«كيسات» الثدي الحميدة خلل هرموني نهايته الجراحة
عندما جست الفتاة البالغة من العمر 22 عاماً ثديَها في النصف الثاني من الدورة الشهرية تلمست في الجانب الأيمن وجود كتلة طرية مؤلمة بعض الشيء. شعرت بالخوف وتوترت، ظناً منها أن ما تعاني منه ربما يكون ورماً سرطانياً، أو أنه قد يصبح كذلك لاحقاً.
وكي تقطع الشك باليقين استشارت الطبيب المختص، وبعد إجراء الفحص الطبي والشعاعي، طمأنها بأن ما تشكو منه ليس سوى كيسة حميدة لا خطر منها، وغالباً ما تزول تلقائياً من دون علاج بعد انتهاء فترة الطمث.
وبالفعل ولَّت الكيسة أدبارها ولم يعد لها من أثر بمجرد انتهاء مدة الحيض. ولكن المفاجأة كانت بعد مضي ثلاث دورات شهرية، إذ عاودت الكيسة الظهور في المكان نفسه الذي اكتشفت فيه سابقاً، فاضطربت الفتاة وبدأت تتوجس شراً.
المعروف ان الثدي هو العضو الذي يفرز الحليب عند المرأة عند الولادة وفي مرحلة الإرضاع، وهو عبارة عن كتلة غدية دهنية نصف كروية مركزها تحت الجلد الأمامي لمنطقة الصدر. ويختلف حجم الثدي من امرأة إلى أخرى، كما يختلف هذا الحجم عند المرأة نفسها في سن النشاط التناسلي، فهو ينمو في مرحلة سن البلوغ، وينتفخ بسبب احتباس السوائل في نهاية الدورة الشهرية، ويكبر خلال فترة الحمل، ويتعرض الثدي إلى تبدلات خلال مرحلة سن اليأس. وفي حال اختلال التوازن الهرموني، يمكن لهرمون الأستروجين أن يؤدي إلى تضخم الوحدات الغدية في الثدي، الأمر الذي يسبب انتفاخه وحدوث آلام فيه.
على النساء معرفة حقائق كيسات الثدي حتى يكنّ على دراية بما يحصل لهن، وأهم هذه الحقائق:
1- كيسات الثدي مرض شائع عند النساء في مختلف الأعمار، وامرأة واحدة من اثنتين قد تشعر بوجود كيسة في الثدي في مرحلة ما من مراحل عمرها. وتشاهد الكيسات أكثر عند الفئة العمرية من 30 إلى 50 عاماً. وتكتشف كيسات الثدي إما بالجس أو بعد إجراء فحص الثدي بالماموغرافي أو بالإيكوغرافي (نوعان من التصوير).
2- كيسات الثدي عبارة عن تجاويف غير طبيعية تنشأ من النسيج الغدي للثدي وتكون مليئة بمادة سائلة أو نصف سائلة حليبية اللون أو شفافة، وتأخذ الكيسات أشكالاً مختلفة، وتكون إما كروية أو بيضاوية الشكل.
3- في غالب الأحيان تكون كيسات الثدي من الصغر بحيث لا يمكن للسيدة أن تحس بوجودها، ولكن في الإمكان رصدها بواسطة تصوير الثدي بالأمواج فوق الصوتية. أما الكيسات الأكبر حجماً، فتستطيع المرأة أن تشعر بها وتتلمس حدودها، وقد تكون لينة أو قاسية، وقد تكون هذه الكيسات مؤلمة خصوصاً عند اللمس، لا سيما في الأيام التي تسبق مجيء العادة الشهرية.
4- عدد كيسات الثدي يختلف، فقد نشاهد كيسة واحدة، وقد نرى كيسات عدة منتشرة في الثديين.
5- الاضطرابات الهرمونية قد تكون متورطة في نشوء كيسات الثدي، خصوصاً زيادة هرمون الأستروجين على حساب هرمون البروجيسترون، وعندما تحدث هذه الاضطرابات لفترة طويلة تتشكل في الثدي منطقة كثيفة ليفية تحتوي على العديد من الكيسات الصغيرة.
6- تتظاهر كيسات الثدي على النحو الآتي :
- ظهور كتلة مرنة ذات قوام مائي في الثدي، تصبح حساسة ومؤلمة في الفترة ما قبل مجيء العادة الشهرية، وغالباً توجد كيسة أو أكثر في كلا الثديين، وتكون الكيسة عادة حرة الحركة في الثدي، واضحة الحدود.
- الألم في الثدي عند الضغط أو اللمس.
- يمكن للكيسة أن تختفي من تلقاء ذاتها لتعاود الظهور في الدورات الشهرية اللاحقة.
7- من عوامل الخطر التي تشجع على الإصابة بكيسات الثدي :
- الاقتراب من سن اليأس.
- عدم إنجاب الأطفال.
- الدورات الشهرية المضطربة أو غير المنتظمة.
8- من ناحية تشخيص كيسات الثدي، فهي كثيراً ما تكتشف صدفة عند القيام بالفحص الذاتي الدوري للثدي، أو بعد إجراء الفحوص الروتينية من قبل الطبيب، أو بعد الشكوى من الألم في الثدي.
إن الجس قد يسمح في التعرف على وجود كتلة ما في تضاريس الثدي، ولكن من الصعب جداً الحكم عليها أنها كيسة، اللهم إلا إذا بلغت حجماً كبيراً وكان قوامها مائياً عند الجس.
الصورة الشعاعية البسيطة للثدي (ماموغرافي) هي الأخرى تسمح برصد وجود كتلة ما في الثدي، غير أنها أيضاً، كما الحال بالجس، لا تستطيع أن تحدد ماهية الكتلة المذكورة. في المقابل، فإن الفحص بالأمواج فوق الصوتية (الأيكوغرافي)، هو أفضل وسيلة لكشف كيسات الثدي.
9- في خصوص طبيعة كتلة الثدي فإن بزل الكيسة الموجودة في الثدي ورشف محتواها ومن ثم فحصه في المختبر يسمح بمعرفة طبيعة الكيسة.
10- من جهة العلاج، فإن الخطوات الآتية هي المتبعة عادة في تدبير كيسات الثدي:
- تميل الكيسة تميل في الحالة الطبيعية إلى التواري عن الأنظار من تلقاء ذاتها من دون معالجة.
- في حال كانت الكيسة مؤلمة يمكن وصف بعض المسكنات.
- يمكن اللجوء إلى البزل، أي إدخال إبرة إلى قلب الكيسة، لرشف محتويات الكيسة في حال تكرار تشكل الكيسة، والبزل قد يخفف من عوارض الكيسة، وقد يسمح أحياناً في الشفاء منها. إن البزل إجراء بسيط يشبه إلى حد بعيد عملية سحب الدم، ويمكن ان يستعين الطبيب بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية ليستدل إلى الطريق الذي تسلكه الإبرة إلى حيث قلب الكيسة.
- إذا لم يضع البزل حداً للمعاناة من الكيسة، يلجأ الطبيب إلى إصلاح الخلل الهرموني في حال وجوده، ويهدف العلاج إلى تنظيم مستوى هرمونَي الأستروجين والبروجيسترون في الجسم، وإلى التخفيف من حدة العوارض المصاحبة لكيسة الثدي.
- إذا لم تسفر المعالجة الهرمونية عن نتيجة، فإن الحل الجراحي قد يفرض نفسه، ويتم ذلك باستئصال الكيسة وفحصها في المختبر للتأكد من طبيعتها.
- ينصح بالتخفيف من تناول المنبهات، كالقهوة والشاي، والحد من استهلاك الأغذية الدسمة، والتقنين من استعمال الملح والسكر، وأخذ جرعات داعمة من الفيتامين ي المضاد للأكسدة، والتزود بالمصادر الغنية بالفيتامين أ، وزيادة استهلاك الأطعمة الغنية بمركبات الأيزوفلافين التي تساعد على تخليص الجسم من السموم ودعم آليات عمل الجسم في طرد تلك السموم.
تبقى الملاحظات والنصائح الآتية:
> يجب استشارة الطبيب في حال استمرت الكيسة وكبر حجمها ولم تختف في الدورة الشهرية التالية، وعند ظهور كيسة جديدة.
> كيسات الثدي تعتبر السبب الأول للآلام التي تحصل فيه. وآلام الثدي هي السبب الأول الذي يدفع النساء إلى طلب المشورة الطبية.
> كيسات الثدي ليست عامل خطر يشجع على الإصابة بالسرطان، ومن النادر أن تتحول إلى السرطان.
> قد تترافق بعض كيسات الثدي بسيلان من الحلمة، وفي حال وجود سيلان دموي فمن الضروري إجراء التحريات اللازمة.
> لا يوجد، للأسف، أي وسيلة للوقاية من كيسات الثدي.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد