إسرائيل تقرّ تبادل الأسرى الأربعاء عند الناقورة

14-07-2008

إسرائيل تقرّ تبادل الأسرى الأربعاء عند الناقورة

اكتملت الصورة المتعلقة بعملية تبادل الأسرى بين »حزب الله« واسرائيل. الموعد صار نهائيا: التاسعة من صباح يوم الأربعاء المقبل. المكان حسم أيضا، وهو نقطة الحدود اللبنانية الفلسطينية في الناقورة وباشراف الأمم المتحدة التي ستتمثل بممثل الأمين العام للأمم المتحدة غيرهارد كونراد.
أما التسمية، فقد أقرتها قيادة »حزب الله« في الساعات الأخيرة، حيث أطلق على صفقة التبادل »عملية الرضوان«، وذلك في معرض تكريم الشهيد المقاوم عماد مغنية الذي لعب دورا بارزا في هذا الملف الأمني والعسكري البالغ الأهمية والتعقيد والسرية.
ومن المتوقع أن يعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله عن التسمية في المهرجان السياسي الشعبي الكبير الذي سيقام في استقبال الأسرى عصر يوم الأربعاء المقبل في الضاحية الجنوبية لبيروت.
أما المراحل و»الأثمان« فصارت معروفة أيضا وتشمل افراج اسرائيل عن عميد الأسرى اللبنانيين والعرب سمير القنطار وأربعة من رفاقه الأسرى هم خضر زيدان وماهر كوراني ومحمد سرور وحسين سليمان، بالاضافة الى تسليم جثامين عدد من الشهداء المقاومين الذين سقطوا خلال »حرب تموز« و١٩٩ من رفات المقاومين الذين سقطوا في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي منذ أكثر من ثلاثة عقود حتى الآن.
وفي المقابل، يسلم »حزب الله« اسرائيل الجنديين المختطفين ايهود غولدفيسر والداد ريغيف، بالاضافة الى رفات وأشلاء عدد من الجنود الاسرائيليين الذين سقطوا خلال »حرب تموز«.
وقالت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في بيروت ان »حزب الله« تسلم في الساعات الأخيرة من الوسيط الدولي (كونراد) التقرير النهائي حول مصير الدبلوماسيين الايرانيين الأربعة ويتضمن شرحا تفصيليا للتحقيق الذي قام به الاسرائيليون في لبنان بواسطة محققين استجوبوا قيادات أمنية وسياسية في »القوات اللبنانية« قدموا افاداتهم حول ظروف توقيف الايرانيين الأربعة ومرافقهم اللبناني بالاضافة الى ظروف نقلهم من معبر المدفون الى العاصمة اللبنانية.
وأوضحت المصادر نفسها أن الجانب الاسرائيلي تسلم أيضا من الوسيط الدولي التقرير الذي سلمه له »حزب الله« في الأسبوع المنصرم حول الطيار الاسرائيلي المفقود رون آراد.
وأشارت المصادر الى أن الوسيط الدولي سلّم أمس، الى كل من »حزب الله« والحكومة الاسرائيلية نسخة رسمية عن الاتفاقية النهائية الموقعة من الجانبين ومن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة.
وأفاد ضباط في »اليونيفيل« وشهود عيان في منطقة الناقورة أنهم لاحظوا طوال نهار أمس، قيام عناصر مدنية من »حزب الله« بمسح المنطقة برفقة ضباط دوليين، وترافق ذلك مع قيام الجانب الاسرائيلي بعملية مماثلة في الجانب الاسرائيلي المؤدي الى الناقورة، فيما بدأت تجري ترتيبات لوجستية لعملية التبادل وأبرزها احضار الاسرائيليين تجهيزات وتقنيات خاصة بفحص الحمض النووي.
وفي الموضوع المتصل باستقبال الأسرى، صار مؤكدا أن الاستقبال سيتم على ثلاثة مراحل، أولها الاستقبال التكريمي الذي سيقتصر على المقاومة وحدها في الناقورة للأسرى والشهداء، حيث لن يكون بمقدور الأهالي والاعلاميين الوصول الى مكان عملية التبادل.
أما المرحلة الثانية، فتشمل نقل الأسرى الخمسة بواسطة طوافات دولية أو أخرى تابعة للجيش اللبناني من الناقورة الى مطار رفيق الحريري الدولي.
وفي مطار بيروت، يقام للأسرى احتفال رسمي يشارك فيه الرؤساء الثلاثة وحشد من القيادات الرسمية والسياسية والروحية والدبلوماسية والعسكرية.
أما المرحلة الثالثة، فتمتد من مطار بيروت حتى مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية أو ملعب الراية في الصفير، حيث سيقام مهرجان سياسي وشعبي كبير يتحدث فيه السيد حسن نصر الله ويعلن فيه عن الاسم الذي اختارته قيادة الحزب للعملية «عملية الرضوان« ويعرض لوقائع متصلة بعملية التبادل بالاضافة الى أبعادها وتداعياتها السياسية والأمنية...
وفي موضوع جثامين الشهداء المقاومين، أفاد مراسل »السفير« في فلسطين المحتلة أن الجيش الاسرائيلي، الذي كان قد حوّل منطقة »مقبرة الأرقام« في مستوطنة عميعاد في الجليل الأعلى في شمال فلسطين المحتلة، الى منطقة عسكرية مغلقة، حتى الثالث عشر من تموز، شارف على الانتهاء من عملية نبش القبور الـ،١٩٩ وقام بنقل رفات المقاومين الى برادات خاصة، حيث بدأت عملية توضيب الجثامين ووضع شريط لاصق على كل تابوت يتضمن مكان الاستشهاد وتاريخه وفي حالات محددة أسماء المقاومين اذا كانت بحوزتهم أوراق ثبوتية لحظة استشهادهم.
وكان من المتعذر حتى يوم أمس، معرفة ما اذا كانت المقبرة تضم مقاومين سقطوا على أرض فلسطين بعد أن انطلقوا من الأراضي اللبنانية أو أنها تشمل أيضا حالات من المقاومين الذين سقطوا في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي في الأراضي اللبنانية المحتلة وتم دفنهم لاحقا في »مقبرة الأرقام«.
وتردد أنه سيكون من الصعب على الجانب الاسرائيلي ارسال لائحة مسبقا باسماء أو تواريخ وأمكنة استشهاد الـ١٩٩ شهيدا، ومن المرجح أن تسلم اللائحة في لحظة عملية التبادل في الناقورة، على أن تتخذ اجراءات خاصة بالشهداء اللبنانيين والفلسطينيين يعلن عنها في وقت لاحق، فضلا عن ارجاءات خاصة بالأسرى الخمسة.
وفي خطوة تنفيذية هي الاولى من نوعها بموجب القانون الإسرائيلي، أعلنت مصلحة السجون أسماء الأسرى اللبنانيين الخمسة المراد الإفراج عنهم بعد غد الاربعاء، في وقت تسلمت إسرائيل تقرير »حزب الله« عن مساعيه لمعرفة مصير أراد. وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية انه إضافة إلى سمير القنطار، سيتم الإفراج عن كل من خضر زيدان، محمد سرور، ماهر كوراني وحسين سليمان.
وجاء في بيان مصلحة السجون انه »في التاسع والعشرين من حزيران قررت الحكومة الموافقة على هيكل اتفاق للإفراج عن الجنديين الإسرائيليين المختطفين في لبنان، يعاد بموجبه إيهود غولدفيسر والداد ريغيف، ويفرج عن سمير القنطار وأربعة مقاتلين غير قانونيين لبنانيين تحتجزهم إسرائيل«. وأكد البيان ان عملية الإفراج عن هؤلاء ستنفذ ابتداء من يوم الأربعاء المقبل.
ويأتي الإعلان عن الاسماء، في إطار قرار الحكومة أواخر الشهر الماضي الموافقة على صفقة التبادل مع »حزب الله«. ويهدف نشر الأسماء إلى تمكين من يريد الاعتراض على الإفراج عنهم امام المحكمة العليا فعل ذلك خلال ثمان وأربعين ساعة من أجل عدم عرقلة التنفيذ لاحقا.
وجاء الاعلان عن اسماء الاسرى المراد الافراج عنهم، قبل ثمان وأربعين ساعة من الموعد المقرر ان تصادق فيه الحكومة الإسرائيلية بشكل نهائي على الصفقة في جلسة خاصة تعقد غدا الثلاثاء.
وتجدر الإشارة الى ان الحكومة الإسرائيلية كانت قد أقرت الصفقة بغالبية ٢٢ وزيرا ومعارضة ٣ فقط. وليــس هناك من يشكك في ان الحكومة في اجتــماعها الثلاثاء ستصــادق على الصفقة بشكل نهائــي بحيـث يتم التنفـيذ في الناقــورة يوم الأربعاء.
وبعد المصادقة على الصفقة، يفترض ان يوجه وزير العدل دانييل فريدمان توصية تحريرية إلى الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز بمنح العفو للأسرى اللبنانيين الخمسة.
ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية صورتين جديدتين لرون أراد أرفقهما »حزب الله« بتقريره عن مساعيه لمعرفة مصيره. وتعود الصورتان وكذلك مقاطع من مذكرات يومية كان يكتبها أراد وسلمت لذويه، إلى العام ١٩٨٧ قبل اختفاء آثاره. وبين المعطيات التي وصلت إسرائيل، ثلاث رسائل كتبها أراد لزوجته تامي.
ويشدد تقرير »حزب الله« الذي سلم باللغة العربية ويحوي حوالى ثمانين صفحة، على فرضية ان اراد قد لقي حتفه وانه ليس بالوسع معرفة مكان دفنه. ويشير إلى نوعية المساعي والتحقيقات والحفريات التي قام بها »حزب الله« لمعرفة مكان دفن أراد والتي لم تقد في نهاية المطاف إلى حل لغز اختفائه.
وقد تسلم تقرير اراد فور وصوله إلى إسرائيل، رؤساء الأجهزة الأمنية في »الشاباك« و»الموساد« والاستخبارات العسكرية وكذلك مسؤول ملف أراد الجنرال إيلان بيران لدراسته ووضع استنتاجاتهم أمام الحكومة يوم الثلاثاء.
وينقسم تقرير »حزب الله« إلى قسمين، ويحوي القسم الأول حوالى ثمانين صفحة ذات طابع تقريري، فيما أن القسم الثاني هو عبارة عن ردود »حزب الله« حول اسئلة قدمتها إسرائيل. وبحسب موقع »معاريف«، فإن مصدرا أمنيا قال أنه »ليس في التقرير أي جواب حول مصير رون أراد. ولكن حزب الله عرض تقديرات تنبع من التحقيقات والفحوص التي أجراها بهذا الشأن«.
ونقلت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية آراء مسؤولين أمنيين يؤكدون بأن التقرير لم يلق الضوء على أية معلومات جوهرية جديدة بخصوص مصير اراد.
وأوضحت مصادر إسرائيلية ان التقرير حول أراد أثار تساؤلات بشأن ما يمكن لـ»حزب الله« ان يعرفه. ورأت عائلة أراد في وصول مقاطع من اليوميات التي كان يكتبها الملاح الجوي في أسره واختفاء مقاطع أخرى، دليلا على ان بوسع »حزب الله« فعل المزيد. وطالبت العائلة عبر المقربين منها الحكومة بعدم إغلاق ملف أراد والعمل على بذل المزيد من الجهد.
وعلق وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك،الذي اجل زيارته الى الولايات المتحدة، اثناء مداولات امنية على تقرير »حزب الله«. وقال إن التقرير »كما وصل من حزب الله لا يوفر جوابا واضحا بشأن مصيره ولا يحل المشكلة«. وأضاف في إشارة إلى المصادقة المنتظرة على صفقة الاسرى »نحن ملزمون بمواصلة العمل واستيضاح مصيره، ورغم ذلك فإني كوزير للدفاع، كرئيس أركان وكقائد سابق، أشعر بالتزام قيادي أخلاقي بمواصلة العمل من أجل إعادة إلداد ريغيف وايهود غولدفيسر إلى بيتهما«.
من جهة اخرى، وعد رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على هامش القمة المتوسطية في باريس، بالإفراج عن أسرى فلسطينيين من تنظيم فتح كنوع من مبادرة حسن نية له ومن دون ارتباط بصفقات التبادل الجاري البحث فيها مع كل من حماس و»حزب الله«. ولم تتعهد إسرائيل لعباس بالإفراج عن عدد محدد من الأســرى أو عن نوعية معينة ولا حتى عــن مــوعد محدد.
وأشار معلقون إسرائيليون إلى ان رجال السلطة الفلسطينية أبدوا احتجاجهم أمام المسؤولين في حكومة أولمرت. وقالوا إن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين فقط في صفقات تبادل مع حماس و»حزب الله« يضعف الرئيس محمود عباس. وقال هؤلاء لنظرائهم الإسرائيليين ان الانطباع المتولد من صفقات التبادل هو ان إسرائيل تخضع لمطالب »القوى الإرهابية« وتمتنع عن الاستجابة لمطالب الســلطة »الــتي تـرفض الإرهاب«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...