أوروبا تنافق فلسطين: منتجات الاستيطان أولاً
بالرغم من اعتراضه المتواصل على سياسة إسرائيل الاستيطانية، لا يزال حجم واردات الاتحاد الأوروبي من منتجات المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة 15 مرة أكثر من المنتجات الفلسطينية، بحسب ما نقلت مراسلة الشؤون الفلسطينية في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عميرة هاس عن تقرير بعنوان «يتاجرون بالسلام: كيف يساهم الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية»، والصادر عن 22 منظمة دولية لحقوق الإنسان. وتزداد مفارقة هذا المعطى بمقارنتـه مع الكلام الأوروبي عن مناهضـة الاستيطان في الضفـة الغربيـة واعتـباره غير مشـروع وعقبـة أمـام الـسلام.
ووفقاً للتقرير «يعيش في الضفة الغربية المحتلة أكثر من أربعة ملايين فلسطيني وأكثر من 500 ألف مستوطن، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي يستورد من المستوطن الواحد مئة مرة أكثر من الفلسطيني»، ما يعني أن النسبة المذكورة تمثل التناقض بين تصريحات الاتحاد عن عدم شرعية المستوطنات والدعم الفعلي لها، حيث أن التجارة معها تبطل جدوى مليارات من اليورو التي تستثمرها أوروبا في بناء الدولة الفلسطينية.
وأشارت هاس إلى أن حجم استيراد منتجات المستوطنات إلى أوروبا يعتبر قليلاً مقارنة بالاستيراد الإسرائيلي بمجمله، وهو يبلغ 300 مليون دولار سنوياً، بحسب البنك الدولي، من أصل 15,35 مليار دولار. ولكن هذا الاستيراد من المستوطنات 15 مرة أكثر من استيراد المنتجات الفلسطينية، الذي لا يزيد في حجمه السنوي عن 20 مليون دولار.
وبيّنت «هآرتس» أن حوالي 66 في المئة من الصادرات الإسرائيلية من الفواكه والخضار يصل إلى أوروبا. وفي ظل غياب معطيات تفصيلية، يقدر واضعو التقرير بأن لمنتجات المستوطنات نصيباً كبيراً في هذا التصدير. فعلى سبيل المثال، أكثر من 80 في المئة من التمور التي تنتج في غور الأردن مخصصة للتصدير. وفي العام 2011، تمّ تصدير 25 ألف طن من التمور من إسرائيل، من بينها 12 ألف من غور الأردن. وفي المقابل، ينتج الفلسطينيون سنوياً حوالي 2500 طن من التمور فقط، ولا يصدر منها سوى حوالي 300 طن. ولا يعتبر التقرير هذا الفارق «صدفة»، بل يُذّكر بأنه من جهة تقدم إسرائيل للمستوطنات امتيازات مالية ذات مغزى، وقدرة للمستوطنين على الوصول إلى الأراضي والموارد المائية، لكنها من جهة ثانية، تقلص النشاط الاقتصادي الفلسطيني بتقييد الوصول إلى الأراضي في المنطقة «ج» وفي التوزيع غير المتساوي للمياه.
ويشير التقرير، الذي أوردته صحيفة الـ«تلغراف» البريطانية أيضاً، إلى أنه من بين واردات المستوطنات، العنب، والأعشاب، والحمضيات، وأدوات التجميل المصنعة من موارد البحر الميت، لافتاً إلى أن مجموعة كبيرة من تلك المنتجات مصنفة «صُنع في إسرائيل».
ونقلت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، عن وليام بيل من منظمة «كريستيان إيد» المساهمة في التقرير، أن «أوروبا تقول إن المستوطنات تعتبر غير شرعية وفقاً للقانون الدولي، وبالرغم من ذلك فإنها تواصل التجارة معها»، مشيراً إلى أن «المستهلكين يساهمون بطريقة غير مقصودة في هذا الظلم عبر شراء منتجات مصنفة من إسرائيل، لكنها في الحقيقة من المستوطنات في الضفة الغربية».
وبحسب بحث أجرته وزارة الاقتصاد الفلسطينية، فإن الاقتصاد الفلسطيني يخسر سنوياً حوالي سبعة مليارات دولار بسبب سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية والقيود التي تفرضها.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فان حجم الصادرات الفلسطينية اليوم لا يتعدى 15 في المئة من الناتج الفلسطيني المحلي، مقابل أكثر من 50 في المئة من الناتج المحلي في ثمانينيات القرن الماضي. وبالتالي فإن القيود الإسرائيلية تعطل التبرعات المالية الأوروبية للسلطة الفلسطينية.
وفي مقدمة التقرير، كتب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي بين العامين 1993 و1999 هانز فان دان بروك، أن «سياسة الاستيطان الإسرائيلي غير المنقطع» هي العامل الحاسم في جمود المسيرة السلمية، مضيفاً «نحن الأوروبيين فشلنا في ترجمة الأقوال إلى أفعال». ودعا القيادات الأعلى إلى تبني الـ12 اقتراحاً التي يعرضها التقرير، ومن بينها إلغاء الدعم للمستوطنات عملياً.
ولكن بعثة الاتحاد الأوروبي في إسرائيل علقت على التقرير قائلة إنه «يقدم مساهمة هامة في نقاش الموضوع. فوزارة خارجية الاتحاد الأوروبي لا تتفق مع كل الاستنتاجات التي توصل إليها».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد