الثروات لا تجعل الشعوب سعيدة بالضرورة
المال لا يشتري السعادة. وإذا كان هذا الأمر يصحّ على صعيد الفرد، فإنه يصحّ أيضاً على صعيد دولة بأكملها.
فقد أثبتت دراسة أجريت في جامعة جنوب كاليفورنيا، حول العلاقة التي تربط غنى الدول بسعادة مواطنيها، وشملت الدول المتطورة ودولاً في طور النمو، أن إحساس المواطنين بالرفاهية والسعادة لا يزداد مع الغنى، وبالتالي المال لا يجعل الأمة أكثر فرحاً.
واطلع الباحثون على ملفات اكتفاء السكان في 37 دولة في أوقات زمنية مختلفة، من 12 حتى 24 سنة، استمرت حتى 2005، وشملت دولاً غنية وأخرى فقيرة، ودولاً شيوعية سابقاً، وأخرى رأسمالية.
وكان المشرف على الدراسة، الخبير الاقتصادي ريتشارد إيسترلن بدأ بدراسة مبدأ «السعادة الوطنية» منذ 1970، عندما توصل لنظرية «مفارقة إيسترلن» التي تنص على التالي «في فترة ما، كانت السعادة والمدخول متوازيين بين الدول وفي داخلها، لكن السعادة لا تزيد مع ارتفاع المدخول مع الوقت».
وفي دراسته، دحض إيسترلن ادعاءات الباحثين الآخرين في العقد الأخير أن «سعادة الأمة تزيد مع ازدياد غناها». ويقول إن الدراسات التي أجريت في السابق على التغييرات للأفضل أو الأسوأ، كانت مجرد نتائج قصيرة المدى لانهيار الاقتصاد أو انتعاشه في كل دولة على حدة على سبيل المثال، وهو أمر، برأيه، لا تستمر على المدى الطويل أي لمدى عشر سنوات.
وقال إيسترلن إنه «مع ارتفاع المرتبات بشكل كبير في بعض الدول، يعد من غير الطبيعي ألا تسجل أي دراسة تطور الراحة لدى المواطنين التي يتوقعها الخبراء الاقتصاديون حول العالم». وذكر في دراسته تشيلي والصين وكوريا الجنوبية، التي تضاعف المرتب فيها خلال السنوات العشرين الأخيرة، وهو الأمر الذي لم ينعكس على سعادة المواطنين».
ويتساءل إيسترلن، «إذا لم يكن النمو الاقتصادي هو طريق السعادة، فما هو العنوان؟ ربما ينبغي علينا التركيز على الشؤون الشخصية، كالصحة وحياة العائلة بدلاً من التركيز على الأمور المادية».
لكن أستاذ الرياضيات في جامعة لايسستر البريطانية ألكسندر غربان قال إن تحويل السعادة إلى أرقام «أمر صعب»، لأنه لا يمكن مقارنة الأرقام بالحالة الموضوعية. وأشار إلى أن إيسترلن اتخذ الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر أساسي للرفاهية، لكن هذا الموضوع لا يعكس بالذات معدل الدخل لعينة في الدولة وبالتالي قد تكون متصلة بشكل ضعيف بالرضا من الحياة.
وحذر من تحليل الأمور أكثر من اللازم، «الحياة معقدة ولا تسير بشكل بسيط، فالصلة بين السعادة والرفاهية هي أيضاً معقدة جداً».
المصدر: السفير نقلاً عن «الغارديان»
إضافة تعليق جديد