انتخابات الليكود: نتنياهو يفوز بالزعامة واليميـن المتطـرف بالشرعيـة
انتهت الانتخابات التمهيدية في الليكود، كما كان متوقعاً، بفوز بنيامين نتنياهو على خصمه الأشد تطرفاً موشي فايغلين. وبالرغم من أن نسبة التصويت بلغت 42 في المئة، والفارق بين الإثنين كبير لمصلحة نتنياهو، الذي فاز بحوالى ثلاثة أرباع الأصوات، إلا أن صورة الليكود تجلت في موقف ما بين نتنياهو وفايغلين، وهي صورة يصعب التباهي بها لحزب يعلن نفسه أنه حزب وسط - يمين.
وفي كل الأحوال تفتح نتائج الانتخابات الباب واسعا أمام نتنياهو لإعادة ترسيخ نفسه زعيماً أوحد في الليكود تمهيداً للمعركة الكبرى على رئاسة الحكومة الإسرائيلية في وقت لا يبدو بعيداً.
ولم تخل انتخابات الليكود من ألاعيب واتهامات بالتآمر والخداع، إذ تأخر افتتاح صناديق الاقتراع في العديد من المواقع فضلاً عن تآمر قاد لإعلان جزء كبير من المستوطنين مقاطعتهم لانتخابات الليكود، وهو ما حرم فايغلين من الكثير من أصوات مناصريه الطبيعيين.
كما جرى تمديد الاقتراع في الانتخابات لساعة إضافية من أجل تسجيل نسبة تصويت أعلى جرى خلال هذه الساعة حشد المزيد من أنصار نتنياهو لزيادة الفارق. كذلك وجهت اتهامات للجنة الليكود التنظيمية بأنها حرمت ناخبين يمينيين خصوصاً من المستوطنين من حق الاقتراع برغم عضويتهم المتواصلة في الحزب منذ ست سنوات ودفعهم اشتراكات العضوية.
ووجه فايغلين اتهامات للهيئة المشرفة على الانتخابات بينها أن سجل الناخبين لم يرسل للعديد من المواقع، الأمر الذي حرم الكثير من أنصاره من التصويت خصوصاً في المستوطنات. وقال فايغلين «شعورنا قاس جداً لأن أفعالاً سيئة تمت من أجل عدم تمكين ناخبينا من التصويت». وطبعاً كان رد لجنة الليكود على هذه الاتهامات أنها لا تستند إلى أساس وأن ما جرى كان مجرد خلل فني غير مقصود لا أكثر.
وكان بالغ الأهمية ما قاله فايغلين بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات عن شعوره بالنصر برغم الهزيمة العددية. إذ قال في مقابلة مع موقع «يديعوت» الإلكتروني «لقد حققنا إنجازاً كبيراً، وطريقنا ينتصر وهو الذي سيسود». واعتبر أن النتيجة هي في واقع الحال «فك للشيفرة الجينية DNA لليكود، وتغلغل في الدوائر الأوسع لناخبي الليكود. إن قسماً ممن صوتوا لي ليسوا من الناس الذين نسبتهم للعضوية في الليكود». وشدد فايغلين على أنه حقق هذه النتيجة برغم أن جهاز الليكود تجند ضده على طول الطريق.
والواقع أن واحداً من كل أربعة ناخبين في الليكود منح صوته لفايغلين الذي أشار إلى أن هذه النسبة كانت بين المستوطنين وداخل الخط الأخضر، وأن الانتخابات التمهيدية جرت في ظروف غير مريحة له. والصحيح أن نتنياهو اختار بنفسه هذا الموعد لإحراج كل خصومه الذين امتنعوا عن التنافس حيث لم يتصد لهذه المهمة سوى فايغلين.
عموماً كان معسكر نتنياهو يخشى من أن ينال فايغلين ثلاثين في المئة، الأمر الذي يعني تعزيزاً لمعسكره داخل الليكود. وكانت الخشية الأكبر أنه كلما قلت نسبة التصويت كلما كان الفارق بين نتنياهو وفايغلين أقل.
وكان نتنياهو من بادر إلى إجراء الانتخابات التمهيدية في الليكود بعدما رأى أن لا أحد يستطيع منافسته داخل حزبه أو في معسكر اليمين أو حتى في الساحة السياسية عموماً. ورأى كثيرون أن هذه الخطوة كانت «ضربة معلم» لأنه أفلح في زرع الخلاف داخل الحزب الأكبر المنافس له، كديما، الذي اضطرت زعامته لتحديد نهاية آذار موعداً للانتخابات التمهيدية. وكذلك الحال مع حزب العمل الذي رغم إجرائه انتخابات إلا أن صورته العامة لا تخلو من خلافات. وفضلا عن ذلك فإن نتنياهو أقدم على هذه الخطوة وفي ظنه إجراء انتخابات مبكرة كان الحديث يدور حول إجرائها في تشرين الثاني المقبل ولكن كثر الحديث يوم أمس عن إجرائها في تشرين الأول وقبل تقديم مشروع الميزانية للكنيست.
ونقلت الصحف الإسرائيلية عن مقربين من نتنياهو قولهم إن «نتنياهو بعد الانتخابات التمهيدية سيغدو نتنياهو آخر، إذ سيغدو قوياً ليس فقط في استطلاعات الرأي وإنما أيضاً داخل الحزب. وهذا سوف يتجلى أيضاً في الخطوات السياسية والاقتصادية التي يريد تحقيقها، وأيضاً خطته لتقديم موعد الانتخابات. لم يعد لديه مبرر للخشية من أحد، وهو ينوي إعداد خطة أدراج يبرزها لحظة أن يحاول أي من شركائه الائتلافيين ابتزاز الحكومة في موعد قريب من موعد إقرار الميزانية».
ومعلوم أن مداولات الميزانية تبدأ من حزيران، ما يعني أنه في ذلك الوقت سيتقرر بشكل نهائي إن كان سيتم تقديم موعد الانتخابات أم لا.
وسارعت أحزاب المعارضة إلى التعليق على نتائج انتخابات الليكود مساوية بين نتنياهو وفايغلين. وأعلن حزب كديما أن «حزب نتنياهو- فايغلين سيواصل دحرجة إسرائيل نحو الهاوية ويزيد في عزلة إسرائيل، فالليكود قرر مواصلة السياسة المشتركة لفايغلين ونتنياهو، وهي السياسة التي بات مواطنو إسرائيل أسرى لها رغماً عنهم منذ ثلاث سنوات».
ورأى حزب العمل أنه «جراء إعادة انتخاب نتنياهو، وحيث لا يعرض الليكود أملا اجتماعياً ـ اقتصادياً أو سياسياً على الجمهور الإسرائيلي، وبسبب انهيار كديما وفشلها المتكرر في تشكيل حكومة يغدو حزب العمل الحزب الثاني الأكبر في إسرائيل. والجمهور يعرف أن حزب العمل جدي، مسؤول، صهيوني وبديل لليكود».
أما زهافا غالئون من «ميرتس» فأعلنت أن فوز نتنياهو في المنافسة مع فايغلين «يظهر بوضوح أكبر التحول في الليكود من يمين الوسط إلى البؤر الاستيطانية. لقد غدا الليكود حزب المستوطنين الأكبر الذي وضع الاحتلال في الوسط ودولة إسرائيل على الهامش».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد