الاتحاد الأوروبي يحرج إسرائيل: المستوطنات خارج الاتفاقيات المشتركة

17-07-2013

الاتحاد الأوروبي يحرج إسرائيل: المستوطنات خارج الاتفاقيات المشتركة

وجه الاتحاد الأوروبي ضربة سياسية شديدة للحكومة الإسرائيلية بإقراره أن الاتفاقات المعمول بها مع إسرائيل لا تسري على المستوطنات في الضفة الغربية. ومن المقرر أن يدخل القرار الأوروبي حيز التنفيذ عملياً السنة المالية المقبلة على أن يسري لست سنوات مقبلة. وبذلك يكون الاتحاد الأوروبي قد نفّذ تهديده بوجوب التمييز التام بين ما يسري على إسرائيل في حدود العام 1967 وما يسري خارجها.
وقد دان نائب وزير الخارجية الإسرائيلية زئيف ألكين الموقف الأوروبي، واعتبر أنه لا يساعد على إحلال السلام في المنطقة. وبرغم الموقف الأوروبي، فإن موقع «يديعوت» الإلكتروني نشر أن إسرائيل تخطط لإقرار بناء أكثر من ألف وحدة سكنية في المستوطنات في الضفة الغربية.أفراد من عائلة «أبو جابر» الفلسطينية يتناولون طعام الإفطار في المقبرة حيث تسكن العائلة في وسط غزة أمس الأول (ا ب ا)
وأعلنت المفوضية الأوروبية أمس، أن اللوائح الجديدة للاتحاد الأوروبي التي تستبعد رسمياً المستوطنات من اتفاقيات التمويل والتعاون بين الاتحاد والهيئات الإسرائيلية الخاصة والحكومية ستدخل حيز التنفيذ في العام 2014. وقال المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون إن القرار يتفق مع رأي الاتحاد الأوروبي بعدم شرعية بناء مستوطنات داخل حدود العام 1967.
من جهته، رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ما وصفه بـ«الإملاءات» الأوروبية. وقال نتنياهو في اجتماع وزاري طارئ «لن نقبل بإملاءات من الخارج بشأن حدودنا»، مضيفاً إن «هذه المسألة لن تُحسم إلا في إطار مفاوضات مباشرة بين الأطراف».
ويعتبر القرار الأوروبي الذي عمّم أصلاً في 30 حزيران الماضي ملزماً لأعضاء الاتحاد الـ28، ويحظر أي تمويل، أو تعاون أو تقديم هبات، وجوائز لجهات تقيم في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس، وكل ما يقع خارج الخط الأخضر، وفي هضبة الجولان المحتلة. ويعتبر هذا القرار استكمالاً لقرار اتخذه مجلس الاتحاد في كانون الأول العام 2012 بوجوب إحداث التمييز الواضح بين جانبي الخط الأخضر.
ويشير القرار إلى أن كل اتفاق مستقبلي مع إسرائيل يستلزم الإقرار بأن المستوطنات ليست جزءاً من دولة إسرائيل السيادية، وبالتالي ليست جزءاً من الاتفاق. وحدّد القرار المعايير للتعاون مع إسرائيل الرسمية والشعبية والتي ستدخل حيز التنفيذ غداً الخميس.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي كبير قوله إن القرار الأوروبي هو نوع من «هزة أرضية»، وأن الجانب الأهم هو «البند الإقليمي» الذي يظهر كقاعدة ملزمة في الاتفاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وهو خطوط الرابع من حزيران العام 1967. وأضاف المسؤول إن «هذه هي المرة الأولى التي يعمم الاتحاد الأوروبي فيها توجيهاً رسمياً وصريحاً كهذا. وحتى اليوم كانت هناك تفاهمات وحتى اتفاق صامت بأن الاتحاد الأوروبي لا يعمل خارج الخط الأخضر، وهم الآن يقلبون الأمر إلى حظر رسمي وملزم». وشدّد على أن مغزى القرار عملي لكنه سياسي في الأساس، إذ كيف ستوقع حكومة إسرائيل من الآن فصاعداً على اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي تنصّ على أن المستوطنات ليست جزءاً من الدولة.
وأوضحت «هآرتس» أن في ديوان رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية خوفاً حقيقياً من القرار الأوروبي وعواقبه على علاقات إسرائيل بدول الاتحاد. وقد أخفقت كل مساعي نتنياهو ووزارة الخارجية وجهات أخرى في منع صدور القرار الأوروبي الجديد.
وقد طلبت جهات أوروبية من إسرائيل بدء محادثات مع الاتحاد بهذا الشأن، خصوصاً أن اتفاقاً جديداً بشأن «EuroMed Youth» (الشباب الأوروبي ـ متوسطي) يجري التفاوض حوله، ويسري عليه القرار الجديد بشأن «البند الإقليمي». كما يسري القرار على مشروع الإدارة والتطوير الأوروبية، الذي تنوي إسرائيل التوقيع على اتفاق بشأنه مع الاتحاد قريباً.
وكان الاتحاد الأوروبي قد زاد في السنوات الأخيرة من انتقاداته لإسرائيل بسبب توسيعها للمستوطنات. وتعتبر أوروبا الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، كما أنها تمول مشاريع خدماتية وبحثية كثيرة في الدولة العبرية. ومراراً طلبت دول أوروبية من إسرائيل تمييز منتجات المستوطنات في الضفة الغربية عن سواها من المنتجات الإسرائيلية لتعاملها بشكل مختلف. ومن البديهي أن القرار الأوروبي في أساسه يوجّه ضربة لمساعي إسرائيل فرض أمر واقع على العالم وإجباره على التعامل مع الضفة الغربية، وكأنها أرض متنازع عليها مع الفلسطينيين.
واضطر نتنياهو فور علمه بالقرار الأوروبي لعقد مشاورات مع كل من وزير الاقتصاد نفتالي بينت ووزيرة العدل المكلفة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين تسيبي ليفني. كما أظهر القرار الأوروبي الخلافات السياسية الحادة داخل الحكومة الإسرائيلية، إذ أعلن نائب رئيس الحكومة وزير المالية يائير لبيد أن «الوقت لا يعمل لمصلحتنا»، وأن كل يوم يمرّ «من دون مفاوضات يلحق بمكانة إسرائيل الدولية الضرر». وأضاف إن «القرار الأخير جزء من سلسلة طويلة من القرارات التي تقود إلى عزلة إسرائيل في العالم».
واعتبر نائب وزير الخارجية زئيف ألكين القرار الأوروبي مقلقاً جداً، ويجعل من المتعذر جداً على إسرائيل إدارة الاتفاقيات مع أوروبا. وأشار إلى أنه «لا ريب في أن القرار الأوروبي يعزز انعدام رغبة الفلسطينيين في الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وهذا خطأ جسيم لن يضيف شيئاً لا للأمن ولا للسلام، ويعزز الرفض الفلسطيني».
وأشار زعيم حركة «شاس» السابق إيلي يشاي إلى «وجوب إبداء الأسف لأن الأوروبيين يواصلون سلوكهم المنحاز عبر اتخاذ تدابير غير مشروعة. إن موقفهم مهم، لكن الأهم هو رأي مواطني إسرائيل وإيمانهم، وواجب الدولة بضمان الأمن والدفاع».
ولكن زعيمة حركة «ميرتس» زهافا غالئون رأت أن الاتحاد الأوروبي صنع جميلاً مع إسرائيل برسمه الحدود التي عجزت حكومة إسرائيل عن رسمها. وقالت «هذا ليس مقاطعة لإسرائيل، وإنما تمييز بين إسرائيل وبين المستوطنات والاحتلال. والقرار هو ثمرة الجمود التام في العملية السياسية واستمرار البناء في المستوطنات».
وكتب المحرر السياسي في «هآرتس» باراك رابيد أن الأوروبيين يريدون بذلك بناء «سور صيني» بين منظومة علاقاتهم مع دولة اسرائيل الشرعية ومنظومة علاقاتهم مع دولة المستوطنات غير الشرعية. وهكذا، كما يدعون، سيمنع التدهور في المنحدر السلس الذي يمكنه أن يؤدي الى مقاطعة عامة للمنتجات الاسرائيلية في أوروبا، على نمط المقاطعة التي فرضت على نظام الأبرتهايد (الفصل العنصري) في جنوب افريقيا.
وفي الأيام الأخيرة، منذ عاد من الصين، يجري وزير الاقتصاد المقابلات الصحافية، مدعياً أن مكانة اسرائيل العالمية لم تكن في أي وقت سابق افضل مما هي عليه اليوم. ووصف الأمثلة على عزلة اسرائيل في العالم بأنها «تلفيقات»، أما التحذيرات من المقاطعات فوصفها بـ«التباكي». ولكن بينت مخطئ، فخطوة الاتحاد الأوروبي تظهر إلى أي درك وصلت مكانة اسرائيل في أوروبا، وكم هي خطيرة العزلة الدولية التي تنزلق اليها.
وعلى خلفية القرار الأوروبي بشأن المستوطنات نشر موقع «يديعوت» الإلكتروني أن مجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنية الإسرائيلية سيعقد اليوم اجتماعاً لإقرار خطة لبناء 1071 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية. ومن المقرر بناء هذه الوحدات في مستوطنات «إفرات» و«شيلا» في جنوب الضفة، و«غلغال» و«ألموغ» في غور الأردن، وفي «موديعين العليا» في غرب رام الله.
واعتبرت حركة «السلام الآن» المناهضة للاستيطان أن موجة المصادقات على البناء هذه «لم يسبق لها مثيل في حجمها. وهي تبث للعالم بشكل واضح أن الحكومة لا تريد عملية سلمية».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...