تونـس: المشـاورات لتشـكيل الحكومـة مستمرة الشارع غاضب من «مكافأة العريض على فشله»
يصمّ رئيس الوزراء التونسي المكلّف علي العريض آذانه، كما حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة التي ينتمي إليها، عن اعتراضات الشارع التونسي على تعيينه. يمضي قدماً في مشاورات تشكيل الحكومة، التي ينبغي أن يختار وزراءها قبل انتهاء مهلة الأسبوعين التي بدأت يوم الجمعة الماضي عند تكليفه. وفيما بقيت نتائج الجهود التي بذلها في اليومين الماضيين طيّ الكتمان، كانت حركته تسعى إلى تشكيل ائتلاف خماسي حاكم بدل الثلاثي، وذلك قبل نهاية شهر شباط الحالي.
أما الشارع التونسي، الذي بدا مذهولاً بمكافأة وزير الداخلية السابق (العريض) على فشله، وتسليمه الحكومة خلفاً لحمادي الجبالي المستقيل، فقد نزل في تظاهرات مندداً بالقرار، داعياً من جهة أخرى إلى الكشف عن قتلة المناضل شكري بلعيد ومحاسبتهم، مع العلم أن شريحة واسعة من التونسيين وبينهم عائلة بلعيد نفسها تتهم «النهضة»، و«الداخلية» تحديداً، بالاغتيال.
وفيما لم يصدر عن العريض، الذي وعد فور تكليفه بـ«حكومة لكل التونسيين والتونسيات»، أي تصريح، تعددت تصريحات قادة «النهضة» وأحزاب أخرى حول تشكيلة الحكومة المستقبلية. وهكذا، أعلن مرشد الحركة التاريخي راشد الغنوشي أن حكومة ائتلاف خماسي ستعلن قبل نهاية الشهر الحالي.
ويتوقع أن تضم هذه الحكومة الخماسية، إضافة إلى حزب «النهضة»، حليفيه السابقين حزب «المؤتمر» الذي أسسه الرئيس منصف المرزوقي و«التكتل» بزعامة رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، وحزب «الوفاء للثورة» (منشق عن «المؤتمر») وكتلة «الحرية والكرامة» (إسلامية).
ويواجه هذا الائتلاف تحديات عدة، أبرزها طلب «المؤتمر» و«التكتل» إسناد الوزارات السيادية إلى مستقلين، بينما تتردّد «النهضة» في ما يتعلق بوزارة الداخلية ويرفض حزب «الوفاء» مسألة التحييد تماماً.
وفي سياق متصل، كشف رئيس كتلة «النهضة» في «التأسيسي» صحبي عتيق أن ست وزارات يتولاها حزبه و«المؤتمر» والتكتل» لن يحدث فيها تغيير.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الناحية النظرية يمكن لـ«النهضة» الذي يملك 89 نائبا في المجلس أن يجمع بسهولة الأغلبية اللازمة لتنال الحكومة الثقة، وهي 109 من أصل 217 عضواً في المجلس.
وبرغم سهولة نيل الحكومة ثقة «التأسيسي»، لكن ذلك لن يلغي واقع الحاجة إلى ثقة الشعب التونسي، وهو الاحتمال الأوحد لإخراج تونس من أزمتها. وكان تكليف العريض أثار مخاوف عدة، لا سيما لجهة ما يعرف عن قدومه من الجناح المتشدد في «النهضة»، بعكس الجبالي الموصوف بأنه معتدل الذي استقال بسبب فشل مبادرته تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبيّة. أضف إلى ذلك حصيلة عمل العريض في وزارة الداخلية، التي تنفي ما قاله الغنوشي عن «ارتباط العريض بعلاقات جيدة مع كافة مكونات الطبقة السياسية». ويؤخذ عليه مثلاً تنامي تيار سلفي عنيف منذ 18 شهرا وقمع التظاهرات المطلبية مثل تلك التي شهدتها سليانة، التي سقط خلالها 300 جريح، وانتشار السلاح.
وبموازاة الحراك السياسي، كان الشارع التونسي يغلي. وقد تدفق المتظاهرون، الذين بلغ عددهم حوالي ثلاثة آلاف، إلى شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بدعوات عبر موقع «فايسبوك» ودعم الأحزاب المعارضة، رافعين شعارات مناوئة لحركة «النهضة» ورئيس الوزراء الجديد، ومنها «ارحل يا عريض» و«الشعب يريد إسقاط النظام» و«النهضة تكافئ فشل العريض» و«من قتل شكري بلعيد؟».
وكعادتها في الردّ على التظاهرات المندّدة بشرعيتها، لجأت «النهضة» إلى ورقة «التدخل الأجنبي» التي استعانت بها بعد مقتل شكري بلعيد مباشرة. وهكذا، ندّد الغنوشي في حديث مع «جورنال دو ديمانش» الفرنسية بما اعتبره إهانة من تصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس عن «الفاشية الإسلامية». كما وصف العلاقة بين تونس وفرنسا بـ«المعقدة» لأن فرنسا هي «البلد الأقل فهماً للإسلام والتونسيين»، معلّقاً «نعم، إننا نشعر بالاهانة. يكفي التنزه لملاحظة أن المسجد مفتوح، كما أن الحانات والشواطئ مفتوحة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد