الصحافة الأمريكية اليوم
انصب اهتمام الصحف الأميركية اليوم الثلاثاء على ملفين أساسيين هما العراقي والانتخابات الأميركية، فتحدثت عن خطوات يتعين على واشنطن اتباعها لدرء الفوضى في العراق، ونشرت استطلاعا يؤكد تأييد المستقلين للديمقراطيين.
تحت عنوان "محاولة احتواء كارثة العراق" قالت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها إن القضية، بصرف النظر عما يقوله الرئيس الأميركي جورج بوش، لا تتعلق بكسب أميركا للحرب في العراق، بقدر ما إذا كانت واشنطن تستطيع أن تخلص نفسها دون أن تخلف وراءها حربا أهلية لا نهاية لها وتنشر مزيدا من الفوضى والمعاناة في الشرق الأوسط في الوقت الذي يتكاثر فيه الإرهاب في العالم.
ورأت أن أقصى ما يمكن للولايات المتحدة أن تقوم به الآن هو محاولة بناء قوات الأمن العراقية التي تؤلها لاحتواء الصراع بحيث لا يلتهم المجتمع العراقي أو يندلق على جيرانه، ودفع القادة في العراق نحو الإطار السياسي الذي يحتاجونه إذا ما رغبوا في الحفاظ على وحدة بلادهم.
وطرحت الصحيفة عدة خطوات على واشنطن أن تقوم من شأنها أن تقلل من فرص نشوب فوضى عارمة بعد انسحاب القوات منها، وعلى رأسها تنحية وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد سيما أنه لا أمل بتغيير الإستراتيجية هناك طالما أنه يتربع على عرش وزارة الدفاع (البنتاغون).
وقالت إن طرد رمسفيلد من منصبه قد يبعث برسالة للقادة العسكريين في الميدان مفادها أن الإدارة الأميركية تريد الآن أن تسمع الحقيقة حول كل ما يحتاجونه وما يمكن وما لا يمكن إنقاذه.
ومضت تقول إن على بوش أن يوضح بجلاء أن الولايات المتحدة لن تحتفظ بقواعد دائمة في العراق، حيث إن الجميع في العراق والشرق الأوسط يحتاجون إلى إشارات قوية تؤكد أن الجنود ليسوا هناك لتعزيز أجندة إمبريالية أميركية.
ومن تلك الخطوات أيضا مطالبة الحكومة العراقية بالمضي قدما في حوار المصالحة وتحقيق الاستقرار في بغداد، لأن ذلك يشكل حافزا للسياسيين العراقيين لإظهار استعدادهم للمصالحة.
كما يتعين على الإدارة الأميركية أن تطلب مساعدة من جيران العراق وتبدي استعدادها لتوسيع الحوار مع دمشق وطهران لتتجاوز القضية العراقية حتى تكون وسيطا حقيقيا للسلام في الشرق الأوسط.
من جانبها قالت صحيفة كريستيان سيانس مونيتور في افتتاحيتها إن احتمال استيلاء الديمقراطيين على الكونغرس قد يحمل الحزبين الجمهوري والديمقراطي مسؤولية الملف العراقي متسائلة، هل يمكن للديمقراطيين والرئيس بوش أن يعملا معا على خطة مشتركة للخروج من مأزق العراق؟ لتجيب بأن ثمة العديد من الخطط المحتملة بمختلف أنواعها تشير إلى أن الإجماع ممكن.
وأردفت قائلة إن حرص الحزبين على ألا يكونا مسؤولين عن انفجار الشرق الأوسط إلى جانب الصراع الشيعي السني أو خلق أرضية منتجة للإرهاب وتصديره من عراق ما بعد المرحلة الأميركية، ينبغي أن يوحدهما للعمل على رسم إستراتيجية خروج تعكس الحقائق على الأرض في العراق وحالة الأميركيين النفسية لتقليل الخسائر في الأرواح والأموال، وإصلاح الانقسامات السياسية إزاء إدارة هذه الحرب.
أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست بالتعاون مع شبكة (إي بي سي) الإخبارية أن الجمهوريين قبل الانتخابات النصفية يخسرون المعركة لنيل أصوات المستقلين الذين يؤيدون الآن بقوة الديمقراطيين بشأن العراق وقضايا أخرى تواجه البلاد.
وقالت الصحيفة إن الاستطلاع يعكس مدى التراجع الذي تهدد به الحرب على العراق المرشحين الجمهوريين في السباق التنافسي، إذ إن الأميركيين اعتبروا أن الحرب هي أكثر القضايا أهمية في تحديد أصواتهم الشهر المقبل، بنسبة 76% لصالح الديمقراطيين مقابل 21% للجمهوريين.
وأشارت إلى أن المستقلين سيلعبون دورا حيويا في انتخابات الشهر المقبل لأن الديمقراطيين والجمهوريين يتوحدون أساسا خلف مرشحي حزبهم فقط، لافتة النظر إلى أن 95% من الديمقراطيين سيدعمون المرشحين الديمقراطيين للكونغرس بفارق بسيط عن الناخبين الجمهوريين (88%) لصالح مرشحيهم.
ومضت تقول إن المستقلين سيفضلون الديمقراطيين بقوة، غير أن الحافز وراء ذلك يأتي بسبب عدم رضاهم عن الجمهوريين وليس تحمسا منهم للحزب المعارض.
وأعرب المستقلون في الاستطلاع عن تشاؤمهم إزاء الحرب في العراق والحالة العامة فيها، حيث قال 23% إن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح مقابل 75% اعتبروا أن الأمور خرجت عن مسارها.
علقت صحيفة يو أس إي توداي على العاصفة النارية التي انطلقت على ألبرتو فرناندز وهو مسؤول في الخارجية الأميركية، على خلفية وصفه للسياسة الأميركية في العراق بأنها غبية في مقابلة له مع قناة الجزيرة، قائلة إن الرسالة الجوهرية -أن الولايات المتحدة تعيد النظر في سياستها بالعراق وترحب بالحوار- تاهت وسط سباق محموم للصراحة في العالم وخلقت عاصفة في واشنطن.
وقالت إن فرناندز كان دون أدنى شك غير مؤدب وأخطأ في توصيل الرسالة، ولكنه أصاب كبد الحقيقة، سيما أن الصراع الأميركي في العراق وصم بالشجاعة والتضحية والنوايا الحسنة، ولكن تلك المعاني أصيبت بشلل عبر القرارات الخرقاء والرفض المتغطرس لسماع النصيحة.
ومضت تقول إن المسؤولين في إدارة بوش همشوا قبل الحرب الضباط العسكريين الذين دعوا إلى عدد أكبر من قوات الاحتلال، واستبدوا على المحترفين في المخابرات الذين أعربوا عن شكوكهم بالأدلة التي تفيد بأن لدى الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أسلحة دمارا شاملا.
وتابعت أن الاحتلال كان سريعا وحاسما ولكن الأخطاء توالت وعلى رأسها تفكيك الجيش العراقي وتطهير البيروقراطيين من حزب البعث والتغاضي عن عملية السلب والنهب والفوضى التي عمت البلاد والإخفاق في تأمين العشرات من مخازن الأسلحة والتقليل من أهمية العداوة القديمة بين السنة والشيعة.
واختتمت بالقول إن فرناندز قال ما توصل إليه أخيرا المؤيدون للحرب والموالون للإدارة وما استنتجه مشاهدو الجزيرة منذ زمن.
واضافت أن الصراحة تعزز المصداقية، ولكنه يبدو أنه في واشنطن فقط، ربما، تُعتبر الصراحة خطأ فادحا.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد