مصر: معارك عنيفة بين قوات الأمن ومجموعات مسلحة في العريش
أشعلت مواجهات مسلحة بين عشرات الملثمين المسلحين وقوات من الشرطة والجيش مدينة العريش في سيناء المصرية. واستمرت المواجهات لساعات طوال ليل أول من أمس وكان حصيلتها قتلى وجرحى من قوات الجيش والشرطة ومدنيين.
وكان عشرات المسلحين يستقلون سيارات دفع رباعي تحمل أسلحة آلية ثقيلة طافوا شوارع مدينة العريش على مرأى ومسمع من أجهزة الأمن وتجمعوا حول تمثال الرئيس الراحل أنور السادات في قلب المدينة وحاولوا تكسيره وأمطروه بوابل من الطلقات النارية قبل أن يتوجهوا إلى قسم شرطة ثاني العريش ويحاصروه، ثم هاجموا القوة الأمنية المشتركة من الجيش والشرطة في داخله. ولوحظ كثافة إطلاق النار من قبل المسلحين المجهولين، فضلاً عن وصول تعزيزات لهم عبر سيارات دفع رباعي طوال ساعات المعركة. وأخلى السكان القريبون من القسم منازلهم خوفاً على حياتهم، إذ أن هذه الاشتباكات هي الأعنف التي تشهدها مدينة العريش منذ سنوات. واحتمى المهاجمون بفيلات قريبة من مقر القسم واستهدفوه من محاور مختلفة لمحاصرته.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل خمسة أشخاص، هم ضابط في الجيش برتبة نقيب وضابط في الشرطة وثلاثة مدنيين، فضلاً عن إصابة 18 آخرين منهم ستة مدنيين وضابطان أحدهما في القوات المسلحة والثاني في الشرطة، وعشرة أفراد أمن منهم فردان من القوات المسلحة وثمانية أفراد من الشرطة. وقال مدير أمن شمال سيناء اللواء صالح المصري إن القوات المسلحة والشرطة ألقت القبض على 12 فرداً من «العناصر المتطرفة» التي شنت هجوماً مسلحاً على العريش، وتم التحفظ على سبعة آخرين جرحى داخل المستشفى.
وأشارت المعاينة التي قامت بها نيابة شمال سيناء أمس لموقع الأحداث إلى استخدام أكثر من عشرة آلاف طلقة ذخيرة في هذه الاشتباكات.
وقال مصدر أمني إن فريقاً من النيابة العامة عاين موقع الأحداث وحصر أكثر من عشرة آلاف مقذوف ما عيارات تراوحت بين 250 و500 ملم وطلقات رشاش و15 مقذوف «آر بي جي» في مسرح الأحداث، لافتاً إلى أن الهجوم تم من خمسة محاور رئيسة واستمر تسع ساعات واستخدم خلاله المهاجمون المنازل سواتر ما أدى إلى صعوبة محاصرتهم.
وذكر شهود لـ «الحياة» أن حافلات دفع رباعي على متنها ملثمون مجهولون يحملون رايات سوداء كتب عليها «لا اله إلا الله» دخلوا في مجموعات إلى مدينة العريش مساء عبر محاور عدة، وتجمعوا بالقرب من ميدان الحرية الواقع في منتصف المدينة، وأطلقوا كميات كبيرة من الرصاص العشوائي على تمثال السادات، وقاموا بالسير في الشارع الرئيسي للمدينة وبعدها توجهوا إلى قسم العريش وأطلقوا النيران تجاهه قبل أن تبادلهم عناصر الشرطة إطلاق النار بالمثل. وأشار مدير أمن شمال سيناء اللواء صالح المصري إلى أن المهاجمين كانوا يحملون أنواعاً مختلفة من الأسلحة وقذائف «آر بي جي» وإلى أن آثار طلقات الرصاص تبدو واضحة في واجهة قسم الشرطة المستهدف.
وحاصرت آليات أمنية المنطقة المحيطة بالقسم ونفذت حملة مداهمات. وقالت مصادر أمنية وشهود إن مداخل شبة جزيرة سيناء عبر الممر المائي لقناة السويس شهدت أمس إجراءات أمنية مكثفة للكشف عن هوية القادمين إلى سيناء وتوقيف من يشتبه فيه من الأجانب والمصريين وإخضاعه للتحقيقات، كما لجأت قوات الأمن إلى فحص هوية الشاحنات والحافلات القادمة إلى سيناء.
وتمكنت القوات المسلحة من إلقاء القبض على أربعة من المشتبه في تورطهم في هذه الأحداث. وقال مصدر عسكري، في بيان، إنه تم أيضاً القبض على شخص آخر أثناء قيامه بمهاجمة مكمن للقوات المسلحة في منطقة الحدث في العريش بعد توقيف السيارة التي كان يستقلها وعثر بداخلها على بندقيتين آليتين.
وأقامت القوات المسلحة جنازة عسكرية للنقيب حسين الجزار الذي قتل في المواجهات. وشارك في الجنازة قائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد حجازي ومحافظ الإسماعيلية وقيادات الجيش الثاني الميداني وعدد كبير من مواطني المحافظة.
ونفى عضو المجلس الاشتراعي الفلسطيني محمد دحلان أي علاقة له بهذه الأحداث. وقال دحلان الموجود في الأردن، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط أمس تعليقاً على ما تردد حول ضلوعه في هذه الاشتباكات: «هذه أخبار مدسوسة من قبل إعلام حركة «حماس» وليس لي علاقة من قريب أو بعيد بأي أمر يضر بالأمن القومي المصري». وأضاف دحلان: «أنا صديق لمصر على الدوام وسأستمر»، مشيراً إلى أن مصر تتعرض لمؤامرة منذ بداية الثورة، والمتآمرون على مصر معروفون جيداً للقيادة المصرية ومنهم الذين اعتدوا على مقرات الأمن في العريش وما زالوا يعتدون عليها».
من ناحية أخرى، استهدف مسلحون مجهولون «محطة الشلاق» الواقعة شمال شرقي العريش، وهي محطة الإسالة الرئيسة لتصدير الغاز إلى إسرائيل، لكن قوة تأمين المحطة تصدت لهم وأجبرتهم على الفرار. ولم تقع أي خسائر بشرية في الهجوم لكن حدث كسر بسيط في أنبوب ضخ الغاز. وقال محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبدالوهاب مبروك إن ضخ الغاز متوقف في محطة الشلاق منذ استهداف محطة غاز الطويل قبل أسابيع وإغلاق محابس ضخ الغاز إليها وهي الشريان المغذي لمحطة الشلاق.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد