دورات المياه في الأماكن التعليمية بيت الأمراض
تعاني «دورات المياه» في معظم المدارس والكليات، من الإهمال والقذارة المسبِّبة للكثير من الأمراض.. فهي على الرغم من أهميتها وتأثيرها على إمكانات الطلاب وصحتهم، تعدُّ في الغالب آخر ما تهتمُّ به إدارة المؤسسات التعليمية..
فمسألة تلوث مراحيض المدارس والكليات مازالت بعيدة عن متناول حملات النظافة والتوعية على حدٍّ سواء، وكأنّ الإعلام والرأي العام قد تجاهلاها، على الرغم من خطرها، أسوة بالجهات المسؤولة عنها، أو أنَّ الطلاب قد تقبَّلوا قذارة المراحيض على أنها أمر واقع لا مفرَّ منه.. لتستمرَّ معاناة الطلاب والأهالي دون أيِّ محاولات جادة لإنهاء هذا الوضع المزري والخطر!.
معاناة الطلاب
يشكِّل الحمام أو المرحاض كابوساً مخيفاً لدى معظم طلاب الجامعات والمدارس؛ فالطلاب يتحاشون في الغالب الدخول إلى الحمامات، أو حتى الاقتراب منها، بسبب قذارتها من جهة، وبسبب الرائحة الكريهة الصادرة منها والواصلة إلى مسافة بعيدة من ناحية أخرى. فالمنطقة المحيطة بالحمامات الخاصة بالكليات والمدارس عادة ما تكون مكاناً مهجوراً لا يمرُّ قربه الطلاب ولا يجلسون فيه..
ويختلف حجم المعاناة وفقاً لأعمار الطلاب، خاصة أنَّ الأهالي يشتكون من عدم قدرة أبنائهم في المدارس الابتدائية على الدخول إلى الحمامات، بسبب عدم العناية بنظافتها ما يسبِّب لهم الكثير من الأمراض البولية والتناسلية..
أما في الكليات، فإنَّ مشهد القذارة في الحمامات يضاف إليه أنَّ كثيراً منها تحوَّل إلى مكان لتداول الممنوعات، وغدت جدران وأبواب بعضها دفاتر لكتابة العبارات المخلَّة بالآداب العامة. كلُّ ذلك يدفع معظم طلاب الجامعات إلى تجنُّب الدخول إلى المراحيض، لأنَّ ذلك قد يضعهم ضمن دائرة الشبهات الأدبية!.. وعلى الرغم من أنَّ قضية الحمامات قد تبدو محدودة التأثير، إلا أنَّ مجرد تحليلها يظهر امتداد آثارها السلبية إلى الأداء الفكري والتعليمي لدى الطلاب، وإلى تسبُّبها في الكثير من الأمراض الجسدية.
قضية ورأي
يعتبر الدكتور هشام جروس، الاختصاصي في الأمراض البولية والتناسلية، أنَّ الدخول إلى المراحيض غير النظيفة هو سيف ذو حدَّين؛ حيث إنَّ الدخول إليها قد يسبِّب الكثير من الأمراض الخطرة، كما أنَّ حصر البول أيضاً سبب للعديد من الأمراض البولية الخطرة. والمراحيض القذرة- وفقاً للدكتور جروس- ناقل أساسي للإنتانات والفطور البولية، وهي كذلك مسبِّب للكثير من الالتهابات التناسلية التي قد تكون في بعض الحالات إنتانات عنيدة على العلاج ويتكرَّر ظهورها حتى مع الخضوع للعلاج، كما أنَّ الشفاء منها قد يستغرق وقتاً طويلاً يصل في بعض الأحيان إلى ستة أشهر...
هذا بالإضافة إلى أنَّ الذين يستعملون المراحيض الملوثة من الممكن أن يتعرَّضوا إلى الأمراض الجلدية كالجرب، والقمل وغيرهما.. كما أشار الدكتور جروس إلى أنَّ هذه الأمراض المعدية من الممكن أن تنتقل من المرة الأولى التي يستخدم فيها الطالب المرحاض الملوَّث.. أما في حال حاول الطالب تحاشي هذه الأخطار وفضَّل عدم الدخول إلى الحمامات القذرة، فإنه سيكون معرَّضاً لعدة أمراض، منها خطر الإصابة بما يسمَّى «مثانة عصبية غير عصبية المنشأ»، وهو مرض يعاني منه الأطفال أكثر من الكبار، والفتيات بصورة خاصة.. وهو يظهر بعد سنوات من حصر البول، ومن أعراضه تشنُّج المثانة، وتشوُّه عادات التبول التي عادة ما يعاني منها الأطفال، وغالباً لا يستطيع الأهالي تحديد السبب الحقيقي وراء تشوُّه عادات التبول عند أطفالهم.. وفي الختام، أكَّد الدكتور جروس ضرورة تنظيف حمامات المدارس والكليات، لأنَّ تأثير إهمالها يصل إلى مهارات الطالب وقدراته التعليمية، بالإضافة إلى تأثيرها الواضح على صحته..
من المسؤول؟
وفقاً لمديرة إحدى المدارس، تقع المسؤولية الأولى في الحفاظ على نظافة المدرسة بشكل عام، والمراحيض بصورة خاصة، على مدير المدرسة، الذي يعدُّ رأس العملية التربوية.
وهو يُحاسب مِن قبل الصحة المدرسية، حيث تقوم لجنة وزارية بجولات تفتيش على النظافة في المدارس في أوقات عشوائية ومتقطعة، بهدف إجبار الإدارة على متابعة مسألة النظافة..
ويتمُّ تدوين حالة النظافة في كلِّ مدرسة في السجلّ الصحي الخاص بوزارة التربية.
كما أشارت المديرة (أ. ج) إلى أنَّ أقل إجراء ممكن أن تأخذه لجنة الصحة المدرسية في حال التقصير في الاهتمام بالنظافة هو توجيه إنذار إلى المدير المقصِّر، مبيِّنةً أنَّ الإجراءات العقابية تُشدَّد في حال عدم التزام المدرسة بتعليمات وقائية، كانت الوزارة قد عمَّمتها على كافة المدارس. من جهة أخرى، بيَّنت المديرة أنَّ المدارس عادة ما تجمع من الطلاب أموالاً لصندوق «التعاون والنشاط» ويُخصَّص نصف المبلغ تقريباً للعناية بالنظافة العامة للمدرسة؛ أي أنَّ الصحة المدرسية- في رأيها- تؤدِّي واجبها بالكامل، والإهمال الذي تعاني منه بعض المدارس ناتج عن تقصير إدارة المدرسة في متابعة عمل المستخدمين، فعادة ما تُنظَّف المراحيض في المدارس فور علم الإدارة بوجود حملة تفتيشية، لتعود إلى ما كانت عليه بعد مغادرة اللجنة الوزارية من المدرسة..
في العام الماضي، شُدِّدت الإجراءات الوزارية على نظافة الحمامات في المدارس، خوفاً من انتشار وباء أنفلونزا الخنازير.. ولم تجرؤ حينها المدارس على عدم الالتزام بالتعليمات الوزارية، أما في هذا العام، فتراجع الاهتمام بنظافة المراحيض العامة، وكأن مراعاة النظافة بحاجة إلى وباء ليكون دافعاً!.
آلاء عامر
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد