إعلام خاص في ليبيا لأول مرة منذ 37 عاماً

تحتفل ليبيا اليوم بالذكرى ال 38 لثورة الفاتح من سبتمبر، وقد حقق الإصلاحيون بقيادة سيف الإسلام القذافي مكاسب خاصة في مجال الإعلام، حيث انطلقت مؤسسة إعلامية خرجت من عباءة الدولة التي سيطرت على هذا القطاع على مدى أربعة عقود.

وصدرت صحيفتان جديدتان في 20 من الشهر الماضي، وبدأتا منذ أعدادهما الأولى بتجربة النقد لرئيس الوزراء البغدادي المحمودي وأعضاء الحكومة إلا أن العاملين في هذه المؤسسات يؤكدون أن الزعيم الليبي معمر القذافي سيبقى خطاً أحمر، لا يجوز تجاوزه.

واستبدلت صحيفتا “أيويا” و”قورينا” (نسبة إلى اسمي طرابلس وبنغازي في الرومانية القديمة) اللون الأخضر الذي يميز الصحف الرسمية بلون أزرق، وطبعتا بإخراج مميز، يجذب القارئ في محاولة لتثبيت تميزها عن الصحف الرسمية.

وبدأت “إيويا” في أعدادها الأولى فتح ملفات لم تفتح من قبل، كان أول ضحية لها رئيس الوزراء الذي انتقدته في أداء برنامجه لتطوير مدينة طرابلس، برسم ساخر يصور المدينة تحتسي السم وتقول “بيدي لا بيد البغدادي”.

وذهبت “قورينا” إلى أبعد من ذلك، وفتحت ملف الليبيين الذين غادروا بلدهم بسبب ظلم سياسي أو اقتصادي، كما قالت، ودعت الدولة الليبية إلى فتح المجال أمامهم وعدم إقصائهم للمشاركة الفعالة وبحرية في العملية السياسية.

وفي منتصف الشهر الحالي، أعلن محمود البوسيفي المسؤول في شركة الغد للخدمات الإعلامية عن إنشاء مؤسسة إعلامية مملوكة بالكامل للقطاع الأهلي، وأوضح أنها شركة مساهمة تضم “الروابط الشبابية ورابطة الكتاب والأدباء والصحافيين، وتعود لها ملكية قناة فضائية وإذاعية تحملان اسم الليبية. وأضاف “لدى الشركة مطبعة ضخمة لطباعة الكتب والصحف والمجلات، وتعاقدت لتوزيع الصحف المحلية العربية والعالمية، وخصصت 200 كشك لذلك تم توزيعها على طرابلس وبنغازي”.

وأفاد أن “نشاط الشركة الإعلامي لن يخضع لرقابة الأجهزة الإدارية للدولة، وسيتناول قضايا تمس الشأنين العام والخاص بحرية ومن دون قيود”.

وقال البوسيفي لفرانس برس “إن الشركة من خلال مكوناتها تسعى إلى المساهمة في بناء منظومة إعلامية لا تشكل عبئاً على خزينة الدولة، وعلى تقديم الأخبار الصحيحة ومساعدة المشرع وأجهزة الرقابة على متابعة أداء الأجهزة التنفيذية وحماية المال العام ومحاربة التطرف”.

ويؤكد المراقبون أن إنشاء شركة الغد التي تريد أن تغير المشهد الإعلامي في ليبيا جاء نتيجة للمبادرات التي طرحها سيف الإسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية، ونجل الزعيم الليبي معمر القذافي بضرورة تحرير الإعلام والصحافة في ليبيا.

وكان سيف الإسلام قد وصف الإعلام الليبي بأنه “باهت” وأكد عدم وجود حرية صحافة في ليبيا، ودعا إلى استقلالية الإعلام حتى يستطيع كشف الفساد وفضحه.

وتصدر في ليبيا أربع صحف محلية مملوكة للدولة وهي “الجماهيرية” و”الشمس” و”الفجر الجديد” و”الزحف الأخضر” التي تصدر عن حركة اللجان الثورية.

وقال البوسيفي إن “أيويا وقورينا تتوليان مناقشة الشؤون العامة والخاصة، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحرية، ولا نضع فيتو على أي مقالات، حتى لو كانت للمعارضة في الخارج طالما تتسم بالموضوعية والمنهجية، والموقف السياسي للكاتب لا يعنيني المهم مصلحة ليبيا”.

وتعتمد قناة الليبية الفضائية المملوكة لشركة الغد بثها في 15 أغسطس/آب الماضي من طرابلس.

وقال بشير بلاعو مدير القناة الفضائية إن بدء البث يعني أن الدولة الليبية شرعت فعلاً في خصخصة وسائل الإعلام وسيكون لهذه التجربة أثر في حركة النشر والإعلام في ليبيا، وأضاف ان القناة ستطرح “بموضوعية القضايا التي تهم الشارع بمساحة كبيرة من الحرية وفقاً للقواعد الأخلاقية للمهنة، ولن يكون هناك محظورات في طرح أسئلة الناس على المسؤولين للحصول على إجاباتها لدى الجهات ذات العلاقة”.

ويغلب الطابع الفني على برامج الإذاعة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى القناة الفضائية التي ستبدأ في مطلع 2008 ببث نشرات إخبارية.

ويؤكد البوسيفي أن إنشاء الشركة خطوة أولى لإعادة صياغة القانون، بما يكفل إتاحة الفرصة للجميع في المشاركة نحو إعلام حر وجديد ومستقل عن قيود الدولة. ويمنع القانون الليبي الأفراد من امتلاك وسائل إعلام خاصة. إلا أن لرئيس المؤسسة العامة للصحافة في ليبيا عبدالرزاق الداهش رأياً آخر، فقال صحافتنا لم تكن حكومية لكنها كانت ضحية لتفكير أحادي يرى أن كل ما ليس مملوكاً لأفراد هو حكومي، كما أن دعم المجتمع لأدواته الإعلامية لا يشكل انتهاكاً لاستقلاليتها، بل يضمن حياديتها، لأنه يحررها من ضغوط الدعم الآخر. وأضاف “لكنني اعتبر هذه المؤسسة الإعلامية الجديدة توسيعاً لمربع المنافسة وظاهرة صحية في مجال الإعلام”.

وتقول رئيسة تحرير مجلة “البيت” الحكومية إيناس حميدة نحن سعداء بصدور هذه الصحف على الرغم من أنها لا تختلف عن الصحف الرسمية إلا في الإخراج، فهي لم تفتح ملفات ساخنة بعد بالصورة المطلوبة، ومن المبكر الحكم عليها ونتمنى أن تستمر.

المصدر: أ ف ب