حكومة إسرائيلية «مفككة» أمام الكنيست اليوم: وزراء أشكيناز وانفجار «ليكودي» على الأبواب
أبلغ رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو مساء أمس الأول الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بنجاحه في تأليف الحكومة الجديدة. وتقرر أن تعقد الكنيست اليوم اجتماعاً لمنحها الثقة، وإجراء مراسم أداء اليمين القانونية لأعضائها. وبادر الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تهنئة نتنياهو بهذا النجاح.
ومع ذلك فإن الحكومة حتى وقت متأخر من مساء أمس لم تكن قد أنجزت تماماً. فقد نجح نتنياهو فعلاً في الاتفاق مع كل من «حركة» تسيبي ليفني و«هناك مستقبل» يائير لبيد و«البيت اليهودي» لنفتالي بينت على تأليف الحكومة الجديدة. ولكنه لم يكن قد نجح بعد في إقناع أعضاء الليكود بتقبل المصير ولا بإرضائهم بالحقائب القليلة الباقية كمناصب لأناس ذوي ذاتية عالية جداً.
وقد انتقل الخلاف من طواقم المفاوضين مع الأحزاب الأخرى إلى أعضاء الكنيست في الليكود الطامحين لمناصب عالية والتي لم يبق منها إلا القليل. وعملياً من بين الوزارات الممنوحة لليكود تم إشغال وزارتي الدفاع والداخلية بسهولة بمنح الأولى للجنرال موشي يعلون والثانية للوزير المتنفذ والمُبعد عن وزارة التعليم، جدعون ساعر. وبرغم وعود نتنياهو بأنه لن يظلم أياً من وزرائه السابقين، إلا أنه يواجه مشكلة حقيقية مع نائب رئيس الوزراء سيلفان شالوم، وليس معه فقط. وما زاد الطين بلة أيضاً أن عدد الوزراء تقلص إلى 22 وأيضاً عدد نواب الوزراء.
ولاحظ كثيرون أن التوتر أمس بلغ ذروته في الليكود، حيث أكد عدد من قادة الحزب أنهم لن يقبلوا المناصب التي عرضها عليهم نتنياهو. وكانت تقديرات سابقة قد أشارت إلى أن اعتراض القادة في الليكود على عروض نتنياهو قد يؤدي إلى انتفاضة داخلية، لكن لا يبدو حتى الآن أن انفجاراً على وشك الحدوث.
وقد دخل أعضاء الكنيست من الليكود واحداً تلو آخر على نتنياهو يوم أمس للإطلاع على ما خصصه لهم من مناصب. ويحاول نتنياهو توزيع المناصب الوزارية ورئاسة لجان الكنيست على النواب من حزبه. وتحدثت التقديرات عن أن معظم أعضاء الكنيست من الليكود خرجوا خائبين من لقائهم مع نتنياهو. وكان أول الخائبين عضو الكنيست داني دانون، الذي نال المرتبة الخامسة في الانتخابات الداخلية لليكود، لكن كل ما عرضه نتنياهو عليه هو منصب نائب وزير الدفاع.
ولكن أبرز الخائبين، فهو نائب رئيس الحكومة الحالي سيلفان شالوم الذي يأمل نتنياهو إبقاءه في منصبه وزيراً لتطوير النقب والجليل، في حين كان هو يطمح لتطوير مكانته بحيث يغدو وزيراً للشؤون الاستراتيجية. ويختلف شالوم عن سواه بأنه شرقي ويميل للتهديد، وهذا أمر حساس الآن في ظل اعتبار الحكومة الحالية حكومة أشكيناز.
وبديهي أن بين الخائبين أيضاً وزير المالية السابق يوفال شتاينتس الذي يشعر أنه مضطر للقبول بمنصب أقل قيمة. ويمكن الإشارة إلى أن عناوين الخيبة هذه تثير تقديرات باحتمالات تفجّر الوضع في الليكود لاحقاً.
ولكن المسـألة ليست شخصية وحسب وإنما تتعلق بتوجهات الحكومة في المستقبل. وهكذا فإنه مقابل التفصيل في كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية في الخطوط الأساسية للحكومة هناك ما يشبه الغياب عن السياسة الخارجية، خصوصاً إزاء التسوية. فقد تناول الاتفاق الائتلافي المسألة الفلسطينية بشكل بالغ العمومية، وأشار إلى أن «إسرائيل ستسعى إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي معهم ينهي النزاع. إذاً ما تحقق اتفاق سياسي فسيعرض لإقراره على الحكومة، والكنيست، وإذا كانت حاجة فعلى استفتاء شعبي». وتجدر الإشارة إلى أن بند السلام لا يرد إلا في النقطة قبل الأخيرة من الاتفاق الائتلافي مع «هناك مستقبل»، ولا يظهر البتة في الاتفاق مع «البيت اليهودي».
في كل الأحوال تمنح الحكومة الجديدة خصومها في المعارضة أوراقاً كافية لمهاجمتها. فهذه الحكومة، في نظر المتدينين، علمانية معادية للمتدينين برغم وجود حزب ديني فيها.
ولكن وجود حزب متديّن قاد زعماء الحريديم إلى تصنيفه كحزب كافر واعتبار رئيس الحكومة أقرب إلى الشيطان. إلا أن حكومة نتنياهو في صورتها العامة حكومة «بيضاء»، وهي ممثلة للأشكيناز وتخلو المناصب العليا فيها من الشرقيين، كما أن كل زعماء الأحزاب الخمسة المشاركة فيها هم من الأشكيناز. وبديهي أن ليس هناك أفضل من ذلك لحركة «شاس» «الشرقية» كي تهاجم وتحرق هذه الحكومة في أوساط الشرقيين في إسرائيل. وبحسب قراءة أولية فإن 80 في المئة من الوزراء أشكيناز و80 في المئة أيضاً علمانيون.
وربما أن هذا الواقع هو ما يريده بعض أطراف الحلبة السياسية الإسرائيلية: تركيز على الوضع الداخلي وتجاهل للسياسة الخارجية. ويعتقد البعض أن بوسع الحكومة الجديدة إعادة تشكيل المجتمع الإسرائيلي على أسس جديدة. لكن قراءة المعطيات الفعلية تشير إلى أن الحكومة لن تتمكن من إقرار أي خطوات جدية على صعيد ما يعرف بالوضع القائم في إسرائيل لجهة العلاقة بين الدين والدولة. ولا يقلّ أهمية عن ذلك أن مثل هذه الحكومة قابلة للتفكك مع أول محاولة خارجية لتحريك مسألة التسوية أو ممارسة ضغوط على إسرائيل بسبب الوضع الإقليمي أو الفلسطيني.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد