أكبر صلوات جماعية منذ 400 سنة ترتفع في روسيا
إنها المرة الأولى منذ ما يزيد على 400 سنة التي تحشد فيها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية مئات ألوف الأتباع في اكبر صلوات جماعية، اجتاحت روسيا المترامية الأطراف من أقصاها إلى أقصاها، وارتفعت فيها دعوات المؤمنين دفاعا عن الكنيسة الروسية التي يقول رعاتها إنها تتعرض إلى هجوم غير مسبوق ممن يطلق عليهم تعبير «الليبراليين» الذين يطالبون بإجراء «إصلاحات جذرية» على المؤسسة الكنسية المعروفة بأنها أكثر مؤسسات المجتمع الروسي حفاظا على التقاليد والتمسك بالتراث.
وكانت آخر مرة لبى فيها مئات ألوف الروس نداء الكنيسة وخرجوا للدفاع عن روسيا ودحر القوات البولونية الغازية في تشرين الثاني من العام 1612. ودخل الحدث التاريخ باعتباره يوم الوحدة الروسية، وصار عيدا وطنيا يحتفى به في الرابع من تشرين الثاني كل عام منذ وصول فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة في العام 2000 .
وخلال الشهور الماضية، تعرضت عشرات الكنائس إلى هجمات وعمليات تخريب طالت أيقونات، لا تقدر قيمتها بثمن، خطتها ريشة كبار رسامي روسيا التاريخيين، بدم القلب، كما يقول المؤمنون، منها أيقونة «العذراء حامية مدينة قازان» وأيقونة «صلب المسيح» وأكثر من 300 ايقونة نادرة اخرى، تعرضت الى التشويه على يد مجهولين في مختلف الكنائس على امتداد مدن واقاليم روسيا التي تشهد منذ انفراط عقد الاتحاد السوفياتي انبعاثا دينيا، تتوج بمنح الكنيسة الأرثوذكسية دورا بارزا في الحياة الثقافية والاجتماعية وعلى صعيد القرارات السياسية بعد عقود من الانزواء والعزلة.
PUSSY RIOT
وبلغت ذروة الاعتداءات على الكنيسة، باقتحام تسع عازفات شبه عاريات من فرقة Pussy Riot كاتدرائية «المسيح المخلص» على مسافة كيلومتر واحد من قصر الكرملين، في 21 شباط الماضي، وتقديم عرض إباحي على مذبح الكنيسة استغرق بضع دقائق قبل ان تتمكن الشرطة من إلقاء القبض على ثلاثة من الراقصات وهرب الأخريات. وكن ينشدن على وقع موسيقى صاخبة «أيتها العذراء خلصينا من بوتين ومن كيريل» والمقصود رئيس الوزراء الفائز بولاية رئاسية ثالثة، وراعي الكنيسة الأرثوذكسية الذي وجه بعد الحادث نداء الى الرعية بالدفاع عن الكنيسة عبر اقامة الصلوات في عموم روسيا. وجرى اختيار يوم امس موعدا لصلوات جماعية. ويصادف هذا اليوم في التاريخ الكنسي، يوم القديس توما الرسول الذي شكك بقيامة المسيح. وبعد ثمانية ايام، ظهر يسوع لتلاميذه مرة اخرى وكان توما معهم.
وفي القداس الضخم الذي غصت به كاتدرائية «المسيح المخلص» وصولا الى الساحات والشوارع المجاورة، ذّكر راعي الكنيسة الروسية البطريرك كيريل المحتشدين بآيات من انجيل يوحنا وخطبة المسيح «لأنك رأيتني يا توما آمنت! طوبى للذين آمنوا ولم يروا».
زيوغانوف الارثوذكسي
حادث الاقتحام الاباحي لكاتدرائية «المسيح المخلص « في موسكو، اثار جدلا سياسيا وحقوقيا في روسيا .
وبينما تبنت بعض منظمات حقوق الانسان في روسيا وخارجها الدفاع عن حق فرقة PUSSY RIOT في التعبير، ضجت مختلف الاوساط الروسية ضد المجموعة وحماتها وطالبت بأقصى العقوبات ضد المنشدات الثلاث اللواتي جرت احالتهن الى المحكمة بتهمة الاعتداء على الذوق العام والتصرف غير المسؤول في الاماكن العامة. ويمكن ان يتعرضن الى السجن لمدة عامين او اكثر. وانبرى محامون ليبراليون للدفاع عنهن واقتحم اسم الفرقة الاباحية نشرات الاخبار واصبحن شهيرات بين عشية وضحاها، الامر الذي يفسر ربما فعلتهن التي هزت روسيا ودفعت مئات ألوف اتباع الكنيسة الارثوذكسية للخروج امس في صلوات جماعية لم تشهدها روسيا منذ قرون.
المفارقة ان زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف كان سباقا إلى شجب الحادث. واصدر الحزب بيانا يدافع عن الكنيسة الروسية باعتبارها «احد أعمدة الدولة التي يريد الاعداء اسقاطها بعد ان هدوا اعمدة الجيش والامن والصناعة والزراعة واشاعوا الاباحية في المجتمع». ومع ان تصريحات زيوغانوف وبيان الحزب لم تحدد بالاسم من هم «الاعداء»، بيد ان ادبيات الشيوعيين وخطابهم السياسي توجه عادة، اصابع الاتهام الى الغرب واتباعه ومريديه في روسيا، مع ايماءات تبدو واضحة في بعض الاحيان الى بعض المراكز المالية والدوائر السياسية في روسيا والتي لها امتدادات في اسرائيل.
سلام مسافر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد