هديـة تخـرّج «استثنائيـة» مـن أب إلـى ابنـه
في كل ليلة، يستيقظ إدوارد دميانو ثلاث أو أربع مرات لضبط معدل السكر في دم ابنه ديفيد ذي الأعوام الـ11. يعطيه الأنسولين، إذا اقتضت الحاجة، عبر مضخة يتحكم بها عن بعد، عندما يرتفع معدل السكر في دم ابنه، أو يسقيه العصير إذا انخفض السكر، ليهنأ ديفيد بنوم عميق.
ولا يكتفي المهندس في الطب الحيوي في جامعة بوسطن بالسهر على صحة ابنه المصاب بداء السكري من النوع الأول (وهو غير وراثي كالنوع الثاني)، بل يجهد لتأدية دور بانكرياس اصطناعيا، للمساعدة على المحافظة على معدل طبيعي للسكر في الدم، قبل أن يبلغ ابنه سن الالتحاق بالجامعة فـ«هذا الأمر يخيفني لأنني لن أكون هناك».
ويرى الباحث في الطب الحيوي أن «العملية حسابية، وموضوعية». ويحاول دميانو أن يحاكي في جهازه حساسية البنكرياس الطبيعي المفرطة. ولهذا وصل الجهاز بكمبيوتر مبرمج يعمل كـ«الدماغ»، يقوم بعملية حساب المعدل الدقيق لهرموني الأنسولين والغلوكاغون اللذين يحتاج الجسم إليهما.
ويتم وضع هذا البرنامج بين جهاز استشعار يسجل معدل السكر في الدم كل خمس دقائق، وبين مضخة تضبط معدل الأنسولين والغلوكاغون، يتواصل معهما الكمبيوتر لتحديد الجرعات التي يحتاجها الجسم.
وبدأ دميانو، الذي تعد أبحاث فريقه الأكثر تقدما من بين الفرق الـ12 الأخرى التي تعمل على أبحاث مماثلة، بتجربة جهازه على البشر منذ 2008، ويتمنى أن يصبح متوفرا كعلاج في 2015.
ويرى دميانو أن أفضل بنكرياس اصطناعي يجب أن يتضمن هورمون الأنسولين لخفض معدل السكر والغلوكاغون لرفعه متى تطلب الأمر. لكن المشكلة تكمن في أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية لم تـصادق بعد على استخدام الغلوكاغون لأنه يتحلل في الســـوائل، وبما أن الأنسولين مصادق عليه، يعمل فريق دميانو على نظام مرتبط بالأنسولين فقط.
ويقول الأستاذ في جامعة هارفرد الدكتور غوردن واير، والذي يشارك في بحوث دميانو «إن العلاجات الحالية رغم تحسنها ما زالت غير قادرة على معالجة معظم مرضى السكري من النوع الأول»، لأنهم معرضون لخطر انخفاض معدل السكر في الدم مباشرة أو ارتفاع معدل السكر في الدم على المدى الطويل، فجرعة زائدة ولو ضئيلة من الأنسولين قد تؤدي إلى الموت.
وبما أن معدل السكر المنخفض يهدد حياتنا، نرى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول يميلون إلى الحفاظ على معدل سكر عال، لكن ذلك قد يؤدي، على المدى الطويل، إلى تلف الأعصاب، والكلى والعيون والقلب، كما أن السكري يعد أحد الأسباب الرئيسة التي تؤدي للعمى أو فشل الكلى أو بتر الأعضاء ويرفع نسبة الإصابة بأمراض قلبية.
ويتغير معدل الأنسولين باستمرار في الجسم، بحسب عدد ساعات النوم أو حجم وجبة الطعام أو المزاج أو ممارسة الرياضة... ومع التقنيات المتوفرة حالياً، يتأخر الأنسولين في الوصول إلى الدم بعد فرزه، كما أن بعض الناس يمتصون الأنسولين بشكل أبطأ من غيرهم، ففي البانكرياس الإصطناعي، يتم فرز الأنسولين تحت الجلد، في الدهون حيث يمتصه الدم ببطء، أي في ما يعادل ساعة إلى ثلاث ساعات تأخير.
ويسهّل الكمبيوتر عملية ضبط معدل السكر في الدم، حيث يتم قياسه كل خمس دقائق ويتم فرز الكمية المطلوبة من الغلوكاغون والأنسولين مباشرة، في حين أن القيام بذلك يدويا يعد عملا مرهقاً، كما أن قياس معدل السكر يتم خمس مرات في اليوم فقط.
أما العقبة التي يجب أن تتخطاها الأبحاث أساسية، فإذا جلس أحدهم من جهة المجس على سبيل المثال، قد يؤدي الضغط إلى قراءة معدل السكر في الـدم بشكل غير دقيق، والمجس يتطلب معايير حساسة ليعمل بشكل سليم.
المصدر: السفير نقلاً عن «لوس أنجلس تايمز»
إضافة تعليق جديد