السكّري الكاذب: إنذار بوجود اختلال في الغدة النخامية

07-09-2013

السكّري الكاذب: إنذار بوجود اختلال في الغدة النخامية

عندما يصاب أحدنا بالعطش الشديد ويشرب كميات كبيرة من الماء ويطرح الكثير من البول فإن الأنظار تتجه فوراً إلى الداء السكري الذي ينتج من نقص في هرمون الأنسولين الذي تصنعه غدة البانكرياس الواقعة في القسم العلوي من البطن. لكن ماذا لو عانى الشخص من هذه العوارض وكان مستوى هرمون الأنسولين طبيعياً؟ إن أصابع الاتهام هنا يجب أن تتوجه إلى أسباب أخرى أبرزها الغدة النخامية، فتكون النتيجة العوارض نفسها التي ينطق بها الداء السكري الحقيقي، لهذا يحلو لبعضهم أن يطلق عليه لقب السكري الكاذب تمييزاً له عن السكري الحقيقي.

ويتسبب السكري الكاذب في طرح كميات كبيرة من البول في شكل متكرر وفي فترات متقاربة، ويطلق عليه اسم الكاذب لأنه لا يترافق مع ارتفاع في سكر الدم، ولا بوجود السكر في البول، بل يكون البول شفافاً عديم اللون والرائحة.

واستناداً إلى شدة الحالة، يمكن أن تتراوح كمية البول المطروحة بين الليترين يومياً إذا كان المريض يعاني حالاً معتدلة من المرض، و20 ليتراً إذا كان المريض يعاني من حال شديدة.

ويعاني الشخص المصاب بالسكري الكاذب من العطش الشديد فيشرب ثم يتبول بلا انقطاع، وقد يصل الأمر به إلى حد الامتناع عن النوم أو حتى إلى التبول في فراشه، لأن الجسم ينتج كميات هائلة من البول تكاد تساوي كمية ما يشربه من السوائل.

ويحدث السكري الكاذب عندما تتعطل الآلية التي ينظم بها الجسم طرح الماء والسوائل التي يتم استهلاكها على مدار اليوم. فالمعروف أن تصفية الدم وتكوين البول يتمان بواسطة الكليتين وذلك تحت تأثير الهرمون المضاد لإدرار البول (اسمه فازوبريسين الذي تنتجه الغدة النخامية) المسؤول عن تركيز البول الناتج وتخفيفه. وعندما ينقص الهرمون أو يغيب تضطرب تلك الآلية وتحصل العوارض، مثل كثرة الشرب وكثرة التبول.

وهناك أسباب عدة تقف خلف السكري الكاذب، منها الوراثية نتيجة خلل أصاب الجينة (المورثة) التي تدير إنتاج هرمون الفازوبريسين المضاد للإدرار البولي.

وهناك أيضاً أسباب مكتسبة تفضي إلى حدوث السكري الكاذب نتيجة خلل يصيب الغدة النخامية المفرزة لهرمون الفازوبريسين، إما نتيجة إصابتها بورم، وإما بعد إجراء عمل جراحي عليها، وإما إثر العلاج بالأشعة، أو بعد تعرض الرأس للرضوض، أو عقب الإصابة بالتهاب السحايا (الأغشية التي تلف المخ).

وفي حالات ليست بالنادرة قد ينتج السكري الكاذب عن عدم استجابة أنابيب الكلى للهرمون المضاد للإدرار نتيجة خلل في مستقبلات هذا الهرمون الخلوية ما يسفر عن فقدان كميات كبيرة من الماء في البول. أيضاً، يمكن أن يحدث السكري الكاذب أثناء الحمل أو نتيجة خلل في مركز العطش في الدماغ. وهناك السكري الكاذب النفسي المنشأ الذي يحدث نتيجة التعود على شرب الماء بكميات تفوق كثيراً ما يحتاجه الجسم.

وقد ينتهي السكري الكاذب غير المعالج بمجموعة من المضاعفات من أهمها:

- جفاف الفم.

- هبوط ضغط الدم.

- ضعف العضلات.

- ارتفاع درجة الحرارة.

- أوجاع في الرأس.

- تسارع دقات القلب.

- ضياع الوزن.

- حدوث اضطرابات في تركيز الشوارد، خصوصاً البوتاسيوم والصوديوم.

- خلل في حموضة الدم.

- التشنجات العضلية.

- فقدان الوعي والغيبوبة.

كيف يشخص مرض السكري الكاذب؟

يعتمد تشخيص داء السكري الكاذب على ملاحظة شكاوى المريض، خصوصاً العطش وكثرة التبول، وطبعاً فإن هذين العارضين يجعلان الطبيب يشك، للوهلة الأولى، بمرض السكري الحقيقي، لكن بعد أن يتبين له أن مستوى السكر في الدم طبيعي فإن الشكوك تتجه نحو إصابة المريض بمرض السكر الكاذب.

وكي يتأكد الطبيب من التشخيص يطلب من المريض إجراء مجموعة من التحاليل، أهمها قياس أملاح الدم، خصوصاً الصوديوم والكلورايد، بعد منع المريض من شرب الماء لمدة محسوبة. وقد يحتاج المريض أيضاً إلى عمل أشعة مقطعية أو مغناطيسية للمخ في محاولة لكشف السبب الفعلي. ويمكن للطبيب أن يلجأ إلى اختبار الحرمان من الماء بعد إدخاله إلى المستشفى، إذ يمنع المريض من شرب أية سوائل، ومن ثم تراقب كمية البول، وإجراء تحليل له.

كيف يعالج داء السكري الكاذب؟

يقوم العلاج على الأسس الآتية:

1- إعطاء المصاب ما يحتاجه من السوائل التي فقدها للحفاظ على مستواها الطبيعي.

2- إعطاء الهرمون المضاد لإدرار البول للتعويض عن نقصانه أو غيابه في الجسم، ويتوافر العلاج في أشكال عدة كالبخاخ والأقراص التي تؤخذ عن طريق الفم أو تمص تحت اللسان. وعلى المريض أن يثابر على العلاج مدى الحياة.

3- إذا كان السكري الكاذب ناتجاً من كثرة شرب الماء فإن العلاج يقوم على الإقلال من شرب الماء تدريجاً حتى بلوغ الكمية اليومية التي يحتاجها الجسم في اليوم.

ويصيب مرض السكري الكاذب واحداً من بين 25 ألف شخص، وتكون نسبة الإصابات متعادلة لدى الذكور والإناث.

وحتى الأطفال الرضع لا يسلمون من شر مرض السكري الكاذب الذي يعطي لديهم المظاهر الآتية:

- البكاء غير المبرر.

- كثرة تبليل الحفاضات.

- جفاف الجلد.

- برودة الأطراف.

- فقدان الوزن.

- التأخر في النمو.

أما عند الأطـــفال الأكبــر ســناً فإن التبول في الفراش، وفقدان الشهية، وخلل النمو، والإعياء، والتعب، تكون من أكثر العوارض شيوعاً.

ويحتاج الأطفال المصابون بالسكري الكاذب إلى متابعة دقيقة لمؤشرات معينة، خصوصاً تلك التي ترتبط بنمو الطفل، ووزنه، وطوله، ودرجة الجفاف لديه، ومستوى الأملاح في الدم، فمتابعة هذه المؤشرات أساسية وجوهرية عند كل زيارة يقوم بها الطفل إلى الطبيب أو إلى المستشفى.

أخيراً، إن السكري الحقيقي والسكري الكاذب مرضان يتشابهان بالاسم وفي بعض العوارض، لكنهما في الواقع مرضان مختلفان ولا علاقة بينهما. وفي أغلب الأحيان فإن مرض السكري الكاذب ينتج من نقص الهرمون المضاد لإدرار البول.

 الغدة النخامية

تقع الغدة النخامية في الجزء الأسفل الأمامي من الدماغ، في مكان حصين نوعاً ما. وتفرز هذه الغدة هرمونات عدة هي:

1- الهرمون اللوتيني، وهو مسؤول عن التبويض وإفراز هرموني الإستروجين والبروجيسترون من المبيض عند الإناث، وإفراز هرمون التيستوستيرون من الخصية عند الذكور.

2- الهرمون المنبه للجريب، المسؤول عن تحرير هرمون الإستروجين من المبيض عند الإناث.

3- هرمون البرولاكتين، الذي يعمل على تهيئة الثدي لإفراز الحليب.

4- هرمون النمو، ويقوم بوظائف كثيرة، أهمها نمو العظام والأنسجة.

5- الهرمون المحفز للغدة الدرقية.

6- الهرمون المحفز للغدة فوق الكلية.

7- الهرمون المضاد لإدرار البول.

د. أنور نعمة

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...