إنه الرأي الآخر: أطلقوا النار عليه
لا تعذليه فإن العذل يولعـه، قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
جاوزت في نصحه حداً أضرَّ به، من حيث قدّرت أن النُصح ينفعه
لم يستطع مكتب مجلس الشعب ورئيسه قبول معارضٍ واحد لرأيهم يوم أمس بخصوص رفضي لحلّ ثاني اتحاد شعبي في سورية، فاتهمت بالشعبوية والخطابية وقول كلام غير صحيح لأهداف معروفة !؟ فقد تم اختزال مجمل نقد النواب الحزبيين على مداخلتي على لسان رئيس المجلس الأستاذ حمودة الصباغ وتلي في محضر الجلسة اليوم، على غير العادة ! وكنت قد وافقت في رأيي، الذي كفل الدستور حريته، في أن الإتحاد التعاوني السكني هو كالإتحاد العام النسائي: مترهل وأصاب الفساد قياداته، غير أن باقي الإتحادات الشعبية تعاني مايعانياه الإتحادان المحلولان، وأن من الأفضل العمل على علاجها بدلا من إعدامها وترك أولادهم في رعاية زوجة أبيهم (الحكومة). فقد صبّت في هذه الإتحادات جهود شعبية طيبة خلال أربعين عاما، غير أن تدخل الجهات الوصائية ومحسوبيات بعض أفراد قياداتها أدى إلى وصول الفاسدين إلى سدتها، والمشكلة إذن في بعض إداراتها غير الكفؤة وليست في نظامها كمؤسسة لرعاية الحقوق، وهذا ينطبق أيضا على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الخاضعة للوصاية الحزبية، وأنه من الأفضل تغيير السياسات الداخلية وعدم إعادة إنتاج الأخطاء السابقة، كما كنا نطالب منذ بداية الحرب، لأن إعادة إنتاج الأخطاء الرسمية سوف توسع قاعدة معارضي الدولة وتقوي حججهم ضدها، وبالتالي فقد نعيد إنتاج حربنا للمرة الثالثة، هذا إذا اعترفنا أن حربنا الأولى كانت في ثمانينات القرن الماضي للأسباب نفسها التي أعدنا إنتاجها قبل حربنا هذه.. أما دخول الأعداء الخارجيين على الخط ضدنا فهذا تحصيل حاصل خطئنا الذي أضعف جبهتنا الداخلية ونحن الملومين ..
وبالعودة إلى قانون حل الإتحاد التعاوني السكني الذي أقره المجلس يوم أمس، قبل تأمين مؤسسة بديلة تقوم على رعاية حقوق مئات آلاف المكتتبين بدلا من رمي مشاكلهم واستحقاقاتهم على وزارة الإسكان التي هي بالأصل تعاني من مشاكل الإتحاد نفسه، حيث يحيلنا هذا القرار إلى مزيد من الخسائر: إذ كيف للوزارة أن تتابع المسائل المالية والعقارية وحقوق المكتتبين في 2500 جمعية سكنية مشاكل كل واحدة منها تحتاج إلى دائرة موظفين في وزارة الإسكان لمتابعتها، إضافة إلى عبء 21 مليار ليرة باسم الإتحاد هي مال عام سيتم تجميده قانونيا لفترة طويلة بينما نحن اليوم بأمس الحاجة إلى كل ليرة موجودة في مطمورتنا ؟! كيف ستعيد الوزارة استحقاقات السوريين في مئات الجمعيات التي هرب رؤساء مجالس إدارتها بأموال المكتتبين خارج البلاد، وتفاصيل كثيرة سوف تظهر لاحقا لتزيد من نقمة الناس على الدولة وتصب في خانة معارضيها وأعدائها الكثيرين ..
وبالعودة إلى اتهامم المبطن لي في أهدافي الوطنية بعد تسع سنوات حرب وقفت فيها مع الدولة ضد أعدائها بلا منة، ومن ثم موافقتي على الدخول إلى مؤسسة كنت أظنها حجر الأساس للجمهورية الجديدة لأجدها حجر عثرة في طريقها، أرى أن الفضاء الذي كنت أرغب بالتحليق فيه قد بات ضيقا على جناحي كما هو ضيق على كل الأجنحة الوطنية المواكبة التي تأمل أن تخرج الوطن من الحفرة التي أوقعه أخوته فيها.. اليوم وأنا جالس أستمع إلى إساءة الرفاق الذين وثقت بهم تحت القبة أتذكر جملتي التي صدّرت بها كتابي الأول قبل ربع قرن وتقول: ما أغبى هذا العالم وما أغباني..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد