قمة مجموعة العشرين: خلافات حادّة حول السياسات النقدية
تسعى مجموعة العشرين لرأب انقسامات مريرة بشأن السياسات الاقتصادية العالمية بعد يوم من الجدل المحتدم. وقال المتحدث باسم القمة، كيم يون كيونج، إنّ المندوبين، ممثلي وزارات المال، الذين يصوغون مسودة بيان ختامي، سيصدر بعد انتهاء القمة يوم الجمعة، ما زالوا مختلفين إلى درجة كبيرة بما يتعلق بالقضايا الأساسية ومنها أسعار صرف العملات. وتعقد القمة اليوم في سيول وسط مخاوف من وقوع «حرب عملات» تعدّ الأكبر من نوعها حتى الآن، حيث إنّ أبرز دول العالم تنتقد بقوة الولايات المتحدة المتهمة بتهديد توازن الاقتصاد العالمي عبر تشجيع ضعف الدولار.
ودول المجموعة، التي تمثل 90% من الاقتصاد العالمي، تجتمع للمرة الخامسة منذ كانون الأول 2008 بهدف إبعاد مخاطر «الحمائية» وتجنّب حصول انكماش جديد بعد الأزمة المالية وخفض الخلل في التوازن الاقتصادي. ولهذه الغاية، تريد الولايات المتحدة من أبرز الدول المصدرة، أن تتعهد الحد من فائض حساباتها الجارية (الفائض التجاري وعائدات أخرى)، وتطالب أيضاً بإعادة تقييم أسرع للعملة الصينية التي يساهم سعرها المنخفض في العجز التجاري الأميركي الكبير.
وفي المقابل، تنتقد الصين والدول الأوروبية، وفي مقدمها ألمانيا، بشدة سياسة الإنعاش الاقتصادي الأميركية التي تضعف الدولار ويتوقع أن تزيد تدفق رؤوس الأموال المضاربة نحو الدول الناشئة. وفي هذا الإطار، فإنّ فرنسا التي ستتولى رئاسة المجموعة في ختام قمة سيول، تدعو إلى إصلاح النظام النقدي الدولي للتصدي لوقوع حرب عملات. لكن الوضع يبدو معقداً ولا يزال غامضاً.
ومن جهة ثانية، عبّر أمس، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن مخاوفه إزاء انقسامات الاقتصادات الرئيسية في العالم حول استعادة التوازن العالمي والعملات، داعياً إلى الوحدة في هذا «الوقت الحرج» لمجموعة العشرين. وحثّ بان، وزير الخارجية الكوري الجنوبي السابق، القادة على النظر إلى أبعد من اقتصاداتهم الوطنية.
على صعيد آخر، دعت وكالة الإغاثة الدولية، أوكسفام، قادة دول مجموعة العشرين إلى محاربة الفقر، ورأت أن أمامهم فرصة لإصلاح الاقتصاد العالمي بما يعود بالفائدة على فقراء العالم قبل انعقاد قمتهم. وقالت المنظمة الخيرية إنّ كوريا الجنوبية، وهي أول دولة من خارج المجموعة تستضيف القمة، جعلت التنمية جزءاً أساسياً على جدول أعمال القمة مع التركيز على تعزيز النمو في الدول الفقيرة. لكن أوكسفام أبدت قلقها من احتمال خروج التزام مكافحة الفقر عن مساره بسبب خلافات بشأن السياسات النقدية بين الدول الأعضاء.
وحثّت أوكسفام مجموعة العشرين على الاتفاق على مجموعة من التدابير المحددة لمساعدة البلدان الفقيرة، من بينها فرض ضريبة على المراكز المالية الرئيسية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتمويل عمليات التنمية، والتي يمكن من خلالها جمع 400 مليار دولار في العام، وإلزام الدول الغنية الوفاء بوعود مساعداتها للدول الفقيرة. كما حثّت المنظمة الخيرية مجموعة العشرين على العمل للحد من المضاربة في أسواق السلع الأساسية التي ساهمت في جعل ما يقرب من مليار شخص يعانون الجوع.
وقال مدير السياسة في أوكسفام، تاكومو يامادا، إنّ «الدول الأكثر فقراً في العالم حُرمت في الكثير من الأحيان في الماضي من التعبير عن هواجسها، وتحتاج مجموعة العشرين لإظهار أنّ الأمور ستكون مختلفة هذه المرة بعد أن زُجّ بملايين الناس إلى الفقر المدقع نتيجة الأزمات الاقتصادية». وأضاف «أمام المجموعة فرصة هذا الأسبوع لإحراز تقدم كبير وتجنب التسبب بوقوع مأساة وجعل الفقراء ضحية للخلافات بين الدول الأعضاء حول السياسات النقدية».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد