اجتمـاع قـادة العـراق يتعثـر
اصطدمت اجتماعات اليوم الثاني لقادة الكتل السياسية العراقية، في بغداد أمس، بالعقبات التي كانت ولا تزال تعطل تشكيل حكومة جديدة على الرغم من مرور ثمانية اشهر على الانتخابات التشريعية، وتعرضت الاجتماعات لنكسة مهمة عندما غاب عنها زعيم «القائمة العراقية» إياد علاوي والقيادي فيها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وذلك وسط ضغوط اميركية متجددة لانهاء الازمة الحكومية خلال ايام لا اشهر، واشارات متكررة الى احتمال بقاء القوات الاميركية الى ما بعد العام 2011، موعد انسحابها المتفق عليه مع المسؤولين العراقيين.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، في كوالالمبور، أن واشنطن منفتحة على فكرة تمديد وجود قوات الاحتلال في العراق إلى ما بعد نهاية العام 2011، بيد أن القرار يعود لبغداد. وقال «بخصوص العلاقات الاستراتيجية لفترة ما بعد 2011، أقول إن المبادرة يجب أن تأتي من العراقيين». وأضاف «نحن منفتحون على التباحث» بهذا الشأن، موضحا أن هذه المباحثات لا يمكن أن تبدأ ما لم يتوصل القادة العراقيون إلى اتفاق على تقاسم السلطة.
من جهته، قال السيناتور جون ماكين، بعد اجتماع في بغداد مع رئيس الحكومة نوري المالكي ونائب الرئيس عادل عبد المهدي، إن «الإدارة الأميركية تشعر بخيبة أمل من الوقت الطويل الذي استغرقه السياسيون العراقيون لتجسيد إرادة الشعب». وشدد ماكين على «ضرورة حل أزمة تشكيل الحكومة خلال أيام وليس أشهر».
وكان المالكي قال، في بيان بعد اللقاء، إن «الأمور تسير في الاتجاه الصحيح لتشكيل حكومة تضم جميع الكتل السياسية»، معتبرا أن «الهجمات التي وقعت في بغداد كانت تهدف إلى تعطيل تشكيلها».
وقال نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس، بعد اختتام اجتماع القادة في منزل «رئيس» إقليم كردستان مسعود البرزاني في المنطقة الخضراء، إن «الجلسة الأولى من الاجتماع لم تناقش الرئاسات الثلاث، لأنها ليست موضوع البحث، فهي مسالة مهمة بحاجة إلى وقت ونقاشات مستفيضة». وأضاف «تم الاتفاق على ملفات الالتزام بالدستور والتوافق والتوازن السياسي، في حين أن الجلسة الثانية ستناقش المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) في حين أن اجتماع الغد (اليوم) سيبحث في انعقاد جلسة البرلمان من عدمه».
وأكد مصدر مشارك في الاجتماعات مغادرة نائب الرئيس عادل عبد المهدي الاجتماع «قبل ساعة من انتهاء الجلسة الأولى»، كما غاب علاوي ونائب الرئيس طارق الهاشمي عن الاجتماع أصلا.
وحاول شاويس التخفيف من وقع غياب علاوي، قائلا انه «مريض ولم يتمكن من الحضور، لكنه أرسل وفدا رفيعا» مكونا من زعماء الكتل المنضوية في «العراقية». وكانت لافتة مشاركة زعيم «جبهة الحوار الوطني» صالح المطلك في الاجتماع رغم صدور مذكرة قضائية بحقه في وقت سابق.
وكان مصدر شارك في الاجتماع قال إن «المطلوب من العراقية في الاجتماع هو تسمية مرشحها إلى رئاسة البرلمان، فالجلسة مخصصة لهذا الأمر وليس لأي غرض آخر، لكن علاوي والهاشمي لا يرغبان في إحراجهما فآثرا الغياب».
بدوره، قال مصدر آخر إن «القادة المشاركين من العراقية طلبوا خلال الاجتماع تأجيل جلسة البرلمان المقررة الخميس المقبل إلى الاثنين أو إلى ما بعد عيد الأضحى».
ويحاول القادة التغلب على خلافاتهم المستعصية بعد اجتماع في اربيل أمس الأول قبل اجتماع متوقع للبرلمان لانتخاب رئيسه ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيعين بعد ذلك رئيسا للوزراء لتشكيل الحكومة، لكن الاتفاق على توزيع هذه المناصب متوقف في الدرجة الأولى على حل المشاكل التي تعرقل العملية السياسية العراقية. وقال مسؤولون إن ابرز هذه المشاكل هي تعديل الدستور، والإصلاحات في الحكومة، والضمانات التي يطلبها الأكراد، ومستقبل «لجنة المساءلة والعدالة» (اجتثاث البعث) ومهام المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية.
وكان النائب بهاء الاعرجي اعتبر أن النقطة الرئيسية التي تمنع «العراقية» من الانضمام إلى حكومة برئاسة نوري المالكي هي انهم يريدون وزارات سيادية». وأشار نائب آخر إلى أن المسؤولين يحاولون إقناع «العراقية» بالقبول بمنصب رئاسة البرلمان، وهو ما كان علاوي رفضه، أو إقناع الأكراد بالتخلي عن منصب رئاسة الجمهورية، وهو ما يرفضونه.
من جهة ثانية، دعا المالكي، خلال تفقده كنيسة سيدة النجاة في الكرادة التي تعرضت لهجوم دموي الأسبوع الماضي، إلى عدم التشجيع على هجرة المسيحيين من العراق. وقال «ابعث من هذا المكان رسالة لكل الدول التي تفاعلت ايجابا من خلال تقديم الخدمات للجرحى، وهذا موقف نبيل، لكن نطلب ألا تكون هناك هجرة» في إشارة إلى باريس التي تستقبل الجرحى وتمنحهم حق اللجوء. وكانت طائرة فرنسية نقلت أمس الأول 35 من جرحى الهجوم على الكنيسة، وذلك بعد أيام من طلب وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون من أجهزة وزارته استقبال ما مجموعه 150 مسيحيا عراقيا، وسيتم نقل مجموعة أخرى من 93 عراقيا قريبا.
وأضاف المالكي، بحضور رجال دين وشخصيات، «طلبت من البابا خلال زيارتنا الأخيرة أن لا يدع الشرق يخلو من المسيحيين، ولا الغرب يخلو من المسلمين، وأكدنا أن تنظيم القاعدة الإرهابي اظهر صورة بشعة ليست الصورة الحقيقية للإسلام».
وقالت مصادر أمنية عراقية إن مسلحين فجروا ثلاثة منازل تعود ملكيتها لمسيحيين في حي المنصور الراقي في بغداد من دون سقوط ضحايا. كما قتل شخص، وأصيب خمسة، بانفجار سيارة استهدفت مقر الحزب الإسلامي، المؤيد للمالكي، في منطقة العامرية.
المصدر: السفير+ وكالات
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد