الضرب في المدارس موجود رغم قرارات المنع
«يا أمي لو سقطت هذه العصا على الحائط لهدته» هكذا كانت يارا تصف لأمها الضرب الذي يتعرض له زميلها في الصف الأول، ولتخفف أمها من حجم خوفها، قالت لها لا تخافي عليه فهو مشاغب ولا يخاف من الضرب، أجابت يارا: «أنا مو خايفه عليه، خايفه ع حالي». قلق يومي تعيشه يارا وربما آلاف الأطفال غيرها من الضرب الذي تعرضوا أو قد يتعرضون له، خاصة طلاب الصف الأول، أو مرحلة التعليم الأساسي.
أي سبب قد يكون دافعاً للضرب: لأن التلاميذ لا يفهمون ما يسألهم عنه المدرس، أو بسبب الحركة الزائدة وعدم الالتزام بقوانين الصف التي غالباً ما يجهلها طلاب الصف الأول. يُهدَّدون بالمديرة «العصبية»، وغرفة الفئران، والحبس في المدرسة، وعدم الالتحاق بالباص للذهاب إلى البيت. أحد الأطفال كان يتوسل إلى المدرسة ويبكي بعنف بعد تهديد مدرسته له بأنها لن تسمح له بالخروج مع رفاقه إلى الباصات التي ستقله إلى المنزل.
يضرب الطلاب لأي مخالفة للنظام الذي يرتئيه المدير أو المدرس: كمحاولة العودة إلى الصف أثناء الفرصة، أو لأن اللباس الرسمي ليس على أكمل وجه، أو لأي حركة لم تعجب المدير في المدارس التي ذاع صيتها باستخدام العنف، أحد الطلاب في مرحلة التعليم الأساسي قال: إن أكثر طريقة عقاب تخيفه هي رفعه «من سوالفه»، في حين تحدث آخر عن معركة ضرب صباحية لأن المدير لم يعجَب بالطريقة التي ردد فيها طالبان الشعار الصباحي، فانهال عليهما بضرب عنيف استخدم فيه (يديه وقدميه)، وإذا كانت هذه الحالات التي تابعناها مع الطلاب، فهناك الكثير وربما الأعنف مما لم نسمع عنه، لأن الضرب أو العنف أو الكلمات النابية، أو التهديد بالعقوبة، حالة شائعة في كثير من المدارس، ولا تقتصر على تلك الحكومية بل أيضاً المدارس الخاصة، وفي كل المحافظات، وتستخدم في المراحل الثانوية كما في مرحلة «التحضيري»، رغم القرارات التي تسعى للحد من ذلك.
آراء متفاوتة
ثمة مدرسون يعلنون أنهم مع استخدام الضرب: «الضرب غير المؤذي يردع الطالب، وبعض الطلاب لا يخافون إلا من الضرب»، ويشير هؤلاء الى أن المدرس يحتاج «أحياناً» إلى استخدام العنف وسيلة للضبط، بالمقابل هناك من يعمل مع المرشدات النفسيات والاجتماعيات في المدارس على معالجة ظاهرة الضرب: مديرة مدرسة قتيبة بن مسلم الباهلي السيدة هالة حاتم تؤكد أنه عندما يفكر المدرس بالضرب، فهذا يعني أنه غير قادر على استخدام الأساليب التربوية، وهنا تظهر أهمية التأهيل التربوي والأكاديمي للمدرس، وتطرح السيدة حاتم عقوبات بديلة مبتكرة كحرمان الطالب من نشاط معين، أو من الرياضة، وقد أعدت لائحة فيها حقوق الطالب وواجباته، تعلق داخل الشعب الصفية.
وتتحدث السيدة هالة عن المدارس التي يجب أن تكون نموذجية صديقة للطفل، بشكل يتحقق فيه طموح أن يكون عدم الذهاب إلى المدرسة هو بحد ذاته عقوبة للتلميذ، وتشدد: «لا يمكن أن نتعلم إلا ممن نحب، المحبة في التعليم تأتي في المرتبة الأولى».
يسهل الضرب في المراحل الأولى والثانية للتعليم، في حين يصعب أكثر خلال المرحلة الثانوية لأن البنية الجسدية للطالب تكتمل، ويصبح هناك احتمال أن يدافع عن نفسه عند تعرضه للضرب.
مدير مدرسة ابن رشد السيد خالد فطوم يؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بردود فعل الطالب في هذه السن، فيمكن أن يرد بالضرب إذا ضرب، وهذا قد يسبب انهياراً للمدرس، وهنا يظهر بوضوح أن من يضرب يعرف أنه يضرب أطفالاً أضعف منه جسدياً، وإلا فهو ينتبه قبل استخدام يده بالردود المحتملة للطالب الذي يضرب.
ثمة جانب آخر للقضية يتمثل بحقوق المدرس والحفاظ على مكانته، من هنا كان لا بد من وجود عقوبات بديلة بحق الطلاب المخالفين، وإلى جانب التعاميم الوزارية التي بدأ تفعيلها منذ 2004 وتعيد الوزارة تعميمها مع بداية كل عام دراسي مؤكدة على اتباع الأساليب التربوية مع الطالب وعدم استخدام العنف الجسدي أو المعنوي، وذلك تحت طائلة عقوبات، كالنقل من مدرسة لأخرى، والحسم من الأجر، إلى جانب ذلك، قررت وزارة التربية استخدام مادة السلوك أداة لضبط الطالب، وجعلت منها مادة تؤدي إلى رسوبه إن لم يتمكن من تحقيق حد أدنى في علاماتها.
مديرة مدرسة زيد بن ثابت الأنصاري للذكور السيدة منال سلامي ترى أن نتائج هذه العقوبة متأخرة لنهاية العام الدراسي, الأمر الذي قد يترك طالباً مشاغباً بلا رادع على مدار العام، خاصة الطلبة الذين انتقلوا من المرحلة الابتدائية بسوية متدنية جداً وقد يصل عددهم بين 2 إلى 5 طلاب في الشعبة، وهؤلاء تحصيلهم في مادة كالعربي مثلاً 1 من 60 وبالتالي في الميدان نجد أن معظم الوسائل غير نافعة مع من تتدنى سويتهم العلمية إلى هذا الحد، وعندما نطلب أهالي كثير من هؤلاء الطلاب يكررون عبارة «تصرفوا أنتم نحن لا نقدر عليهم». وتؤكد السيدة منال أنها ضد استخدام العنف مع ضرورة تعزيز بيئة تعليمية سليمة تضمن حق المتعلم والمعلم.
عنف مزدوج
هناك آباء لا يمانعون استخدام الضرب مع أولادهم، ويرون أن قرار منع الضرب «الذي يخرق يومياً» أثار الفوضى، وأغلب أفراد هذه العينة يستشهد بنجاحه في الحياة، مع أنه تعرض للضرب والشتم... والواقع أن العنف الذي يتعرض له البعض قد ينتج عنه أيضاً آراء كهذه مؤيدة للعنف في التعليم.
إن موقف بعض الآباء المؤيد أو غير المبالي، يضاف إليه عدم وجود رقابة حقيقية دائمة على المدارس، يدفع التلاميذ إلى الاعتقاد بأن الضرب أسلوب في التعليم، وجزاء «طبيعي» للمقصرين أو «المشاغبين»، لهذا غالباً ما يمتنع الطلاب الذين يتعرضون للضرب عن إخبار ذويهم، فهم يعتقدون بأنهم المخطئون.
هناك حالات يأتي فيها الأهل إلى المدرسة ويطلقون يد الكادر التدريسي بالتصرف مع أبنائهم وتأديبهم بالطريقة التي يرونها مناسبة تكريساً لمقولة (اللحم لكم، والعظم لنا) وهناك آباء يلبون دعوة المدرسة، وربما من إحراجهم يقررون تربية أطفالهم أمام زملائهم ومدرسيهم، وهذه حالة تتكرر في كثير من المدارس كما أكد بعض مديرو المدارس، وكلها حالات عنف يتعرض لها التلميذ، لتجعل منه مستقبلاً شخصاً مليئاً بالعقد، وهكذا يترسخ في أذهان التلاميذ، ومنذ المراحل الدراسية الأولى، أن الضرب أو التعنيف مسألة طبيعية، وعقاب عادل للتلميذ «المشاغب» أو «الكسول»، ولهذا لا يجرؤون على الشكوى أمام أحد، بدءاً من الأهل، وصولاً طبعاً إلى المسؤولين، يضاف إلى ذلك أن هناك أطفالاً يعانون من العنف المنزلي، والضرب المبرح، ما يعني أنهم لا يجدون من يحميهم ضد هذا العنف المركب (في البيت والمدرسة) الذي لا ينتج حتماً جيلاً سوياً.
وحتى الآباء الذين يعارضون الضرب، ليسوا جميعاً ممن يتابع، ونادراً ما يحتج الأهل على ضرب أبنائهم إلا إذا ترك آثاراً عليهم، ودليل ذلك انخفاض عدد الشكاوى في محافظة كدمشق مثلاً إلى نحو 100 شكوى في عام 2008 كما ذكرت رئيسة دائرة الرقابة الداخلية ميسون رستم في مديرية التربية، مؤكدة أن ما يصلهم من شكاوى لا يعادل 50% من الواقع وهي شكاوى لحالات ضرب غالباً كانت مؤذية جسدياً.
لماذا يضربون؟
غالبية الإدارات تؤكد خلو مدارسها من العنف، وقد يكون هذا النفي طبيعياً مع صدور قرارات منع الضرب، إلا أن نفي الإدارات لوجود العنف لا يعني خلو هذه المدارس من العنف، مديرة مدرسة حافظ إبراهيم تؤكد أنها تستخدم أسلوب التعزيز في التعامل مع المشاغبين، كأن تجعل من أكثرهم شغباً مسؤولاً عن الانضباط، الأمر الذي يعطي نتائج جيدة، ولكن لمن يرغب في التحقق من حجم العنف المستخدم في مختلف المدارس فما عليه سوى سؤال الطلاب عن المسطرة التي يدخلها المدرس معه إلى الصف لاستخدامها في الشرح وغالباً ما يتم تبديلها مرات ومرات لأنها تنكسر من استخدامها في الضرب، وهناك من يدخل بعصا دون وجل. معلمة صف أول في إحدى المدارس تؤكد أنه لا يمكن تجنب العنف، لأن الوقت قصير وحركة الطلاب في الصف كثيرة، وتصحيح دفاترهم يشغل الفراغ كله الأمر الذي يجعلها في حالة توتر دائم، غالباً ما ينتهي باستخدام الضرب، وتضيف أخرى أنها أحياناً تستخدم العصا للضرب لأن يدها «تؤلمها» إذا استخدمتها كلما أرادت معاقبة أحدهم!
في حين تؤكد السيدة وداد يونس (مدرسة لغة عربية) أنها تجد في العنف دليلاً على ضعف المدرس، يشير إلى خلل في تعامله مع طلابه، مؤكدة أنه يجب تفهم الطالب وعدم ملاحقته على كل حركة، وتشير إلى أن الشتائم قد تكون أقسى من الضرب، الأمر الذي يترك آثاراً بالغة على نفسية الطالب، قد تدفعه للالتزام خوفاً، لكنه غالباً ما يظهر عكسه عندما تسنح له الفرصة.
المحبوب من طلابه لا يضرب!
للمختصين التربويين آراء متشابهة في قضية استخدام الضرب تتمحور بمجملها حول أن المدرس الذي يستخدم الضرب هو ذو شخصية هزيلة غير متمكنة من عملها.
موجهة الإرشاد النفسي والتربوي في دمشق السيدة إلهام محمد ترى أن من أسباب استخدام العنف غياب الاستراتيجية عند المدرس لكل مرحلة عمرية، فمن لا يفهم متطلبات كل مرحلة عمرية يستخدم العنف، وهنا تؤكد على ضرورة اختبار المدرس لفترة لا تقل عن عام، يتابع خلالها بشكل دقيق، وبعدها يثبت أو لا.
تضيف السيدة إلهام أن مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، ومشاركة الجميع دون تهميش أحد يخفف من الشغب وبالتالي الحاجة للعنف، وهناك أسباب وراء استخدام المدرس للعنف كأن يكون: (شخص غير متمكن من المنهاج، ويثير السخرية، أو متمكن من المادة لكنه لا يمتلك الوسائل التربوية، أو شخصيته ضعيفة ويستخدم العنف لإثبات عكس ذلك).
مارس كثير من المرشدين دوراً فاعلاً في المدارس، وكان بعضهم بمنزلة الشخص الآمن للطلاب، في إحدى المدارس كانت المرشدة روان سودان تخصص وقتاً لا بأس به لقراءة ومتابعة ما يكتبه لها الطلاب، وهنا تتساءل روان عن إمكانية تخصيص حصة للإرشاد بهدف بناء علاقة أكثر ثقة مع الطلاب، وضرورة التفاعل مع المجتمع المحلي وبناء علاقة ود معه.
بعض المختصين والأساتذة أكدوا أن قيام وزارة التربية، أو مديرياتها في المحافظات، بجولات مكثفة «فجائية وعادلة» أي التي تطول جميع المدارس دون تمييز، هي السبيل الوحيد للحد من هذه الظاهرة، على المدى القصير، أما علاجها استراتيجياً فيتطلب خطة متكاملة تشترك فيها عدة جهات في الدولة، إضافة إلى المجتمع.
الموجه التربوي الأول في وزارة التربية السيد علي الموسى يقول إن على من يستخدم الضرب أن يبحث عن مهنة أخرى، فعندما يضرب المدرس يشير إلى قصوره في أكثر من مجال، فالمعلم الآن صانع رسالة ولم يعد ناقلها، وهذا الشعور بحد ذاته كاف لمنعه من الضرب، يضيف السيد الموسى أن استخدام الضرب يقع على المسؤولية الشخصية للمدرس، لأن الأنظمة تلغي هذه العقوبة، ومن يحبه طلابه لا يضرب.
مدرسان لكل الصفوف
يختلف الواقع التدريسي بين محافظة وأخرى، ويزداد الوضع تعقيداً في محافظة كالحسكة بسبب اعتمادها على مدرسين من خارج المحافظة وبسبب انتشار المساحات بشكل واسع، وتناثر المدارس.
مدير المناهج في الحسكة السيد علي النجرس يؤكد أن هناك نحو 20150 مدرسة تعليم أساسي متناثرة في ريف الحسكة، منها نحو 1000 مدرسة من مدارس الصفوف المجمعة، أي أن المدرسة فيها أستاذ أو اثنان لكل الصفوف بسبب قلة عدد الطلاب في المدرسة، وعندما يدرِّس طلاب الصف الأول، عليه أن يشغل طلاب الصف الثاني، الأمر الذي يزيد من الضغط على المدرس، إضافة إلى مشكلة المدرسين الذين يوفدون من خارج المحافظة، ليعيشوا في ظروف تفتقر للاستقرار المادي والمعنوي، وهؤلاء تصل نسبتهم الآن كما أكد السيد النجرس إلى نحو 20ـ 25% من عدد المدرسين في المحافظة والبالغين نحو 6000 مدرس ومعلم.
يضيف النجرس أن لدى المحافظة نقصاً يصل إلى 2000 شاغر في أعداد المدرسين يغطى عن طريق التعاقد مع الوكلاء الذين لم يُعدوا كما يجب، وهذا الواقع يضع المدرس في وضع غير طبيعي ومزاج سيئ كما يؤكد بعضهم، ويزيد من حالات العنف ضد الطلاب.
متابعة القوانين
مدير التربية المساعد الدكتور أيمن ياسين يؤكد أن القوانين الرادعة للضرب كافية، فعقوبة الحسم قاسية على المدرس ولكن قد تحتاج القوانين إلى متابعة أكثر، وهذا يقع على عاتق المشرفين التربويين والاختصاصيين.
مدير المناهج في وزارة التربية السيد عبد الحكيم الحماد يؤكد أن هناك نحو 2000 موجه تربوي واختصاصي، وأن لكل 60 مدرساً موجهاًً اختصاصياً يتابعهم، ويتابع أداء عدد من المدارس في ذات المنطقة.إضافة لتطبيق فكرة المرشد الاجتماعي والنفسي منذ 2001 وفي وزارة التربية نحو 5000 مرشد اجتماعي ونفسي، ولهؤلاء دور كبير في رصد السلوكات لدى المعلمين والمتعلمين وتقديم المساعدة للطرفين.
يضيف الحماد أنه على الرغم من تشدد الوزارة ومتابعة البلاغات التي تمنع الضرب، إلا أن منع الضرب ثقافة مجتمعية، قبل أن تكون مسؤولية المدرس والمدرسة، فالمدرسة تعالج مايقع ضمن حدودها، وقد يسبب ما يتعرض له المتعلم من قلة احترام خارج حدود المدرسة عدم توازن.
ظاهرة مجتمعية
في خضم هذا الواقع العنيف، يتبادر إلى الذهن سؤال فيما إذا كان الطفل المعنف في البيت، يصعب ضبطه دون استخدام العنف في المدرسة، وفيما إذا كانت آثار العنف واحدة سواء من المنزل أو المدرسة؟ يقول الدكتور في علم الاجتماع جهاد الناقولا إن من يعنَّف في المنزل تصعب استجابته وضبط سلوكه في المدرسة أكثر من الطفل غير المعنف، ويؤكد أن العنف ظاهرة مجتمعية في صلب المجتمع تبدأ من الأسرة، وتتحدد بالمستوى الثقافي للوالدين، وتمتد من المنزل إلى الشارع والمدرسة. وإذا كانت مهمة الأسرة التنشئة الصحيحة، فإن المدرسة هي النور الذي يتوزع على الأجيال، والعنف يؤثر على شخصية الطفل سواء من المدرسة أو المنزل.
رئيس قسم الإرشاد النفسي في جامعة دمشق الدكتور كمال بلان يرى أن الضرب بحد ذاته سواء في الأسرة أو المدرسة أسلوب هروبي يمارسه الآباء أو المعلمون، لعدم قدرتهم على فهم نفسية الطفل وكيفية التعامل معه وتلبية حاجاته، وقد يلجأ إليه المدرسون بسبب عدم فهمهم لخصائص نفسية الطفل واحتياجاته، أو بسبب الوضع الشخصي للمدرس نفسه، كعدم قدرته على تحمل حركة الطفل الزائدة، وقد يعكس بعض المعلمين مشكلاتهم الأسرية على طلابهم.
وعن آثار الضرب يضيف د. بلان أنه إهانة لشخصية الطفل ونفسيته وكرامته، خاصة عندما يكون مراهقاً. وفي الطفولة ينتج عنه شخصية خائفة، خجولة، خانعة، قلقة، أو شخصية عدوانية، فمن يُمارس ضده عنف في المدرسة أو الأسرة يحاول تحويل هذا السلوك العدواني إلى طفل آخر أضعف منه جسدياً، أو أقل منه عمراً، كما أن بعض المعنفين يحولون ذلك للممتلكات العامة رداً على من ضربهم لأن هذه الممتلكات تكون في متناول اليد أما من ضربهم فلا حول ولا قوة.
ويرى د. بلان أن آثار الضرب النفسية واحدة سواء كان مبرحاً أو خفيفاً.
آثار مدمرة
وعن آثار العنف من وجهة نظر الطب النفسي يؤكد الدكتور تيسير حسون أن التأثيرات الانفعالية المباشرة للضرب هي العزلة والخوف وعدم القدرة على الثقة، ليتحول فيما بعد إلى عواقب طويلة الأمد قد تبقى مدى الحياة، ويمكن أن تظهر بانخفاض تقدير الذات، وصعوبة العلاقات لعدم الثقة بالآخرين وبالنفس، ويمكن أن تسبب الاكتئاب.
يضيف د. حسون أن الباحثين وجدوا علاقة بين ضرب الطفل، وحالات أخرى، كضعف الصحة العقلية والانفعالية، وفي دراسة تبين أن 80% من الذين تعرضوا للعنف أصبحوا يعانون اضطراباً نفسياً بعد سن الـ 18 كالقلق والاكتئاب واضطراب الأكل ومحاولات الانتحار، وهناك حالات أخرى ترافقت مع الضرب مثل اضطراب الهلع، واضطرابات فرط النشاط، وعجز الانتباه وصعوبات معرفية للطلاب الذين يتعرضون للضرب تتعلق باضطرابات لغوية، والقدرات المعرفية، والذكائية وعواقب سلوكية عند أكثر الأطفال الذين يتعرضون للضرب، واحتمال أن يعانوا مصاعب أثناء المراهقة أكثر بـ 25% من الأطفال العاديين، وإمكان تحول الضحية لجلاد.
نظام حماية الطفولة
أمام كل هذه المخاطر الجسيمة للعنف، مازالت هناك أياد كثيرة وعصي ترفع على الأطفال سواء في المدرسة أو المنزل، وإذا كانت القوانين لا تعاقب الآباء الذين يضربون أبناءهم، فعلى الأقل محاربة العنف في المدارس.
مدير التخطيط في وزارة التربية السيد عبد السلام سلامة، يؤكد أن وزارة التربية اتخذت الإجراءات الكفيلة بمنع ظاهرة العنف كإصدار نظام حماية ومعايير حماية الطفولة، هناك 96 مدرسة مشمولة بمشروع المدرسة صديقة الطفولة، وتستهدف الخطة زيادة العدد إلى 5000 مدرسة، إنشاء أكاديمية وطنية للتدريب، مهمتها تدريب جميع المعلمين على أساليب التدريس الحديثة خلال العامين الأولين من الخطة الخمسية الحادية عشرة، ويرى السيد سلامة أنه لا بد من التعاون الوثيق بين الأهل والكادر التدريسي والتواصل الدائم للمشاركة في التربية بسورية.
يشير مختصون إلى أن ما يتجمع من قوة في الفرد الغاضب وهو يمارس العنف يزيد قوته الحقيقية بنحو 24%، وأمام صفعة بكل هذه القوة، لن تستغرب تأكيد مدرّسة ـ بندم ـ أنها شاهدت أصابعها على وجه طفل في اليوم الثاني.
أسامة يونس- يسرى ديب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد