شحّادين يا بلدنا
نهضت اليوم وفتحت الخزانة بحثاً عن كلسون يناسب الأجواء السياسيّة اللبنانية. فوجدت ثيابي الداخليّة وبنطلوناتي وقمصاني كلّها ممزّقة. وحين أخبرت الجيران، قالوا إنّ ما حصل لثيابي حصل لثيابهم ولثياب الحيّ كلّه.
وما هي إلا دقائق حتّى استنفر الأهالي وتجمّعوا أمام مداخل بناياتهم. لكنّ صاحب «ميني ماركت» الحيّ طلب منهم الهدوء، وعدم تضخيم الأمور. فما جرى قد جرى بأمر من وزير الداخلية اللبناني بالوكالة، وبإيعاز من رئيس الحكومة اللبناني. إذ تبيّن أنّ عمليّة تمزيق منظّمة لثياب المواطنين قامت بها فرقة «الخزّيقة». وهي فرقة من الأمن الداخلي استحدثت للحلول محلّ «النظام الأمني اللبناني السوري المشترك».
كان الهدف الأساسي من العمليّة التدرّب على مكافحة الشغب والإرهاب. فقد تبيّن، بعد الاطّلاع على بعض الرسائل المشفّرة، أنّ الإرهابيّين يرتدون خلال تنفيذ عمليّاتهم ثياباً. وكان لهذه المعلومة وقعها القويّ على رئيس جهاز فرقة «الخزّيقة». فأمر بتدريب فوريّ لقوى الأمن على تمزيق الثياب.
أمّا فكرة القيام بـ«بروفة» على سكّان الحيّ، فتعود، في الواقع، إلى رئيس الحكومة شخصيّاً. ذلك أنّ مشهد المواطنين بثياب ممزّقة يسهّل تلبية طموح قديم لديه لتصوير الشعب اللبناني كلّه كمجموعة متسوّلين. فهذا مشهد لا يفوَّت فيما نحن على أبواب باريس 3.
حين تركت الحيّ، لمحت من بعيد جهاد أزعور يجلس على الرصيف المقابل. كانت يده داخل الجفصين، وأمامه علبة «تشكلس». وكان يتمتم، كالعادة، كلمات غير مفهومة.
خالد صاغية
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد