ازدياد المتاجرة بالكلى وتراجع نسب التبرع و50 دعوى بيع كلية بدمشق وريفها في 2013
وهي تمضي في سرد القصة، تبدو «سميرة أحمد» عاجزة عن تصديق ما حصل معها حين علمت أن كليتها التي تبرعت بها على خلفية إنسانية بحتة، تم قبض ثمنها من قبل قريب لها وهي التي وافقت على التبرع لمريض كفعل خير. قصة سميرة التي روتها في بهو القصر العدلي بدمشق، تتلخص بأن ابن خالتها طلب منها التبرع بكليتها لمريض بحاجة ماسة لها، وبعد التحاليل الطبية التي أظهرت تطابقا في الأنسجة، تمت العملية بنجاح، وقبل أن تتماثل للشفاء علمت سميرة عن طريق المصادفة أن المريض عرض على أبن خالتها مبلغ 200 ألف ليرة سورية تحت مسمى «تقديرا لجهوده»؟!
وقالت سميرة: ألقي القبض عليه ابن خالتي مؤخرا، ليتبين بأنه اتفق سابقا مع المريض على مبلغ من المال مقابل البحث له عن كلية، معتبرة نفسها الضحية وأنها أقدمت على هذه الخطوة لمساعدة المريض دون مقابل، إلا أن ابن خالتها بات اليوم تاجراً يبيع الأعضاء لمن يحتاجها مستغلا حاجة المرضى من جهة والتلاعب بأقاربه وغيرهم ممن يتوافر لديهم الاستعداد للتبرع مدفوعين بإنسانيتهم.
أرقام مخففة
لا تعد قصة سميرة فريدة من نوعها، إذ إن مصادر قضائية كشفت عن أن عدد الدعاوى المتعلقة في المتاجرة بالكلية لا تتجاوز 50 دعوى بدمشق وريفها في 2013، مرجعة قلة مثل هذا النوع من الدعاوى إلى أسباب تتعلق بعدم وجود ثقافة لهذا النوع من الجرائم في سورية.
وبينت المصادر أن القوانين السورية تشددت في مسألة المتاجرة بالكلى بشكل خاص، وبالأعضاء بشكل عام، مشيرة إلى أن هناك مرسوما بهذا الصدد يمنع المتاجرة بأعضاء البشر، باعتبارها من أخطر الجرائم التي عرفتها البشرية.
من جهته أعتبر أستاذ كلية الحقوق محمد خير العكام أن مثل هذه الجرائم تدخل في باب الاحتيال وأن قانون العقوبات العام تشدد في مسألة الاحتيال، إلا أنه أستدرك قوله إن مثل هذه الجرائم يجب أن تطبق بحق فاعلها أشد العقوبات بما فيها عقوبة الإعدام.
وقال العكام: إن المتاجرة بأعضاء البشر أمر خطير وخارج عن كل عرف أو دين، ولذلك لابد من تطبيق أشد العقوبات بحق من يتاجر بالأعضاء.
عجز حكومي
مديرة المركز الوطني للتبرع بالكلية الدكتورة لينا الأسعد علقت على القضية بالقول إن زراعة الكلية لغير الأقارب منتشرة بشكل كبير، وفي الوقت ذاته تراجعت نسب التبرع لغير الأقارب، مؤكدة أن ذلك يؤشر إلى زيادة المتاجرة بها بشكل كبير.
وأضافت الأسعد: إن المرسوم الصادر في عام 2010 قونن عمليات الزرع لغير الأقارب شريطة إلا يكون هناك أي استفادة مادية أو أن تشتري الدولة الكلية أو جهة ثانية بمعنى أن تقوم الدولة بتعويض المتبرع مقابل كليته، مشيرة إلى أهمية المركز الوطني بقيامه في هذه المهمة.
واعترفت مديرة المركز الوطني أن المركز لم يأخذ دوره بشكل فعال باعتبار أن هذا المركز أحدث قبل الأزمة بفترة قصيرة جداً على الرغم أن المركز قدم إحصائيات هامة في 2011 و2012 كاشفة أن نسبة التبرع في 2013 كانت قليلة جداً مقارنة في العامين الماضيين.
ودعت الأسعد إلى تطبيق فكرة الموت الدماغي، مشيرة إلى أن الفكرة تتلخص بأخذ كلية الأشخاص الذين ماتوا دماغيا باعتبار أن حياتهم أصبحت ميئوساً منها.
وأشارت الأسعد إلى أنه كان هناك اتفاق مع وزارة العدل والمؤسسات الدينية والاجتماعية في الدولة للعمل على تطبيق هذه الفكرة، كاشفة عن أنه تم الاتفاق مع وزارة العدل على تشكيل لجان متخصصة في هذا الجانب إلا أن وزارة الصحة لم تضع الأمر من ضمن وأولوياتها.
وختمت الأسعد أن الحكومة لم تستطع حتى اللحظة من ضبط عملية زرع الكلية لغير الأقارب، باعتبار أن هناك صعوبة في عملية وضع معايير للتبرع بالكلية.
محمد منار حميجو
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد