القمح يعاني حالات غش في النوعية والأوزان
المطاحن ومؤسسة الحبوب: إجراءاتنا واضحة وعقوباتنا صارمة
قد يكون الحديث عن معاناة المواطن (بوصفه طرفاً) مع الجهات والقطاعات العامة (بوصفها طرفاً آخر)، في جوانب الروتين وتحصيل الحقوق وقضاء الحاجة، أمراً اعتيادياً.. لكن أن تشتكي بعض المؤسسات والشركات التي تقع تحت سلطة وزارة واحدة، وتتحدث عن معاناتها فهذا الأمر يشكل حدثاً غير اعتيادي يتطلب الوقوف عنده.
من جانب آخر، يبدو السؤال عن وجود الإجراءات والعقوبات منطقياً، فهل يشكل حلاً كافياً لمشكلة عالقة؟!.
¶ صلب الموضوع
اشتكت بعض المطاحن من موضوع القمح المورد إليها يومياً.. وهذه الشكوى لم تتطرق إلى موضوع الأقماح التي تورد إليها من الدرجة الأولى أو الثانية لتكون نتيجة الفحص، أنها أقماح من الدرجة الرابعة.. إنما تتمحور الشكوى حول موضوع السيارات التي تنقل الأقماح وتتسع لمئة كيس قمح، مايهمنا وقبل تفريغ الشحنة، تجري عملية الفحص وأخذ العينات، وتبيان أن ما تحتويه هذه الأكياس هو قمح، بغض النظر عن درجة تصنيفه- كما أسلفنا- لتختلف النتيجة بعد التفريغ، إذ يظهر قاع السيارة وجود ما لايقل عن 5 - 7 أكياس تحتوي أتربة وأعشاباً أكثر من القمح.
طبعاً وكما علمنا أن هذه الظاهرة قديمة - حديثة العهد ومتجددة على الدوام، ويمكننا تجاوز هذه المشكلة إلى مشكلات أخرى؛ منها معاناة المطاحن مع السيارات الشاحنة التي تنقل قمح الدوكما. فبعد تفريغ حمولة هذه السيارة التي تزن عدة أطنان في حفر المطاحن، يتبين وجود كتل صخرية قد يصل وزن كل كتلة إلى 25 كغ، إضافة إلى العديد من وسائل وأساليب الغش والاحتيال على مادة القمح من جهة وعلى المطاحن من جهة أخرى.
حكماً المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب المعني الفعلي في موضوع توريد القمح، وهذه الخروقات تحصل بحسب تصريح مدير المؤسسة نتيجة الاستعانة بوسائل نقل القطاع الخاص، ولكن ومع ذلك، أكد مدير عام مؤسسة نقل الحبوب، كما أكد بدوره مدير عام المطاحن إلى أن هذه الإشكاليات تضبط وتعالج ولا تمر مرور الكرام.. والحقيقة أن وجود هذه الظاهرة المتجددة يبقى الحدث الأهم من موضوع الضبط والمعالجة، وهو حدث يؤرق عمل المطاحن ويصعب يومها الطويل.
إذا لايقتصر عمل المطحنة على حمولة سيارة واحدة، وبالتالي وجود خلل في شحنة سيارة ما يستنزف وقت وجهد المطحنة، ويصرف الجهد باتجاه آخر، علماً بأن مهمة المطحنة هي استخراج طحين جيد ضمن المواصفات المطلوبة.
¶ الغش في الوزن والنوعية
تنحصر مشكلات المطاحن وفق، تصريحهم، بموضوع محاولة أصحاب الشاحنات الاحتيال على الوزن.. من جانب آخر في موضوع وجود عينات من الأكياس ضمن حمولة السيارة الواحدة غير صالحة لعملية الطحن واستخراج الدقيق ومخالفة للمواصفات كلياً، ورغم وجود لجنة مهمتها أخذ العينات، إلا أن هذه اللجنة ومن خلال أداة الفحص (القلم) قد لايظهر معها مباشرة الخلل الذي يظهر بعد وزن السيارة والتفريغ، والمشكلة هي بعد إنزال حمولة السيارة واستكشاف الخطأ لجهة الإجراء الروتيني الذي يتطلبه الضبط ومن ثم عرقلة عمل المطحنة وإضاعة الوقت.. كما تعاني المطاحن في موضوع الغش في الوزن كأن تخلط شاحنات القمح الدوكما بالأحجار الثقلية ويزاد وزنها قصداً بالاستعانة بخزانات الماء وما إلى آخره من المشكلات التي تعرقل العمل وتصعّب إجراءاته؟.
¶ مخالفات بالجملة في يوم واحد
يقول مدير عام شركة المطاحن، الدكتور أبو زيد كاتبة:« في حال ظهور عيوب خفية لاحقة لم تظهر أثناء التفريغ ونسميها ألغاماً، مثل (تجبل وتعفن وكتل حجرية وأتربة وأعشاب وخلافها)، لجهة أن قلم الضرب الخاص بالسبر يضرب على عمق 3سم فقط. في حال ظهورها يتم وزنها وإعادتها إلى المؤسسة العامة للحبوب، دون أن يكون لها حق الرفض، وإذا أسفر الحال عن وجود مشكلة عالقة تشكل لجنة كشف للبت في موضوع المخالفة وفي حال ثبتت يغرم المركز الشاحن، فالإجراءات صارمة في هذا الموضوع، وتعليماتنا للمطاحن العامة والخاصة واضحة وصريحة عند وجود المخالفة».
ويتابع الدكتور كاتبة :« لم ترد إلي شكوى مباشرة بخصوص وجود مشاكل ضمن آليات العمل والتعامل مع المؤسسة العامة للحبوب لجهة الاتفاق المسبق على الإجراءات والخطوات، وبالتالي كل مطحنة مفوضة بتنفيذ هذه التعليمات دون الرجوع إلى الإدارة العامة، وكل سيارة تحوي ألغاماً تعاد إلى مصدرها تلقائياً وأصولاً».
ومن دفتر الذكريات وقبل أن يصبح الدكتور أبو زيد كاتبة مديراً عاماً للمطاحن، كان مديراً لمطحنة الناصرية، وقد أعاد في يوم واحد 68 سيارة قمح من أصل 76 سيارة بسبب مخالفتها للمواصفات؛ وبالتالي هذا المثال يؤكد وجود هذه الظاهرة؟!.
¶ الأمر لصاحب الأمر
أكد مدير عام المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع القمح، المهندس سليمان الناصر:« أن كل عمليات نقل وتسويق وتجارة القمح تتابع بدقة متناهية وتضبط وتعالج فوراً مع مدير المطاحن، وأن كافة كميات القمح التي تنقل إلى المحافظات السورية هي من مخازين المؤسسة التي هي بالضرورة كامل إنتاج مزارعنا وفلاحنا»؛ ويقول الناصر: «كامل أصناف أقماحنا من الدرجة الأولى والثانية والثالثة جيدة ونظيفة وخالية من أية إشكالات أو شوائب، إنما قد تحتوي الدرجة الرابعة على نسبة معينة من البذور مع الأعشاب والأتربة، لكن ليس إلى الحد المذكور، وإن وجد فهذا يعني وجود خطأ يتحمل مسؤوليته أمين مستودع المركز المسوق، وعليه تضبط السيارة وتتم إعادتها ويغرم بها أمين المستودع، إضافة إلى أجور النقل واستصدار عقوبة بحقه».
ويضيف المهندس الناصر: «لسيارات القطاع الخاص بعض الهفوات، منها بيع الأقماح على الطرقات خلال نقله إلى المحافظات، وقد كان لنا تعاون مع وزارة الداخلية في موضوع ضبطهم، وقد كانت عقوبة العديد منهم السجن على خلفية هذا الارتكاب، وعقوبتنا الحالية بالنسبة إلى سائقي القطاع الخاص في حال ارتكابه مخالفة هي ضبط السيارة ومنعها من التعامل مع المؤسسة لخمس سنوات كحد أدنى، إضافة إلى الغرامات المالية».
وأشار المهندس الناصر إلى وجود لجان أمناء مستودعات للمؤسسة في كل مطحنة تسلم القمح وفق محضر بالتعاون مع أمين مستودع المطاحن، وهناك سيارات تم إرجاعها بالكامل من المطاحن وغرم بها أمين المستودع الذي حمّل هذه السيارة مع عقوبة صارمة.
- لعل حادثة إرجاع 68 سيارة قمح من أصل 76 سيارة في يوم واحد، تعني وجود مشكلة في عملية تسويق القمح وطحنه، ووجود الإجراءات غير كاف لتحسين مسيرة العمل؛ إذ من غير الممكن أن تقوم المطاحن بواجبها على أكمل وجه وهي تتوقع وجود مشكلات وثغرات يومية تشغلها عن الواجب الحقيقي؛ ألا وهو استخراج طحين جيد لرغيف جيد.
رياض إبراهيم أحمد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد