إسرائيل تهـدّد التبادل بطلب إبعـاد الأسـرى
اقتربت صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس من الذروة يوم أمس، بوضع الوسيط الألماني إسرائيل أمام وجوب حسم موقفها من قائمة الأسرى المراد الإفراج عنهم بـ«نعم أم لا». وبحسب ما يبدو فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينوي الموافقة على القائمة بصيغتها الأخيرة، وإعادتها إلى الوسيط الألماني ليعرضها على حماس مع شرط جديد: الإفراج عنهم خارج الضفة الغربية. ورغم افتراض بأنّ القرار الإسرائيلي ليل أمس جاء حاسماً، لجهة أسماء من سيفرج عنهم، إلا أن قرار حماس المفترض اليوم سيكون حاسما لجهة من سيتم إبعادهم.
وبدا الارتباك شديدا على الحكومة الإسرائيلية أمس، بعدما ترددت أنباء عن إنذار من الوسيط الألماني. وعقدت «الهيئة السباعية» في الحكومة الإسرائيلية ثلاثة اجتماعات لاتخاذ القرار الحاسم، تزامناً مع وصول مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان إلى تل أبيب، وما تردد من أن الغاية الأساسية من زيارته هي مساعدة نتنياهو على حسم تردده بشأن الصفقة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد كشف النقاب في مقابلة مع صحيفة «الأهرام» المصرية عن أن الوسيط الألماني وجه انذارا للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بالتخلي عن مهمته إذا لم يتفق الطرفان خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ويبدو أن معلومات عباس عن إنذار الوسيط كانت متأخرة، إذ أن الإنذار يسري في الغالب قبل بدء فترة الأعياد بعد أربعة أيام. فقد أبلغ الوسيط الألماني، وهو على الأغلب غيرهارد كونراد، مفاوضيه من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بأنه يريد العودة للاحتفال مع عائلته بعيد الميلاد، وأنه لن يعود «إلا في العام المقبل».
ويتقاطع الحديث عن الإنذار مع خطاب القيادي في حماس عزت الرشق في بيروت يوم أمس، والذي أعلن فيه أن الحركة تنتظر من الوسيط الألماني ردا خلال أيام قليلة. وثمة من قال أن الرد يجب أن يصل قبل 72 ساعة.
وتتهم قيادات حماس إسرائيل بأنها تدير مفاوضات ثم تتراجع عن نتائجها في اللحظة الأخيرة، وهذا ما جرى فعليا في أواخر عهد رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وما قد يحدث الآن. وربما يكون هذا الانطباع هو ما دفع بعائلة الجندي الأسير جلعاد شاليت إلى الشروع في حملة لإرغام نتنياهو على الوفاء بوعده بالإفراج عن ابنها. وقد بدأت هذه الحملة برسالة مفتوحة لنتنياهو تستند إلى فكرة أن الأمور بلغت نقطة اللاعودة، وأن عليه الحسم باتجاه إعادة شاليت، لأن الخيار الآخر هو الموت في الأسر أو خلق قصة رون أراد جديدة.
ولوحظ في الأيام الأخيرة أن أوساطا حكومية إسرائيلية اتهمت الوسيط الألماني بأنه منحاز لحركة حماس. وجاء ذلك بعدما اتهمت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية نتنياهو بالمسؤولية عن تأخير إبرام الصفقة. وأشارت الشبكة إلى أن نتنياهو تحفظ إزاء الصيغة الأخيرة التي قدمت له من الوسيط الألماني، وأن هذا التحفظ يجمّد الأمور، في ظل تساوي الأصوات بين المؤيدين والمعارضين للصفقة في هيئة «السباعية»، التي تعتبر المطبخ الفعلي الذي يتخذ القرارات المهمة في حكومة نتنياهو.
وتضم الهيئة، إضافة إلى نتنياهو، كلا من وزير الدفاع إيهود باراك، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الداخلية إيلي يشاي، ووزير المخاطر الاستراتيجية موشيه يعلون، ووزير الخدمات السرية دان ميريدور، والوزير بني بيغن. ويؤيد الصفقة في صيغتها المعروضة ثلاثة هم باراك ويشاي وميريدور، في حين يعارضها ثلاثة هم يعلون وبيغن وليبرمان. وهكذا يبقى صوت نتنياهو هو الحاسم.
وأشار المسؤولون عن حملة تأييد الصفقة إلى أن حسم القرار ليس مسألة أيام بل ساعات، وأن القرار يعني موت أو حياة شاليت. وفي كل الأحوال فإن المعلقين السياسيين في إسرائيل يشددون على أنه، وتحت تشديد الرقابة، يمكن القول إن المفاوضات في ذروتها، وأنها مع ذلك لم تبلغ نهايتها. ويؤكد المعلقون أن النقطة الحاسمة الآن لدى نتنياهو هي رفضه السماح بالإفراج عمن يعتبرهم «قتلة» في الضفة الغربية، ما قد يشكل خطرا لاحقا على الإسرائيليين. ولهذا السبب فإن نتنياهو يصر على إبعاد هؤلاء إلى خارج الضفة، إما إلى غزة أو الدول العربية.
من جهة ثانية، تصاعد التوتر بين الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة الغربية بعد تسريب وثيقة أعدها الجيش الإسرائيلي لتطبيق قرار تعليق أعمال بناء جديدة في مستوطنات الضفة الغربية. ووصف قادة المستوطنين الوثيقة بأنها «إعلان الحرب» عليهم، فيما شددت حركة «سلام الآن» على أنها لا تتعدى كونها تضليلا وأن الحكومة تتعامل مع المستوطنين بقفازات من حرير.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد