جباة يختلسون الملايين من مؤسسة مياه درعا على مدار سنوات
كانت البداية في عامي 2008 - 2009 عند التدقيق على جابي كل من بلدتي نصيب وغصم حيث تبين بعد الجرد أن هناك فاقد في الأموال المحصلة بموجب الفواتير بقيمة /650/ ألف ل.س لدى الأول و/950/ ألف ل.س لدى الثاني ولم يكن حينها يظن أحدٌ أن الأمر قد يكون مكرراً لدى جباة آخرين لكن حالة الاختلاس هذه كانت لها فروع في أكثر من منطقة.
لم تكن في مؤسسة مياه درعا مديرية حسابات خاصة بها حتى نهاية 2009 وقبل هذا التاريخ كانت دائرة تابعة لمديرية المالية وبكادر قليل أغلبه عقود سنوية وتنقصه الخبرات وذلك كان سبباً في وجود عجز في إصدار الميزانيات السنوية، وعندما تم تشكيل مديرية حسابات جديدة خاصة بالمؤسسة في بداية العام الجاري 2010 بدأت بدراسة جميع التراكمات السابقة لإنجاز الميزانيات المتأخرة والأرصدة الموجودة فيها من سنوات سابقة بشكل تفصيلي وخاصة لحساب الجباة وهنا بدأت تتكشف الأمور حيث تبدى أن الجيوب كانت هي خزينة بعض الجباة لسنوات طويلة سابقة مستبيحين المال العام.
ما يثير الدهشة أن التراكمات والمبالغ التي ذهبت إلى جيوب بعض الجباة تعود لأعوام قديمة بدءاً من 1989 وحتى تاريخه وهي كبيرة جداً حيث إنه منذ ذلك التاريخ لم تدرس هذه الحسابات، ومن المهم أن الأمور بدأت تتكشف فبدأت دراسة حسابات الجباة الذين وُجدت عليهم تراكمات ومبالغ عالية جداً والجباة الذين تركوا العمل بالجباية ولاتزال ذممهم مشغولة، وتبين من خلال عمليات الجرد والمطابقة التي أجرتها مديرية الحسابات وبإيعاز من مدير عام المؤسسة وجود نقص بالمبالغ المحصلة والمسلمة، ففي وحدة مياه غباغب وحدها تبين وجود نقص بنحو /24/ مليون ل.س، وفي وحدة مياه داعل نحو /18/ مليون ل.س ولا تزال أعمال الجرد والمطابقة جارية مع الجباة في جميع وحدات المياه، علماً أنه يوجد في المؤسسة /19/ وحدة مياه على مستوى المحافظة شملت أعمال الجرد منها وحدات المياه في كل من بصرى وغباغب وداعل وازرع ونوى ومحجة وحالياً أعمال الجرد قائمة في وحدة مياه طفس.
رئيس دائرة الجباية أكد أن الأعمال تتم بشكل مفاجىء في الوحدات وفيها يتم إجراء الجرد والمطابقة على الجباة «ماذا استلموا من المؤسسة من فواتير وماذا سلموا» وهذه الأعمال مضنية وتستغرق وقتاً ليس بالقليل، فمثلاً استغرقت في وحدة مياه غباغب /20/ يوماً وفي وحدة داعل /15/ يوماً وبمشاهدة العمل فإن آلية الجرد على الفواتير تتم على حاسبة «بكر» وكل فاتورة تُجرد تُقلب وهكذا ثم تجمع في رزمة مرفقة بشريط الحاسبة ثم تذهب إلى لجنة التدقيق التي تطابق الرزمة مع الشريط، وفي حال تكرار الفاتورة يتم الحذف، وفي حال النقص لأخرى تجمع وتثبت ثم تحرز الرزمة مع الشريط برقم مسلسل وتاريخ مع توقيع اللجان، وبعدها تتم المطابقة بـ «ماذا استلم الجابي وماذا سلم» لتظهر المطابقة أوعدمها وبالتالي الفارق والمبالغ المختلسة.
للعلم فإن الجابي في مؤسسة المياه يعد جابياً مركزياً وليس جوالاً بمعنى أنه يمثل دائرة جباية في مركز عمله يحاسب وتدور لديه الفواتير دورة بعد دورة في حين أن الجابي الجوال يحمل دورة مالية واحدة تجرد عليه تباعاً وهذا كان أحد الأسباب التي جعلت الجباة المختلسين يتمادون في استباحة الأموال العامة إضافة إلى ضعف دائرة الحسابات بكادرها المتواضع وغير الكفؤ وعجزه عن إصدار الميزانيات المتراكمة وعدم متابعة هذا الأمر في السنوات السابقة.
وما تجدر الإشارة إليه أيضاً أن عدد الجباة القائمين على رأس عملهم يبلغ نحو /100/ جابي، وهناك نحو /86/ جابياً قد تركوا العمل وبعضهم أصبح في الدار الآخرة، والمفارقة العجيبة أنه عندما كان يترك الجابي لم يكن يأخذ براءة ذمة من أي نوع ولم يكن يسلم عهدته للجابي الذي يليه بشكل أصولي والأمور كلها كانت تسير بعشوائية تامة لا مثيل لها في أي نظام داخلي مؤسساتي أو مالي، وطبعاً ما تقدم سيجعل عملية تحصيل الأموال العامة صعبة ومتأخرة.
بالمحصلة فإنه وفور تثبيت النقص على الجباة المختلسين تمت إحالتهم إلى القضاء بتهمة اختلاس أموال عامة، وقد أكد السيد محافظ درعا في أحد الاجتماعات منذ فترة أنه يتم التعامل مع هذا الموضوع بكل جدية وشفافية وبشكل معلن ولن يفلت كل مَنْ تعدى على المال العام.
ونحن سنتابع ما سيتكشف مع لجان الجرد على الجباة أولاً بأول ولاسيما أن بعض المعلومات تشير إلى أن المبالغ المختلسة قد تتجاوز الـ /150/ مليون ل.س وبعضها الآخر يقول بأنها قد لا تصل إلى هذا الرقم لأن بعض الجباة الذين لم تصلهم أعمال الجرد بعد بدؤوا بتدبر أمور وسداد المبالغ التي بحوزتهم إلى المؤسسة.
المهم القصة ليست للتسلية وإنما هي قضية فساد يجب البحث بكل أسبابها ونتائجها ومحاسبة الجباة الذين كانوا كبار لصوصها.
وليد الزعبي
المصدر: البعث ميديا
إضافة تعليق جديد