محافظة دمشق عازمة على تشريد عدد كبير من قاطني حي أبو جرش
على سكان أبو جرش أن يستقبلوا عن طيب خاطر جرافات المحافظة لهدم منازلهم ومزارعهم التي وضعوا فيها شقاء العمر كله حلوه ومرّه..
قصتهم مع القلق بدأت منذ عشر سنوات عندما أنذروا بالهدم والإخلاء وبعدها نامت المحافظة على هذا القرار لكي تعود مرة أخرى من جديد بإنذارات صارمة وسريعة وبتاريخ 2/8/2010 وبمهلة قصيرة جداً للإخلاء.. بتاريخ 5/9/2010.
هكذا وبجرة قلم سطرت المحافظة انذاراتها ل 400 أسرة تضم 6000فرد و165 فعالية اقتصادية
فهل يعقل أن ترمي المحافظة بهذه الأسر كلها مع أولادهم ونسائهم وشيوخهم إذ إن معظمهم من المزارعين والعمال وأصحاب الدخل المحدود.؟؟
إن الاستقواء على المواطن بهذه الطريقة ليس فخراً تجاهر به إدارة المحافظة فهي أولاً معنية بالمواطن وخدماته وأمنه، وليس تشريده وقطع رزقه وخاصة اننا على أبواب عيد الفطر السعيد وموسم المدارس.
بدايات
بتاريخ 10/6/1975 أصدر رئيس الجمهورية المرسوم رقم 678 متضمناً استملاك جملة عقارات واقعة في منطقة «أبو جرش» العقارية في محافظة دمشق، وذلك لجعلها حديقة عامة، وبقي مشروع إنشاء الحديقة حبراً على ورق ولم يخرج إلى حيّز التنفيذ.. وفي 23/1/2002 أصدرت محافظة دمشق القرار رقم 10م.د والذي تضمن تعديل الصفة العمرانية لمنطقة البارك الشرقي من صفة زراعية داخلية إلى حديقة مع تثبيت بانوراما حرب تشرين التحريرية وكلية الهندسة الزراعية، إضافة إلى منشأة سياحية وثقافية وفنية. فأقام بعض أصحاب العقارات المستملكة الدعاوى أمام القضاء الإداري مطالبين فيها بتعديل المرسوم بعد أن تبين عدم صدقية مشروع النفع العام لأن المطبق تأسيس شركة استثمارية. عندها شعرت المحافظة بالحرج أمام هذه الحالة القانونية، ولكن بقيت مستمرة في توجهها نحو تنفيذ مشروع البارك الشرقي، ليس على أساس حديقة عامة وإنما على أساس منشآت سياحية... وغيرها، فالملكية الفردية مصونة بموجب الدستور ولا يجوز نزعها إلا للمصلحة العامة وللحالات المنصوص عليها في قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983 وحيث إن نزعها امتياز للإدارة محدد ومشروط، أي بأن يكون للمنفعة العامة ولقاء تعويض عادل فالسؤال الذي يطرح نفسه: أين النفع العام هنا؟؟؟!!
وهل ستنشأ حديقة عامة فعلا» أم إن الأمر لإنشاء مشروع تجاري رابح وغيره من غايات نجهلها...؟!!
تعويض بخس
تبلغ مساحة البارك الشرقي حوالي 4200 دونم يقطنها حوالي 6000 مواطن يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات وقد استملكت بيوتهم وأراضيهم بأسعار زهيدة جداً لا تتناسب مع المبالغ التي ستجنيها المحافظة من المشروع الجديد وأنذروا بإخلاء بيوتهم خلال مدة لا تتجاوز الشهر مع أنهم يدفعون للمحافظة أجارات منذ صدور مرسوم الاستملاك ولديهم وثائق رسمية بذلك. فإلى أين يتوجهون بعد أن سلبت منهم بيوتهم ومصدر رزقهم، فأصبحوا بلا مأوى ولا عمل وخرجوا من «المولد بلا حمّص»؟؟. وأين العدل في الاستملاك وطرد الناس من بيوتهم مقابل أثمان رخيصة مع العلم أن الاستملاك يجب أن يكون في أضيق الحالات والتعويض في أوسعها ففي كثير من الدول يعوض مالك العقار المستملك تعويضاً مادياً يفوق الأسعار الحقيقية لعقاره وذلك جرّاء الضرر المادي والمعنوي الذي يصيب صاحب العقار من نزع ملكيته عنه قسراً.
ما قبضه المتضررون لايساوي ثمن متر واحد في أرض تشكل رئة ومتنفساً لمدينة دمشق ومخزوناً زراعياً لها.
رأي محافظة دمشق
محافظة دمشق ذكرت أنها لن تقوم بإزالة أي إشغالات سكنية أنذر أصحابها إلا بعد تأمين السكن البديل واللائق للمستحقين.
وبدورنا ): نضع خطاً عريضاً تحت كلمة الائق ),علماً أن المهندس عبد الفتاح أياسو مدير التنظيم والتخطيط العمراني في المحافظة لم يصرح عن المكان الذي سيضم هذا السكن اللائق
وأشار إلى وجود منطقتين ستتم إزالة الإشغالات القائمة عليهما. الأولى تنظيمية وتشمل حي (أبو جرش) بهدف إقامة البارك الشرقي، والثانية منطقة استملاكية تشمل شريط إشغالات محاذياً لاوتستراد العدوي بهدف استكمال تجميل مدخل دمشق الشمالي من خلال إقامة المسطحات الخضراء مبيناً أنه ستتم إزالة الإشغالات التجارية الخفيفة البالغة 165 إشغالاً والسكنية البالغة 103، إضافة إلى 85 مشتلاً زراعياً.
ولفت إياسو إلى أن جزءاً من البارك الشرقي أملاك عامة نتيجة تنظيم عدوي- إنشاءات والبقية استملاكات متعددة، مشيراً إلى حصول أصحاب عقارات المنطقة على حصص سهمية بالمقاسم التنظيمية والمسجلة بالعقد رقم 340لعام 1980 حيث ألغيت الصحيفة العقارية للعقارات الأصلية بناء على القانون 9 لعام 1974 لتنظيم وعمران المدن,كما أكد على أن توقيت الإخلاء ليس 5/9 وإنما بعد عيد الفطر السعيد بفترة مناسبة.
وهكذا أصبح حال الأهالي المتضررين مرهون برحمة المحافظة وخاصة أننا في شهر رمضان المبارك ومقبلون على عيد الفطر ليصبح لسان حال الناس يقول :(عيد بأي حالٍ عدت ياعيد)
وسيليه موسم المدارس ليضاف إلى تشريدهم تشريد اخر لبعد المسافة أو لمنطقة لاتوجد فيها مدرسة أو.....أو ...؟؟؟ لاحتمالات قد يكون القدر فيها أرحم من المحافظة وقراراتها التي لاتعرف من الرحمة إلا رسم حروفها.
فالسيد عبدو صلاح الشعال، مستأجر منذ عام 1950 للعقار رقم 2315 (أبو جرش) اقتطعت المحافظة جزءاً كبيراً من أرضه منذ عشر سنوات وقامت بتسويرها عنوة.
إضافة إلى مالكي العقار 2316 الذين وجهت لهم إنذارات بالإخلاء لإنشاء حديقة حيوان وذلك عام 2000 ومن جديد عاودت المحافظة الكرة بإنذارات الإخلاء التي عليهم أن يلتزموا بتنفيذها خلال شهر على الأكثر دون تأمين السكن البديل لهم. وهنا رأت المحافظة أن حديقةً للحيوان أمتع للنظر وأفضل من وجود في هذه المنطقة. بدورها السيدة عفيفة بيرقدار من مواليد دمشق 1928 من سكان منطقة مسجد الأقصاب- أبو جرش أخذت قراراً صادراً عن لجنة حل الخلافات للمنطقة الاستملاكية وتم تثبيت ملكيتها لقيمة الوحدة رقم /37/ المشيدة على العقار 1838 ورغم هذا القرار جاءها إنذار بالإخلاء. ومثلها السيد غسان رستم المستأجر للعقار 242/15 أبو جرش منذ عام 1973 والسيد عماد شروف.
وجميع الأهالي في تلك المنطقة أكدوا أنهم لدى مراجعتهم للمعنيين في وزارة الإدارة المحلية للوقوف على حقيقة الإنذارات لم يجدوا نتيجة فالمسؤولون في دائرة الاستملاك لا يعرفون شيئاً عن ماهية الموضوع ولا توجد دراسة سابقة لحي (أبو جرش).
رأي وزارة الإدارة المحلية
بناء على الشكوى التي تقدم بها السكان إلى وزارة الإدرة المحلية فقد أصدر السيد الوزير كتابا أشار فيه إلى الآتي:
السيد محافظ دمشق
نحيل إليكم حسب العائدية معروض أهالي وسكان حي قصر اللبان أبو جرش (مشروع البارك الشرقي/ المسجل لدينا بالرقم 2726/ش تاريخ 11/8/2010 المتضمن اعتراضهم على قيام محافظة دمشق بإنذارهم لإخلاء منازلهم التي يشغلونها خلال مدة شهر ويطلبون تأمين مساكن بديلة لهم فيما إذا كانت هناك دراسة جدية أو تحويل للمشروع أو تأجيل الإخلاء.
يرجى الاطلاع والإيعاز لمن يلزم بالإجابة وموافاتنا بمذكرة توضيحية عن الموضوع مع بيان الرأي والمقترح. والإعادة بالسرعة الممكنة شطارة في إزهاق حقوق الناس
زودت محافظة دمشق وكالة سانا بخبر تم بثه طوال الخميس الماضي جاء فيه أن محافظة دمشق لن تخلي أحداً من سكان أبو جرش من منزله إلا بعد تأمين السكن البديل له.. وهذا الوعد هو نوع من ذر الرماد في العيون... فعدم الإخلاء الذي قطعته على نفسها محافظة دمشق وعد تفهمه وتمارسه محافظة دمشق على الشكل التالي: السكن البديل لمن لديه ما يثبت ملكيته للعقار أو المنزل أو عقد إيجار.
والغريب في الأمر أن عقد الإيجار واجب بين الأب وابنه وفقاً لوجهة نظر محافظة دمشق وإلا فإن الابن القاطن مع أبيه في مسكن واحد مصيره التشرد.
ونود في هذه المناسبة أن نقول لمحافظة دمشق: إن معظم عمليات إجار المنازل في مدينة دمشق وريفها وفي كل المحافظات كانت تتم قبل نحو 40 عاماً من دون تنظيم أو تدوين عقد إجار مكتوب بل كانت الأمور تتم من خلال اتفاق شفهي على قيمة الإجار الشهري بين المستأجر والمؤجر... لذلك فإن تثبيت حق الملكية لا أحد يستطيع أن يناقش به.. أما إثبات العلاقة الإيجابية أو الشراء بسند فهذه المسألة يثبتها البحث الاجتماعي الذي أجرته المحافظة في عام 2000 والذي يفترض أن يجري حالياً قبل الإقدام على ترحيل السكان... وهدم منازلهم من أجل زراعة مروج خضراء مكانها.
غيداء حسن- صالح صلاح العمر
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد