مصر: انطلاق الحملة الانتخابية التشريعية وتلويح بـ«ثورة ثانية» ضد هيمنة «العسكر»
بدأ «التفاهم» الظاهر بين جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، والمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد مؤقتا بالتبدد مع انطلاق الحملة الانتخابية التشريعية، حتى وصل إلى درجة تهديد الجماعة «بثورة غضب ثانية»، ضد رغبة «العسكر» في «السطو» على مكاسب الثورة، فيما أقر رئيس اللجنة العليا للانتخابات السماح لملايين المصريين في الخارج بالتصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإن كان ذلك مع استثناء الإشراف القضائي على تصويتهم.
ورفضت «الإخوان المسلمون» وأحزاب ومرشحون محتملون للرئاسة بمصر، أمس، مقترحات دستورية قالوا إنها ترمي لفرض هيمنة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير الدولة مؤقتا، على السياسة في البلاد بعد الفترة الانتقالية، وطالبوا بسحب المقترحات ودعوا الى تظاهرات حاشدة هذا الشهر.
وقال بيان صدر بعد اجتماع في مقر حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»): «أكد المجتمعون من رؤساء وممثلي الأحزاب والقوى السياسية ومرشحي الرئاسة رفض هذه الوثيقة (المقترحة) وكل ما يمثل وصاية على الشعب وإرادته».
وقوبلت المقترحات باعتراضات من سياسيين مختلفين، خاصة الجزء الذي ينص على أنه «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة، دون غيره، بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها، على أن يتم إدراجها رقما واحدا في موازنة الدولة... كما يختص (المجلس) دون غيره بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره».
وهناك أيضا اعتراضات على اقتراحات بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد من غير الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى، اللذين ستبدأ جولات انتخاب أولهما يوم 28 تشرين الثاني الحالي.
وتقدم بالاقتراحات إلى اجتماع سياسي عقد أمس الأول، في القاهرة نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية السياسية والتحول الديموقراطي علي السلمي. وانسحب بعض السياسيين المشاركين في الاجتماع احتجاجا على بنود الاقتراح.
وقال البيان الذي صدر أمس، عن اجتماع معارضي المقترحات: «يطالب المجتمعون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بسحب هذه الوثيقة ويطالبون الشعب المصري بالتصدي لها والمحافظة على حقوقه.. ويطلبون من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلان موقفه بوضوح والتبرؤ من هذه الوثيقة، وإقالة الدكتور علي السلمي وإنهاء الجدل حول هذا الموضوع».
وقال البيان إن المجتمعين شكلوا لجنة متابعة سيكون من واجباتها «الإعداد لاحتجاجات شعبية كبرى والإعداد لتظاهرة مليونية بعد أسبوعين، إذا لم يتم سحب هذه الوثيقة». وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» قد انسحبت من احتجاجات الشارع بعد الإطاحة بمبارك، الأمر الذي جعل سياسيين يقولون إنهم توافقوا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أن يساندوه وينتخبوا مرشحا للرئاسة يقدمه المجلس، مقابل أن تتاح لهم فرصة الفوز بنحو نصف مقاعد مجلسي الشعب والشورى.
وشارك في اجتماع أمس حزبا الوسط والأصالة، وهما حزبان إسلاميان، وأحزاب أخرى بينها حزب غد الثورة الذي يتزعمه المعارض البارز أيمن نور. كما شارك ممثل عن الأمين العام السابق للجامعة العربية المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى، ومرشحون آخرون محتملون للمنصب.
من جهة أخرى، بدأت الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس الشعب، والذي يفترض بدء انتخاباته في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الحالي.
وأعلن تحالف «الثورة مستمرة» (الذي يضم أحزابا يسارية وليبرالية) برنامجه الانتخابي، الذي سيخوض بـ34 قائمة انتخابات مجلس الشعب.
وقال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر، إن برنامج التحالف تضمن عشر أولويات عاجلة تدور حول استعادة الأمن وتطهير مؤسسات الدولة خاصة الشرطة والقضاء والإعلام والجامعات، وتعديل الموازنة العامة للدولة لتصب في صالح الفقراء ووضع نظام عادل للأجور، وتحديد جدول زمني للمرحلة الانتقالية مع رفع حالة الطوارئ وإيقاف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
من جهته، أكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبد المعز إبراهيم، حرص اللجنة على إقبال المصريين جميعا سواء المقيمين داخل مصر أو خارجها على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلسي الشعب والشورى. وأشار إلى أن اللجنة العليا للانتخابات تتخذ حاليا إجراءات السماح للمصريين في الخارج بالتصويت في الانتخابات المقبلة، من خلال إصدار مرسوم بقانون ينظم عمليات تصويتهم تحت إشراف السلك الدبلوماسي بدلا من الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات التي ستجرى داخل مصر.
وأكد أن القانون يعاقب من يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات بغرامة مالية قدرها 500 جنيه (حوالي 83 دولارا أميركيا) بينما لا توجد عقوبة «حدود مصر» للمصريين في الخارج.
وعلى صعيد آخر، توالت تبعات أحداث القمع الأمني للمتظاهرين الأقباط أمام مبنى ماسبيرو الشهر الماضي. وقال عضو في لجنة لتقصي الحقائق تدعمها الحكومة، أمس، أن الجيش المصري لم يستخدم الرصاص الحي في تفريق محتجين خلال الاشتباكات التي قتل فيها 28 شخصا. لكنه أكد أيضا الحاجة لتحقيق مستقل للوصول إلى الحقائق كاملة. وقال العضو البارز في المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، الذي شكل اللجنة، إن «غالبية الشهود قالوا إنه لم تكن هناك طلقات رصاص حي أطلقها الجيش». وقالت اللجنة في تقريرها «قوات الشرطة العسكرية استخدمت طلقات الرصاص الصوتية لتفريق المتظاهرين». وأضاف «تم إطلاق أعيرة نارية حية على المتظاهرين من مصادر لم يمكن تحديدها بدقة.»
فيما أكد التقرير أن مدرعات تابعة للجيش سحقت بعض المشاركين في التظاهرة أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون. وأثبت أن 12 شخصا قتلوا نتيجة لذلك. وأشار أبو سعدة إلى إن بعض مؤسسات الدولة لم تبد تعاونا كاملا مع لجنة التحقيق. وأضاف «القوات المسلحة لم تتعاون بما يكفي ولم تقدم لنا أسماء ومعلومات عن ضحاياها». ووجه بعض النشطاء في مجال حقوق الإنسان انتقادات للتقرير بسبب نقص التفاصيل.
وقال مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد «كان يجب أن يذكروا أنواع طلقات الرصاص التي كانت في أجسام الضحايا لأن ذلك سيشير إلى أنواع الأسلحة التي استخدمت». وأضاف «تاريخ المجلس (القومي لحقوق الإنسان) كمدافع عن الحكومة لا يمكن نسيانه بسهولة».
وفي سياق آخر، أصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة قراراً بالعفو النهائي عن 334 مواطنا، صدرت ضدهم أحكام نهائية من القضاء العسكري، على أن يعلن عن أسماء هؤلاء قريبا.
ومن جهته، وجه رئيس حكومة تسيير الأعمال عصام شرف، خلال افتتاح مؤتمر لطاقة الصحراء، شكرا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، قائلا «إن القوات المسلحة تحمي هذه المرحلة الحالية وتحاول نقل السلطة لإدارة مدنية منتخبة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد