مصر: الإفراج عن مبارك يُربك المشهد السياسي

22-08-2013

مصر: الإفراج عن مبارك يُربك المشهد السياسي

أربك الحكم الصادر عن محكمة استئناف شمال القاهرة بإخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، المشهد السياسي المصري المضطرب أصلا. وبالرغم من أن هذا الحكم كان متوقعاً، خصوصاً أن قرارات مماثلة قد صدرت لصالح مبارك بعد انقضاء الفترة القانونية لأوامر الحبس الاحتياطي في القضايا التي تجري محاكمته بشأنها، وأخطرها قضية قتل المتظاهرين، إلا أن رمزية إطلاق سراح الرئيس المخلوع، وتوقيت هذه الخطوة أثارا مخاوف الكثيرين من ردّة على «ثورة 25 يناير»، وما تلاها من موجات ثورية، أبرزها موجة «30 يونيو» التي تصارع على جبهتي الداخل والخارج. رجل يستقل دراجة نارية أمام نصب لمبارك جرى تخريبه غداة «ثورة 25 يناير»، في القاهرة أمس (رويترز)
وبين التهويل من خطورة هذا التطوّر باعتباره عودة إلى ما قبل 25 كانون الثاني العام 2011، وبين التقليل من أهمية الحكم القضائي، باعتبار أن حكم الشعب المصري على الرئيس المخلوع قد صدر بالفعل يوم 11 شباط العام 2011، وهو غير قابل للطعن أو الإلغاء، فإن سجن طرّه، الذي استقبل بالأمس المزيد من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين»، قد بدأ يستعد لوداع مبارك، ولو مؤقتاً بالنظر إلى استمرار محاكمته في قضية قتل المتظاهرين، حيث من المتوقع أن ينفذ حكم إخلاء السبيل اليوم، وذلك بعد احجام النيابة العامة على الطعن فيه، فيما ذكر التلفزيون المصري أن نائب الحاكم العسكري (رئيس مجلس الوزراء) قد اتخذ قراراً بوضع الرئيس المعزول قيد الإقامة الجبرية بموجب قانون الطوارئ المطبق حالياً.
وقرنت غرفة المشورة في محكمة استئناف شمال القاهرة قبول النظر في التظلم الذي تقدّم به المحامي فريد الديب على قرار حبس مبارك احتياطيا على ذمة قضية الفساد المعروفة إعلامياً باسم «هدايا الاهرام»، وبالتالي الموافقة على اخلاء سبيله. وقال الديب ردا على سؤال بشأن موعد إطلاق سراح موكله، إن ذلك قد يكون اليوم، فيما أعلنت النيابة العامة أن الحكم نهائي وغير قابل للطعن، ما يعزز فرضية الإفراج عن الرئيس المعزول اليوم.
ولن يسمح لمبارك بمغادرة البلاد وستظل أصوله مجمدة، خصوصاً أنه لا يزال يحاكم في قضية قتل المتظاهرين، التي ستستأنف جلسات إعادة المحاكمة فيها يوم الأحد المقبل.
ومن المستبعد أن يكون أمام مبارك مستقبل سياسي لكن الافراج أثار غضب المصريين، وخصوصاً شباب «ثورة 25 يناير». 
يأتي ذلك، في وقت تستمر المواجهة بين السلطات المصرية المؤقتة وجماعة «الإخوان المسلمين»، التي ما زالت تئن تحت ضربات أجهزة الأمن، التي تمكنت يوم أمس من توقيف الداعية الإسلامي الشهير صفوت حجازي على مقربة من الحدود المصرية الليبية والقيادي في «حزب الحرية والعدالة» مراد علي في مطار القاهرة الدولي لدى محاولته الفرار إلى إيطاليا، وذلك بعد يوم على نجاح السلطات الأمنية في اعتقال المرشد العام لجماعة «الإخوان» محمد بديع.
وفي موازاة ذلك، تتصاعد الضغوط الدولية على السلطات المؤقتة، وسط تحذيرات من قبل المسؤولين المصريين من خطورة ما تنتهجه الدول الغربية من سياسات ضد «العهد الجديد» المنبثق من «30 يونيو»، سواء لجهة التلويح بقطع المساعدات الاقتصادية أو لجهة المواقف التصعيدية التي كان آخرها يوم أمس، قرار أوروبي بوقف تصدير المعدات الأمنية وبعض الأسلحة إلى مصر.
وخلال اجتماع استثنائي في بروكسل خصص للأزمة المصرية، قرّر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مراجعة المساعدات الممنوحة لمصر، ردا على تصاعد اعمال العنف التي أودت بحياة مئات الاشخاص منذ اسبوع.
وأوضح الوزراء الأوروبيون أن بلدان الاتحاد الأوروبي «اتفقوا على تعليق تراخيص التصدير للتجهيزات التي يمكن استخدامها في اطار القمع الداخلي»، بحسب البيان الذي اشار الى أن المساعدات الأمنية المقدّمة لمصر ستتم «مراجعتها».
وأعلنت غالبية دول الاتحاد الاوروبي في وقت سابق تعليق تسليم شحنات الأسلحة الى مصر بسبب الأزمة.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إثر الاجتماع إن الاتحاد الاوروبي سيراجع المساعدة المهمة التي يقدمها الى مصر الا أن «المساعدة المخصصة للأكثر حاجة ستبقى قائمة».
وأضافت اشتون «اكدنا دعمنا لشعب مصر التي تمثل شريكا اساسيا» للاتحاد الاوروبي، لكنها أضافت «ندين بشدة كل اعمال العنف ونعتبر أن الأعمال التي قام بها العسكريون مؤخرا كانت غير متناسبة. ندعو الأطراف كافة الى انهاء اعمال العنف».
في المقابل، حذر رئيس الحكومة المصري حازم الببلاوي الولايات المتحدة من أنها سترتكب خطأ في حال علّقت مساعداتها العسكرية السنوية لمصر بقيمة 1,3 مليار دولار، مؤكدا أن بوسع مصر إيحاد حل لهذا الأمر من دونها.
وقال الببلاوي، في مقابلة مع شبكة «اي بي سي نيوز»، الاميركية إنه في حال قررت واشنطن قطع مساعداتها العسكرية «فذلك سيكون اشارة سيئة وسوف يؤثر على الجيش لبعض الوقت... ولكن يجب الا ننسى أن مصر عاشت مع الدعم العسكري لروسيا وقد بقينا على قيد الحياة. لن يكون الامر اذاً نهاية العالم وبوسعنا أن نتعايش مع ظروف مختلفة».
من جهته، قال وزير المال المصري أحمد جلال إن مصر قادرة على أن تتجاوز أي توقف محتمل للمساعدات الأوروبية أو الأميركية، وأنه يمكنها الحصول على الأموال التي تحتاجها من الدول العربية.
بدوره، قال المستشار الإعلامي للرئاسة المصرية احمد المسلماني، خلال زيارته مقر «حزب الوفد» في إطار التواصل مع القوى السياسية المصرية، إن «البعض يتصور أن الضغوط الخارجية قد تؤثر على مصر... ولكن صوت مصر لن يكون إلا من القاهرة».
وشدّد على أن الدولة المصرية ماضية في خريطة طريق المستقبل التي ستبني وطنا حديثا يليق بالمصريين.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...