استعدادات إسرائيلية لابتزاز واشنطن مقابل صفقة «النووي»

22-07-2015

استعدادات إسرائيلية لابتزاز واشنطن مقابل صفقة «النووي»

واصل وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر مهمته الشاقة في تل أبيب لتلطيف الأجواء مع حكومة بنيامين نتنياهو، بقصد منع تصعيد الصراع في الكونغرس على الاتفاق النووي مع إيران.
واجتمع كارتر أمس إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حيث لم تتسرب معلومات عن الاجتماع عدا أن نتنياهو عرض اعتراضاته. وتزايدت الأنباء حول عروض سخية تعرضها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إسرائيل لتعويضها عن أية أضرار قد تصيبها جراء الاتفاق النووي.كارتر يضع اكليلا من الزهر في "متحف المحرقة النازية" في القدس المحتلة امس (ا ب ا)
وقد أشار المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس» باراك رابيد إلى الحيرة التي أصابت رئيس الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع الاتفاق النووي. وبديهي أن المقصود ليس إن كان سيعترض أم لا، وإنما هل أن الاعتراض والصدام جبهوياً مع الإدارة الأميركية في الكونغرس يمكن أن يحقق شيئاً أم أنه سيزيد العلاقات تدهوراً.
ويلخص رابيد معضلة نتنياهو بالقول إنه متردد في الاختيار بين الاعتراض على الاتفاق ديبلوماسياً أو الخروج في حملة صاخبة تدخل إسرائيل من جديد في صلب الصراع السياسي داخل أميركا.
وينبع تردد نتنياهو من واقع أن الكونغرس سيصوت على الاتفاق بعد حوالي شهرين، وحينها سيتقرر إن كان سيرفع العقوبات عن إيران أم لا. وتتمنى إسرائيل أنه إذا لم يعرقل الكونغرس الاتفاق أن يتراجع الإيرانيون عنه، ما يقود إلى انهياره. وبحسب التقديرات فإن التصويت الأول في الكونغرس سيحمل الفوز لمعارضي الاتفاق، لكن حينها سيستخدم أوباما حقه في النقض، والذي لا يمكن تجاوزه إلا بانضمام 13 سيناتورا وعشرات النواب من الحزب الديموقراطي إلى الغالبية الجمهورية ضد رئيس حزبهم.
ووفق «هآرتس» فإن نتنياهو لم يحسم خياره بعد بشأن طريقة العمل المفضلة لديه لتنفيذ ما بات يعتبر مهمة مستحيلة تقريباً. وقد أجرى نتنياهو مناقشات موسعة بهذا الشأن في المجلس الوزاري المصغر لكن لم تتخذ قرارات. ولذلك يتصرف رئيس الحكومة هذه الأيام بحذر شديد، ويتجنب التطرق إلى الكونغرس. ومع ذلك فإن نتنياهو، أمام جلسة كتلة «الليكود» في الكنيست، زاد حدة لهجته، وقال إنه إذا لم يرفع الكونغرس العقوبات عن إيران فسيبقى هذا رافعة ضغط مباشرة وغير مباشرة على قدرة طهران على الوصول للاقتصاد الأميركي، ما يدفع إيران إلى تقديم المزيد من التنازلات لاحقاً.
ومع ذلك هناك استعدادات في إسرائيل، وفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، للانتقال من حالة الاعتراض الديبلوماسي إلى حالة الاعتراض الصاخب. وتنقل «هآرتس» عن ديبلوماسي إسرائيلي قوله «إننا نستعد للحرب، لكننا حتى الآن لم نتلق أمر الهجوم». وتضيف أن الهجوم بالضبط هو ما يقض مضاجع الكثير من كبار المسؤولين في الخارجية الإسرائيلية وفي المؤسسة الأمنية الذين يخشون صداماً واسعاً يفاقم التوتر بين إسرائيل وأميركا. وهذا ما ظهر في اجتماع عقدته نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتبولي، لكبار العاملين في الوزارة قبل يومين. وقال مسؤول رفيع المستوى إن «الرسالة الأساسية للمستوى المهني كانت وجوب العمل بحذر شديد، والتفكير إلى أي مسافة نسير للكونغرس». وفي نظر هذا المسؤول فإن «هذه معركة تعرف كيف تدخلها لكن لا أحد يعرف كيف سيخرج منها، وربما أن لكل عمل إسرائيلي ثمنا». وأشد ما تخشاه إسرائيل أنه إذا فشل أوباما في الكونغرس أن يرد بعدم استخدام «الفيتو» ضد مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن الدولي.
ولاحظ معلقون أن إسرائيل استقبلت بالترحاب وزير الدفاع الأميركي عند وصوله، لأنها ترى فيه صديقاً لها. وقالوا إن إرسال أوباما لكارتر فور إبرام الاتفاق النووي ليس صدفة، وإنما حدث يقف خلفه سببان: الأول اعتبار إسرائيل أن كارتر صديق لها، والثاني أن زيارته ستحث النقاشات الداخلية الإسرائيلية حول رزمة التعويضات الأميركية لإسرائيل.
ويكتب المراسل السياسي لموقع «والا» الإخباري أمير تيفون أنه ارتفعت أصوات في المؤسسة الأمنية ترى أن قرار نتنياهو إدارة معركة ضد الاتفاق في الكونغرس الأميركي سيكلف إسرائيل ثمناً يتجلى بنوعية «رزمة التعويضات». ويقول هؤلاء إن الوقت لإبرام صفقة سخية ونوعية مع الأميركيين هو الآن، لأن لأوباما مصلحة في أن يثبت للكونغرس أن الاتفاق ليس فقط لن يضر إسرائيل وإنما سيعزز قوتها. أما إذا انتظرت إسرائيل انتهاء المداولات في الكونغرس فلن تبقى للإدارة مصلحة في الاستجابة تقريباً لكل المطالب الإسرائيلية.
وواضح أن نتنياهو لا يقبل حتى الآن بهذه المحاججة، لأنه لا يزال يؤمن أن الاتفاق ليس أمراً واقعاً. ورغم أن مجلس الأمن الدولي قرر رفع العقوبات عن إيران وأن الدول الأوروبية تتبارى في ما بينها على مكاسب التجارة مع طهران، يصر نتنياهو على أنه طالما لم يرفع الكونغرس العقوبات فإن إيران ستظل مستعدة لتقديم تنازلات، كما بالإمكان إفشال الاتفاق. ويخشى نتنياهو من أن كل نقاش حول التعويضات سيسهل على أوباما تسويق الاتفاق في الكونغرس.
في كل الأحوال يبدو أن كارتر نجح في زيارته بإثبات استمرار دعم إدارة أوباما لإسرائيل، وبحث النقاش داخل المؤسسة العسكرية والسياسية حول مخاطر الصدام مع الإدارة الأميركية. وقد توج كارتر زيارته لإسرائيل بزيارة «متحف المحرقة النازية» في القدس المحتلة، تعبيراً عن تعاطفه مع إسرائيل قبيل وصوله إلى عمان والرياض.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...