«الطبيب المهرّج» في مستشفيات فلسطين

بأسلوب علمي وحذر، يتنقل مهند بين غرف المستشفى، «من هنا سأبدأ»، يقرر ذلك معتمدًا على خبرة في علم نفس الأطفال اكتسبها خلال تسع سنوات.
يدخل ابن السادسة والعشرين عاماً المستشفيات بزيّ مهرج، مثيراً انتباه المرضى وتساؤلاتهم، ثم يتنقل بين الغرف للقاء الأطفال.
وهو يشرح طريقته بالقول «نمتنع أثناء تعارفنا عليه عن سؤاله عن مرضه، لكننا نقدم لهم بالونات وألعاب خفة سحرية، بهدف تنشيط ذهنه، ودفعه للتفكير بكيفية تنفيذ هذه الألعاب».
ويقوم مهند بزيارتين شهرياً لمستشفيات الضفة الغربية، مستهدفاً بشكل أساسي الأطفال بين أربعة و15 عاماً، وليعالج بأسلوبه مرضى السرطان، ويتحدث مع ذوي الحاجات الخاصة.
ولا يبدو العمل سهلاً بالنسبة للشاب الحاصل على عدد من الدورات والتدريبات في فلسطين وخارجها، فهو يؤكد التفاوت في صعوبة المهمات بين طفل وآخر بحسب المرض والعمر. ويقول إن تجاوب الأطفال يبدو أسهل كلما كبر سنهم، مشيراً إلى أن التعامل مع مريض السرطان والكفيف الأكثر صعوبة على الإطلاق.
ويوضح مهند أن العلاج يُقدّم لكل طفل على حدة، فكل حالة تحتاج إلى أسلوب تسلية يختلف عن الآخر، ما يجعل التعامل مع الأطفال بشكل جماعي غير مثمر كما الفردي. وهو يقيم درجة نجاحه بحسب مستوى تجاوب الطفل معه بالضحك والغناء وتنفيذ الطلبات.
ويبين «الطبيب المهرج» أن بعض الأطفال يتجاوبون معه بعد دقائق قليلة، فيما يحتاج الأمر لوقت أطول مع آخرين، أو أنه قد يُضطر للعودة إلى الطفل ذاته لإجراء جلسة ثانية.
ويُمارس ابن محافظة سلفيت عمل الممرضين عند الحاجة، فيغير المحلول ويسحب دم المريض، كما يرافق المرضى إلى غرف العمليات لإيهامهم بأنه مَن سيجري لهم العمليات.
ويشير إلى أن طريقة الكلام وأسلوب الضحك وألوان البالونات المقدّمة للأطفال تؤثر بشكل متفاوت على حالاتهم، قائلاً «نحن نتعامل معهم بناء على نفسياتهم، وأحياناً نضطر للتعامل بصمت وتجنب الكلام، إذا احتاج الأمر لذلك».
ويحاور مهند كذلك عائلات المرضى، ويقدم النصائح للتعامل معهم، حتى انه يقترح ألواناً معينة لأزيائهم، من شأنها التأثير على نفسيتهم ونظرتهم للحياة.
وتؤكد هذه التجربة المتواصلة منذ عام، حاجة الضفة لتدريب المزيد من المهتمين بهذا المجال، لا سيما في ظل اعتماد المستشفيات الأجنبية على مهرّجين لتسهيل المهمة على الأطباء.

(عن «نوفوستي»)