مـا هـو أصـل التمييـز الجنسـي؟
يبدو أن التمييز على أساس الجنس قديم قِدم البشرية. فمن اخترع فكرة أن الرجل أقوى من المرأة؟ أو أن الذكور يولدون أذكى من الإناث مثلاً؟ وهل فعلاً أن التمييز بين الذكور والإناث يولد مع الإنسان؟
وكثرت النظريات العلمية التي تعيد أسباب التمييز إلى الدماغ. لكن عالمة النفس الإدراكي كورديليا فاين لم تقنعها هذه الفكرة، فقدمت في كتابها «أوهام التمييز الجنسي» نقداً علمياً لهذه النظريات.
وهاجمت فاين في كتابها العلماء الذين يستخدمون تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي ليبرروا من خلالها التمييز بين الجنسين، كأن «تثبت» اختبارات أجريت على أطفال ذكور وإناث أن الإناث يطلن النظر في وجوه الباحثين، في حين أن الذكور ينشغلون بالأدوات الإلكترونية، ليقال إن المرأة عاطفية بالخَلق والرجل تحليلي بالفطرة.
وعلى الرغم من أن هذه الدراسة أكثر تقنية وأقرب إلى المناقشة المنهجية، إلا أنها تبقى حجر الزاوية في النقاش القائل بأن هناك اختلافاً أساسياً في التركيبة الدماغية بين الذكور والإناث.
ولا تقدم فاين في كتابها بحوثا خاصة بها، بل هي تفنّد الاختبارات والدراسات السابقة التي تسميها «علم الأعصاب التمييزي على أساس الجنس». مهمتها نقض القوالب النمطية بشأن الجندر. ولا ترحم في هجومها «الحيل الدماغية»، وهو المصطلح الساخر الذي تستخدمه للدلالة على العديد من النظريات المشهورة، التي تقول إن الهرمونات الجنسية هي التي تحدد شكل الدماغ، والتي من ثم تحدد السلوك والقدرات الفكرية عند الإناث والذكور.
وبحثت فاين في عدد من الكتب التي تناقش اختلافاً أساسياً وجوهرياً، وهو «الاختلافات الدماغية بحسب علم نفس الذكور والإناث»، إلا أنها لم تركز على الأبحاث بقدر تركيزها على السؤال «ما الذي يفسر نجاح وجاذبية الحقل الجديد في التمييز الجنسي بحسب الدماغ؟» ولاحقت فاين جذور التمييز الجنسي بحسب الدماغ إلى منتصف القرن العشرين.
واعتبرت فاين أن الدراسات التي حاولت إثبات الاختلافات بين الذكور والإناث بناء على التركيبة الدماغية كلها غير صحيحة، وخصوصاً أن الدراسات القديمة لم تصمد علمياً مع مرور الزمن، نظراً لأن التكنولوجيا الجديدة استبدلت علماء الدماغ بصور الرنين المغناطيسي، والتي بدورها قد تستبدل بأدوات أكثر تطوراً مع تقدم الزمن والعلم.
وبدورها، اتهمت أستاذة علم النفس الإدراكي في جامعة «أستون» البريطانية جينا ريبون، الكتب التي تتحدث عن اختلافات في التركيبة الـــدماغية بين الرجال والنســـاء بأنها «تروّج لصور نمطية تمييزية على أساس الجنس، استناداً إلى العلم»، مضيفةً انه «لطالما استخدمت التفسيرات البيولوجية، عبر التاريخ، كسلاح للإبقاء على الاختلافات الاجتماعية».
وتابعت أنه «في العصر الفيكتوري، اقترح العلماء أن النساء يفكرن بجزء من دماغهن مختلف عن الجزء الذي يستخدمه الرجل للتفكير»، وفي الخمسينيات «ابتكر العلماء فكرة أن للنساء منهجية تفكير أدنى من الرجال بسبب هرموناتهن»، والآن «هم يروّجون لفكرة أن أدمغة الرجال مختلفة عن أدمغة النساء.. وهذا خاطئ».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد