نساء لمصارعة الرجال... هناك متعة
تقفز مارتا لا التونا من فوق حبال الحلبة وتلقي بخصمها على الأرض، ثم تنقض على رأسه، الأمر الذي ينتزع صرخات الإعجاب والحماسة من حناجر الحضور في ساحة المصارعة في مدينة إل التو في بوليفيا.
غير أن لالتونا واسمها الحقيقي جيني ماماني ليست مصارعة عادية، بل هي واحدة من أشهر مصارعات بوليفيا العالميات اللاتي يرتدين زيهن التقليدي داخل الحلبة، بما في ذلك القلنسوة. وعلى الرغم من قدرتها، لا تزال ماماني تشعر بالخوف قبل المباراة لا سيما عندما يكون خصمها رجلاً. وتقول ماماني: «الرجال أكثر صلابة وأقل التزاماً بالروح الرياضية».
وتقع مدينة إل التو على حافة المنحدر بالقرب من مدينة لا باز العاصمة غير الرسمية البوليفية. وعلى ارتفاع يصل الى 4 آلاف متر عن سطح البحر، يستمتع الزائرون بالمناظر المدهشة لقمم الجبال المكسوة بالثلوج البيضاء. ونمت مدينة ال التو بسرعة خلال العقود الاخيرة نتيجة لتدفق المهاجرين الباحثين عن عمل فيها. فالغالبية العظمى من سكانها البالغ عددهم مليون شخص هم دون الـ25 سنة.
وتعتبر المصارعة المعروفة باسم «تشوليتاز لوتشادوراس» عامل جذب لأهل البلد وللسائحين على حد سواء. عائلات بأكملها، من الاجداد الى الابناء فالاحفاد يتوافدون الى الحلبة التي تتسع لـ500 متفرج. وتمثل المصارعات بزيهن التقليدي ذروة هذا الحدث، حيث يبدو عرضهن متساوياً مع طولهن جراء ارتدائهن التنانير التقليدية. وتزين رؤوسهن القلنسوة التقليدية التي تحتوي على قطع من الذهب ويبلغ سعرها حوالي 200 دولار اميركي كما يتدلى من أذن المصارعة قرط ذهبي ضخم، وتضع حول عنقها وشاحاً ملوناً.
وتروي دينيس سانينس التي اشترت الحق الحصري لتسويق المباريات التي تقام نهار الاحد منذ ثماني سنوات ان هؤلاء المصارعات أمهات منفصلات عن أزواجهن ويتكفلن بتربية أطفالهن بمفردهن، لذا فإنهن يمارسن عملاً آخر إلى جانب المصارعة، فمنهن مدرسات وممرضات وبائعات.
تعمل ماماني التي رفضت البوح عن عمرها ودخلها، بالحياكة إلى جانب المصارعة التي كانت بدأتها قبل ثمانية أعوام. وعن اتجاهها إلى ممارسة المصارعة، قالت إنها لا تحب استعراض القوة من الرجال هنا ولذلك «أردت أن أظهر أن النساء يستطعن عمل كل شيء يستطيع الرجال عمله». ماماني مصارعة محترفة وتتحدر من عائلة محترفين فوالدها وشقيقتها من المصارعين المعروفين في المدينة.
تتدرب النساء في المدينة على المصارعة يومين في الاسبوع ويتمتعن بالطموح والقدرة كالرجال. تكسر النساء ألواح الخشب على رؤوس غريمهن، يجررنه على الحبال ويقفزن عن الحبال لتثبيت خصومهن. «انها مباريات فريدة من نوعها ولكنني لا أستطيع البقاء عندما تتعرض النساء للضرب من قبل الرجال» يقول الطالب البريطاني بن رينولدز. ابنتا ماماني اللتان تبلغان من العمر 14 و16 عاماً لم تحضرا أي مباراة لوالدتهما حتى الآن، «هما لا تحبان ان ترياني وأنا أتألم» تقول ماماني مشيرة الى الندوب التي تعتلي أنفها وعينها.
تؤكد ماماني أن المصارعة لها ضريبتها «فنحن نتعرض للكثير من الحوادث، فمرفقي وركبتي مصابتان كبثيراً». غير أنها قالت إنه على الرغم من ذلك فإن هذه الإصابات تعتبر بمثابة «ثمن زهيد» مقارنة بالمتعة التي تجدها في المصارعة. واستطردت ماماني «أنا أحب المصارعة، وأشعر بأهميتي عندما أسمع صياح الجماهير»، مؤكدة أنها ستواصل هذه الرياضة ما دامت حالتها البدنية تسمح بذلك.
(«السفير»)
إضافة تعليق جديد