الأرقام ترفض تفوّق الذكور في الرياضيات

14-02-2012

الأرقام ترفض تفوّق الذكور في الرياضيات

لفترات طويلة، أبدى كثيرون اهتماماً كبيراً بتفاوت المهارات بين الصبيان والبنات في مادة الرياضيات. وفي عدد جديد صدر أخيراً من مجلة «ملاحظات مجتمع الرياضيات الأميركي»، نشرت دراسة أُجريت من قِبل جوناثان كاين، أستاذ الرياضيات والمعلوماتية في «جامعة ويسكونسن» في «وايت ووتر»، وجانيت ميرتز، أستاذة علم الأورام السرطانية في «جامعة ويسكونسن» في ماديسون، تناولت هذا التفاوت المفترض بين الجنسين، كما اختبرت عدداً من التفسيرات الشائعة في شأن تفسيره. وشملت هذه الدراسة ذكوراً وإناثاً ينتمون إلى شعوب مختلفة. وكذلك لم تؤيّد التفسيرات التي تقول إن الفوارق بين الذكور والإناث في الرياضيات تستند إلى عادات ثقافية متباينة مثل المدارس المختلطة، ومعايير العيش المتدنية والميل للتغيّر الذي يُفترض أنه متأصّل في الذكور. وفي عام 2005، ظهر نموذج عن هذه التفسيرات في خطاب ألقاه لورانس إتش سامرز الذي كان رئيس جامعة «هارفرد» آنذاك.

ميل الذكور للتغيير
ما هو إذاً سبب التفاوت بين الجنسين؟ من أجل تحليل بعض النظريات المعروضة لمعالجة التفاوت بين الجنسين في مادة الرياضيات، دقّق كاين وميرتز في العلامات التي أعطيت وفقاً للمعايير الدولية في امتحانات مادة الرياضيات ضمن «البرنامج الدولي لتقويم التلاميذ». وأشرفت «منظمة التنمية والتعاون في المجال الاقتصادي» على هذا البرنامج في عامي 2003 و2009. وانطبق وصف مُشابه على تعامل الدراسة مع برنامج «توجهات الرياضيات والعلوم الدولية» لعام 2003. وضمّت مجموعتا البيانات المذكورتان أعلاه بيانات من 86 دولة، مع تسجيل تداخل بين 31 دولة، بمعنى هجرة مواطنين متبادلة بينها. ولاحظت الدراسة أنه لو صحّت نظرية الميل المتأصّل في الذكور للتغيّر، وهي تفترض أيضاً أن ذكاء الرجال أوسع مدًى من النساء، فستظهر هذه القابلية بصورة ثابتة في هذه الدول.

وماذا عن النتيجة؟ تقول ميرتز إنه «بالنسبة إلى أي دولة، يمكن قياس مستويات التباين ذاتها بصورة متكرّرة». في المقابل، بدت مستويات التفاوت مختلفة بين الدول. وبقول آخر، يصعب عدم ملاحظة أن عوامل ثقافية راسخة لها أهمية كبرى في تحديد نسب التفاوت بين الذكور والإناث. ووصفت ميرتز صدمة فعلية اعترت الفريق بسبب هذا الأمر.

تقع الولايات المتحدة في المرتبة الحادية والثلاثين ضمن «مؤشر التفاوت بين الجنسين» الصادر عن «المنتدى الاقتصادي العالمي»، كما تحتل المرتبة الحادية والعشرين ضمن «مؤشر التكافؤ بين الجنسين» الصادر عن «المرصد الاجتماعي الدولي». ومع ذلك، تعادلت علامات الامتحان لدى فتيات المدرسة الثانوية الأميركية مع علامات الفتيان، في حين أن نصف شهادات البكالوريوس في الرياضيات في البلاد تنالها فتيات.

في مرحلة ما بعد البكالوريوس، يعود التباين إلى الظهور. إذ تنال الأميركيات 27 في المئة من شهادات الدكتوراه في الرياضيات، ويحصلن على نسبة مماثلة في المهن المتّصلة مباشرة بالعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والهندسة. ولا تتعدى نسبتهن بين أساتذة الجامعة في العلوم والتكنولوجيا والرياضيات والهندسة ذلك إلى حد كبير، إذ تبلغ 30 في المئة.

لا مساواة في أميركا
تناولت ريبيكا غولدن مسألة الفكرة الشائعة عن تفوق الذكور في الرياضيات. وتعمل غولدن أستاذة الرياضيات في جامعة «جورج مايسون» في فيرفاكس في ولاية فرجينيا ومديرة بحوث في قسم التقويم الإحصائي للجامعة. ورأت في هذه المسألة ما يتعدى قضية المساواة بين الجنسين، مشيرة إلى أن تقدّم العلوم والرياضيات يعتمد على أن تقدّم نخبة موهوبة أفضل ما لديها، بصرف النظر عن التمايز جنسياً. ما هو مصدر الانطباع الواسع بوجود فوارق بين الإناث والذكور في الرياضيات؟

أشارت دراسة كاين وميرتز إلى الدور القوي الذي تؤديه العوامل الاجتماعية في هذا الأمر، استناداً إلى آراء أشخاص ينشطون في العمل لتحسين مستويات تمثيل المرأة في المهن المرتبطة بالعلوم والرياضيات. وشدّدت على أن معرفة العوامل الاجتماعية المحددة التي تصنع معظم الفوارق بين الإناث والذكور تتطلب مزيداً من البحوث.

وأشارت بيانات هذه الدراسة إلى أن الفتيات قادرات على تقديم الأداء الجيد في الرياضيات بدرجة توازي أقرانهن من الفتيان. إلا أن النظرة الشائعة التي تفيد بأن الفتيات لسن بارعات في الرياضيات تبقى قائمة، بل تتسبب بضرر مستمر. ويتفق كاين وميرتز على أن من الضروري تغيير السلوك السائد في الولايات المتحدة، للوصول إلى إنهاء التمييز جنسياً، ووضع حد نهائي لفكرة التفاوت جنسياً في الرياضيات.

وأخيراً، أوردت الدراسة قصة قميص ذاع صيته بسبب سحبه من رفوف سلسلة متاجر التجزئة الأميركية المُسماة «فور إيفر 21» في وقت سابق من السنة الحالية. وقد كُتِب على القميص المخصّص للشابات، بكل بساطة، «أعاني كأُنثى حساسية إزاء علم الجبر». ورأت فيه مثالاً على السلوك غير السليم إزاء النظرة الى أداء الإناث في الرياضيات في الثقافة الأميركية.

وبأسًى، علّقت على كلمات القميص بالقول: «أعاني كأُنثى حساسية إزاء علم الجبر» فهل يجدر أن يكون هذا القميص هو ما يباع في الولايات المتحدة في القرن 21»؟

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...