعار».
رشا أبو زكي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد