إسرائيل تخوض حرب العملات في الظلّ
في ظل تصاعد الحديث عالمياً عن «حروب العملات»، وتعرّض دول كالصين والبرازيل واليابان لانتقادات من الدول الغربية، ازاء سياسات التدخل للمحافظة على خفض العملات الوطنية بغية تحفيز التصدير والنمو، يتبع محافظ المصرف المركزي الاسرائيلي ستانلي فيشر الذائع الصيت في الأوساط المالية العالمية، سياسة حماية «عدائية» لعملة الشيكل، تصفها صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنها «غير مسبوقة تقريبا».
ولم تحرك «مؤسسات إدارة الاقتصاد» العالمية كصندوق النقد المركزي والبنك الدولي، أية حملات كتلك التي تشنها على الصين، ازاء سياسة الإبقاء على شيكل ضعيف التي ينتهجها فيشر منذ عام 2008. لكن فيشر «يوّجه جمهوراً واسعاً في الأسواق المالية العالمية» بحسب «وول ستريت جورنال»، لأسباب عديدة، منها دوره في الحدّ من تبعات الازمة المالية الآسيوية في اواخر التسعينيات، عندما كان الرجل الثاني في صندوق النقد الدولي.
ويقول فيشر «السبب الأساسي وراء مواصلتنا للتدخل، هي اننا نريد الحماية، ونريد ألا يتضرر قطاع التصدير من تذبذبات العملات المبالغ بها». ولتعقيد إمكانية ملاحقة قيمة الشيكل، قام فيشر بشكل متواصل برفع نسبة الفائدة وسط ازدهار قوي لأسواق العقارات الإسرائيلية. وقد غذى ارتفاع النشاط في الأسواق السكنية، المخاوف من التضخم وتزايد التحذيرات من توسّع فقاعة عقارية. لكنه عبر ذلك يزيد الضغط صعودا على الشيكل، عبر إغراء المستثمرين.
والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الاسرائيلي، شبيهة بتلك التي تعاني منها كل الاقتصاديات المعتمدة على التصدير، وتدفع الحكومات إلى المحافظة على قيمة منخفضة لعملاتها، سعياً وراء الابقاء على تنافسية صادراتها. وقد بدأ فيشر في آذار 2008، بشراء الدولارات، حيث كان التدخل الأول من المصرف المركزي الاسرائيلي في أسواق العملات، منذ أكثر من عقد.
عندها كانت كرة الثلج الناتجة عن الازمة المالية العالمية، بدأت تتشكل، وكان شراء الدولارات هادفا إلى زيادة حجم الاحتياطات الاجنبية التي كانت محدودة حينها لدى اسرائيل، إلى جانب إضعاف الشيكل لمساعدة الصادرات المنهارة، والتي تشكل ما بين 40 و45 في المئة من مجمل الناتج الاقتصادي الاسرائيلي.
وتؤكد «وول ستريت جورنال» أن فيشر قام منذ عام 2008، باتباع «إحدى أكثر التدخلات عدائية في أسواق العملة». ومن منتصف عام 2008 إلى منتصف عام 2009، اشترى المصرف المركزي الاسرائيلي 100 مليون دولار يومياً. ثم استمر ذلك بـ«خطوات هادرة»، لتزداد احتياطيات اسرائيل بحوالى 7 مليارات دولار، خلال العام الحالي وحده. وتوازي قيمة مشتريات الدولار نسبة 3 في المئة من الناتج الاجمالي المحلي الاسرائيلي، أما الاحتياطيات الاجنبية فوصل حجمها إلى حوالى 70 مليار دولار، مقابل 29 مليار دولار قبل أن يبدأ فيشر «حمّى الدولار».
وفي منتصف عام 2008 كان الدولار يعادل تقريبا 3 شيكلات، قبل ارتفاع قيمته امام العملة الاسرائيلية خلال التدخل المركزي. وخلال معظم العام الحالي، كانت قيمة الدولار أقلّ بقليل من 4 شيكلات، لكنها عادت وهبطت إلى حوالى 3.6 شيكلات في الأسابيع الأخيرة.
وقد واجه فيشر انتقادات عديدة لتدخله العدائي في الأسواق، في الداخل كما في الخارج. وطالبت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فيشر بوقف ممارساته، محذرة من أنها قد تزيد من التضخم وتضرّ بمصداقية المصرف المركزي، فيما شكّك سلفا فيشر، ووزير المالية يوفال شتاينتز، علنا بسياسته.
وتشكل المحافظة على احتياطيات ضخمة من الدولار في وقت تقارب نسب الفائدة الأميركية قيمة الصفر، عملية مكلفة جدا، لكن فيشر يؤكد للـ«وول ستريت جورنال» أن «القلق الاقتصادي الأكبر، يغطّي على الخسائر الناجمة عن الفارق في نسب الفائدة»، فيما تشير المعطيات إلى أن خطوات فيشر قد ساعدت الصادرات، التي كادت تعود إلى مستويات ما قبل الأزمة، بعد وصولها إلى مستوى متدنّ غير مسبوق في الربع الأول من عام 2009.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد