فرنسا: انتفاضة في البرلمان والشارع احتجاجاً على إصلاح نظام التقاعد
اثار قرار رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) برنار اكوابيه تعليق مداخلات نواب المعارضة اليسارية حول مشروع اصلاح نظام التقاعد، مشادات كلامية وصخباً بين النواب، سرعان ما امتد الى الشارع وتحديداً الى محيط البرلمان حيث احتشد آلاف المتظاهرين بدعوة من النقابات، في تظاهرة احتجاج لم يعلن عنها مسبقاً.
يأتي ذلك في وقت واصل البرلمان الفرنسي مناقشة خطة اصلاح نظام التقاعد، على مدى ساعات ليل الثلثاء - الأربعاء، وقرر اكوابيه تعليق الجلسة فجراً والدعوة الى جلسة لاحقة يقتصر جدول أعمالها على التصويت على الخطة.
وبقراره هذا، حرم اكوابيه اكثر من مئة نائب من المعارضة اليسارية من مداخلات كانوا طلبوا الإدلاء بها لتوضيح طبيعة التصويت الذين سيقدمون عليه في ما يخص الخطة الإصلاحية.
واعتبر اكوابيه، ان كل ما يمكن للنواب قوله في شأن الخطة قالوه منذ بدء مناقشتها في 7 الشهر الجاري وأنه لو اعطى كل من نواب المعارضة البالغ عددهم حوالى مئتي نائب حق الكلام لمدة خمس دقائق فقط لاستوجب الأمر ارجاء جلسة التصويت الى الأسبوع المقبل.
وأوضح أن المقصود من تهافت نواب المعارضة على طلب الكلام هو المماطلة وإضاعة الوقت وهو ما رأى انه غير لائق بالنسبة الى هيبة الندوة البرلمانية.
لكن المعارضة اليسارية، رأت في ذلك خطوة منافية للديموقراطية، ودليلاً جديداً على اسلوب التسلط الذي يعتمده اليمين الحاكم، ودعت الى استقالة اكوابيه.
وتوالت الانتقادات بحق اكوابيه وبحق وزير العمل اريك فورت الذي تولى مهمة انجاز اصلاح نظام التقاعد في حين انه يواجه سلسلة متاعب مردها الى «العلاقة – الفضيحة» بينه وبين وريثة امبراطورية «لو ريال» ليليان بينانكور والمقربين منها.
وتساءل الناطق باسم الحزب الاشتراكي المعارض، في البرلمان، برونو لورو: «ما هي هذه الديموقراطية التي نعيشها اذا لم يعد يحق للبرلمان ان يناقش» ما هو مطروح عليه.
وذهبت النائبة الاشتراكية كاترين كونيل ابعد من ذلك، وصبت غضبها على فورت بالقول: «اعتدنا منك على الكذب، وهذا ما يبدو انه من طباعك». وأثار كلام كونيل شتائم متبادلة وتراشقاً كلامياً بين نواب الحكم والمعارضة، وأصدر الحزب الاشتراكي لاحقاً بياناً رسمياً مطالباً باستقالة اكوابيه من منصبه.
وتعتبر المعارضة ان خطة اصلاح نظام التقاعد التي تنص على رفع سن العمل قبل التقاعد من 60 سنة حالياً الى 62 سنة، ينطوي على اجحاف بحق الذين بدأوا العمل في سن مبكر وبحق اصحاب المهن الشاقة.
وفي ضوء هذه التطورات، دعت النقابات الى تظاهرة احتجاج سرعان ما تجاوب معها آلاف من الأشخاص الذين احتشدوا في ساحة لاكونكورد القريبة من مقر البرلمان. ورفع المتظاهرون يافطات تنديد بخطة الإصلاح، من بينها يافطة كتب عليها «ايها السادة والسيدات النواب لا تصوتوا على هذه الخطة لأنها جائرة».
على صعيد آخر (أ ف ب)، شنت الحكومة الفرنسية هجوماً مضاداً على الانتقادات اللاذعة التي وجهتها اليها المفوضة الأوروبية فيفيان ريدينغ وركزت الهجوم على المقارنة التي اجريت بين وضع الغجر الذين يتعرضون للترحيل في فرنسا وما حصل لليهود ابان الحرب العالمية الثانية.
وتولى وزير الدولة للشؤون الأوروبية بيار لولوش الرد على تصريحات المفوضة الأوروبية للعدل والحقوق الأساسية ريدينغ التي اثارت حفيظة فرنسا بعد تصريحات اعتبرتها باريس تجنياً.
ورفضت الرئاسة الفرنسية عشية قمة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، انتقادات ريدينغ لفرنسا حول وضع الغجر وقالت ان «بعض التصريحات، ببساطة، غير مقبولة»، لكنها اعتبرت انه يجب اجراء «حوار هادىء» مع المفوضية الأوروبية.
آرليت خوري
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد