أقبية الأبنية في ريف دمشق ممنوع إفرازها عقارياً والتصرف بها مخالف للقوانين
منع القانون إفراز الأقبية في مناطق في ريف دمشق إلى مقاسم مستقلة وتسجيلها وفراغها في السجل العقاري وتالياً منع بيعها ما جعلها تمثل مشكلة حقيقية لدى الكثير من أصحاب البناء وللراغبين في الشراء، ففي رخص بناء العقارات أصبح القبو يعد كما أسطح الأبنية من الأجزاء المعدة للاستخدام المشترك لجميع سكان البناء، فهو ملكية مشتركة بين جميع أصحاب الشقق في البناء الواحد، وهو من حيث المبدأ وجد لأغراض الدفاع المدني في أيام الحرب وللاستفادة منه كمستودع للأغراض الشخصية في أيام السلم، ولكن مَنْ يستفيد منه لهذه الاغراض فعلاً في هذه الأيام؟!
وربما هذا ما دفع البعض لبيع الأقبية بطرق غير قانونية بموجب عقد بيع أو تنازل رضائي عن الملكية المشتركة في القبو أو تأجيره احتيالاً على القانون، إذاً الأغلبية لا يريدون شراء ولا الاحتفاظ بالقبو الخاص بشقتهم من دون الاستفادة منه، وهذا ما يفسر إشغال معظم الأقبية بطرق غير قانونية، ومعظم مالكي الشقق غير مستعدين لدفع ثمن حصتهم من القبو فيما لو خيروا لمجرد الاحتفاظ به كمستودع، ولاسيما أن هذه الحصة ستبقى ملكية مشتركة ولن تصبح ملكية خاصة، وهذا ما يفسر تنازل الكثيرين منهم عن حصتهم في القبو لمصلحة صاحب البناء، والمفارقة أن الكثير من هذه الأقبية مؤجر على أرض الواقع لعيادات طبية ومكاتب محامين ومشاغل وورش حرفية وأخرى صناعية وصالونات حلاقة ومستودعات تجارية وغيره، والسؤال العجيب كيف يتم ترخيص هذه العيادات وغيرها في الأقبية مادام القانون يمنع بيعها وتأجيرها وإفرازها؟!
فمن يريد شراء شقة مثلاً تجده مستعداً لدفع ثمن أمتار مساحة شقته مضافاً إليها أمتار حصته من مدخل البناء فقط بينما لا يقبل أن تضاف مساحة حصته من القبو إلى مساحة الشقة عند شرائها، أي إن الأغلبية موافقون على تحميل مساحة مدخل البناء على جميع الشقق وغير موافقين على تحميل مساحة القبو على الجميع، لذلك يشترون الشقق فقط من دون أقبيتها، ويبقى القبو مقسماً مستقلاً من دون إفراز لأن الجميع يهرب منه وغير مستعد لدفع ثمنه والتخلي عنه لمجرد أنه مستودع.
تنازل غير قانوني
المجاز في تعقيب المعاملات (م.ر) رأى أن عدم إفراز الأقبية بعد العام 2003 يسبب الكثير من المشكلات للمواطنين ومنها أنه بات يحتسب سعر متر القبو على المواطن الذي يشتري شقة مثله مثل سعر متر الشقة، مضيفاً: المواطن لا يستطيع أن يتحمل هذه التكلفة وفي بعض الأحيان يتم التنازل عن القبو للغير لصاحب البناء مثلاً بشكل غير قانوني ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات فيما لو كان هناك بيع جديد للشقة ذاتها لأن الشاري الثاني للشقة يمكن أن يطالب بهذا الحق لأنه مثبت له في السجل العقاري بموجب أن القبو ملكية مشتركة حسب رخصة البناء، وأفاد بأن هناك عقوداً وهمية باستئجار الأقبية مدة 99 سنة، وقال: هناك بيوع وهمية للأقبية تخسر الدولة رسومها فلماذا نحن لا نقوم بإفرازها لتستفيد الدولة والمواطن ويمكن إيجاد طريقة في أوقات الحرب حيث يتحول القبو إلى ملجأ لمصلحة سكان البناء، مقترحاً العودة إلى قانون إفراز الأقبية.
مشكلات قانونية كثيرةالمحامي هشام الحكيم أوضح أن القانون المدني وحسب المادة 811 منه منع منعاً باتاً بيع الأجزاء المشتركة في البناء، وقال: إذا تعدد ملاك الطبقات لدار واحدة فإنهم يعدون شركاء في ملكية الأرض وملكية الأجزاء المعدة للاستعمال المشترك مثل الأقبية والأسطح، وتالياً يمنع المساس بها، مشيراً إلى أن القانون أوجب عدم بيعها نهائياً وكل بيع على خلاف ذلك يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً. وبين أنه إذا جرى أي بيع للأجزاء المشتركة في البناء النظامي المفرز يستطيع أحد ملاك الطبقات أن يرفع دعوى استرداد حيازة أو طرد غاصب أو غصب عقار ويطلب من المحكمة إخلاء واضع اليد لأنه ملكية مشتركة، مشيراً إلى أنه يتم بيعها في بعض الأحيان بشكل مخالف بموجب عقد بيع أو بموجب تنازل عن الملكية المشتركة، وأكد أن هذا مخالف للنظام العام. كما لفت إلى أن تأجير الأجزاء المشتركة كالأقبية يعد غير صحيح حتى ولو تم بإجازة أم بموافقة جميع المالكين لأن المالك لأي جزء من العقار يمكن أن يبيعه للغير، ويمكن لهذا الغير أن يطالب بفسخ هذا العقد واسترداد القبو لأنه ملكية مشتركة.
ونصح الحكيم باستشارة المحامين عند كتابة أي عقد بيع سواء أكان لملكية مشتركة أم لملكية صحيحة تجنباً لأي إشكال، كأن تكون هناك إشارة دعوى على هذا العقار أو عليه إشارة حجز ولاسيما في هذه الظروف التي كثرت فيها مخالفات البناء والتعديات على الأملاك العامة والبناء خارج المخطط التنظيمي.
لكل وحدة إدارية ضابطة بناء خاصة بها
المحامي جهاد بدر الدين أوضح أن كل مدينة تستقل في نظام ضابطة البناء فيها ببعض الجزئيات عبر رفع أي تعديل لهذه الضابطة إلى اللجنة الاقليمية والحصول على موافقتها، وحالياً في كل الرخص التي تصدر عن بلديةجرمانا تعد الأسطح والأقبية ملكية مشتركة ولا يجوز بيعها أو شراؤها، مشيراً إلى أن ذلك قد يختلف من مدينة أو منطقة أخرى.
مدير التشريع العقاري في مديرية المصالح العقارية عصام قولي قال: إن عدم إفراز الأقبية في جرمانا ليس نظاماً عاماً في كل سورية، وقال: كل بلدية لها نظامها الخاص بها وكل وحدة إدارية لها نظام ضابطة بناء خاص بها، مشيراً إلى أنه ليس في الضرورة أن يكون القبو ملكية مشتركة في جميع المناطق والأحياء.
تجاوزات لجان البناء
عن هذا الموضوع قال رئيس فرع نقابة المحامين في ريف دمشق محمد أسامة برهان إن الملكيات المشتركة كالأسطح والأقبية وجدت في القانون لتخديم هذا البناء بشكل كامل، وهناك لجان في كل بناء(لجنة البناء) مسؤولة عن هذه الملكيات المشتركة، وأضاف: القانون لا يسمح ببيعها ولكن هناك طرق يقوم بها أعضاء لجان الأبنية في تأجيرها بناء على موافقة المالكين.
أما قانوناً فلا يجوز لأنها وجدت لأعمال خاصة، فالأقبية هي ملاجئ وفي حالات الأزمات والحروب يجب أن تكون جاهزة ولكن تجاوزاً بعض لجان الأبنية تقوم بالتأجير إما لمدد معينة وإما بتسليمها كـ(فروغ) ولكن بعقود إيجار من هذه اللجنة وبموافقة المالكين وإذا ما اعترض أي من المالكين في هذا البناء يُبطل أي إجراء عقود لهذه الأقبية.
وقال: كان يتم في بعض الأبنية تقسيمه رضائياً بين المالكين كمستودعات خاصة وكان بعض أصحاب البناء يستفيدون عبر تأجيره احتيالاً لأنه في الأصل ليس له رقم عقار.
مطلب لمعظم بلديات ريف دمشق
عضو اللجنة الإقليمية في محافظة ريف دمشق (ممثل وزارة الأشغال العامة والإسكان ) فيها محمد الحريري أوضح أن هناك تعاميم وبلاغات من الوزارة في هذا الخصوص كي تكون الأقبية ملكية مشتركة لكامل أقسام البناء، وبالنسبة لإفراز الأقبية قبل العام 2003 أشار إلى أنها مخالفة للتعاميم المذكورة.
وأكد الحريري ورود مقترحات لإلغاء صفة الملكية المشتركة عن القبو من مختلف المجالس المحلية في ريف دمشق، وأن أغلب البلديات لديها هذا الاقتراح وتطلب إلغاء صفة الملكية المشتركة للقبو، وقال: ولكننا لا نستطيع إلغاءه لأنه يخالف تعاميمنا.
تشرين
إضافة تعليق جديد