للجنس دور في تحديد عدد المفردات والقدرة على السمع والشم
لماذا يصمت الرجال وتثرثر المرأة؟ لماذا تضيع المرأة وجهتها دائماً؟ لماذا لا يسمع الرجل صوت بكاء ولده؟
أسئلة طرحتها دراسات نشرت في بداية العقد الحالي ومن أشهرها كتاب «المرأة والرجل، أسرار لم تكشف بعد» للكاتبة آلين ويلر الذي جمع تحليلات ودراسات متعددة لا تزال مثار جدل بين الكثيرين.
وجاءت الأجوبة بالاعتماد على افتراضات نظرية دارون في التطور ليس بأن «أصل الإنسان قرد»، بل بأن تطور الوظائف الحسية عند الإنسان يتناسب طرداً مع الحاجة لاستخدامها وبالتالي مع الأدوار الاجتماعية، فتعود التحليلات بنا إلى ملايين السنوات، إلى العصر الحجري حيث احتلت المرأة الكهف لتهتم بالنار والطعام وترعى الأطفال، ومارس الرجل عمله الأساسي في الصيد ليعود بقوت للعائلة.
توزع الأدوار هذا دفع كلاً من الجنسين لتطوير حواسهما بما يتلاءم مع واجباتهما فاضطرت المرأة أن تمد نظرها على حجم مسؤوليتها وأصبحت بالتالي ترى بشكل أوسع، طفلها هنا والنار هناك بالإضافة إلى أنها اكتسبت قدرة أكبر على تمييز الألوان بعضها من بعض، بينما وبحكم وظيفته الأساسية في الصيد، يرى الرجل بشكل أبعد ولكن أدق، فيحذف الألوان والكثير من الأشياء من المساحة التي يراها ويركز على تفحص ما يشاهده بحثاً عن الفريسة وللسبب نفسه يميز الرجل الأصوات الخافتة بدقة شديدة إذ أنها أصوات مهمة ومهددة تدل على الخطر أثناء عملية الصيد، بينما لا تركز المرأة بالطريقة نفسها في السمع بل تسمع بشكل أشمل ولكنها قادرة على أن تميز في وقت واحد صوت بكاء الطفل وحديث جارتها...
وفي الكهف، تتواصل المرأة مع أطفالها وربما جيرانها محاطة بنوع من الحياة الاجتماعية، ما أدى إلى تطوير وظيفة التحدث عندها وبالتالي زيادة عدد المفردات التي تستخدمها سواء لإيصال رسائل أم للتساير، بينما غدت وظيفة الكلام بالنسبة الى الرجل مهمة هادفة لا مكان ولا وقت لاستخدامها بهدف المتعة.
وتذهب التحليلات إلى أكثر من ذلك إذ اكتشف العلماء في الستينات أن لنصفي الدماغ وظائف مختلفة. فالنصف الأيسر مرتبط بالتفكير العقلاني، مثل المنطق والاستنتاج والتحليل والكلام، أما الأيمن فمسؤول عن النصف العاطفي كالإدراك الحسي والخيال والإبداع.
وتبين للعلماء بحسب دراسات مثيرة للجدل أن النصف الأيسر أكثر تطوراً لدى الرجل في حين أن النصفين متعادلان ومتشابهان لدى المرأة، وهي تستطيع أن تشغل النصفين في آن واحد، الأمر الذي يعجز عنه الرجل، فهو يستخدم نصفي دماغه بالتناوب فمثلاً يتمركز الكلام في الجزء الأيسر فقط من دماغ الرجل، في حين يتمركز في نصفي دماغ المرأة. فالرجل الذي يتعرض نصف دماغه الأيسر للضرر يصبح شبه عاجز عن الكلام، بينما تحتفظ المرأة بقدرتها على الكلام بالإضافة إلى أن كتلة الألياف العصبية التي تصل بين نصفي الدماغ اسمك بنسبة 30 في المئة لدى المرأة مما يسمح بتواصل أكبر بين الخلايا العصبية في نصفي الدماغ.
كما أن الهرمون الأنثوي «الاستروجين» ينشط التواصل بين الخلايا العصبية.
دماغ الرجل أكثر تخصصاً ودماغ المرأة أكثر ترابطاً
يعمل دماغ الرجل بطريقة متخصصة فلكل جزء منه كفاءته واختصاصه وهو يحتاج الى تمرير المعلومات التي يتلقاها من جزء لآخر قبل أن يتمكن من معالجتها، بينما يعمل دماغ المرأة بطريقة أكثر توزعاً حيث تستطيع المرأة استحضار كفاءاتها وملكاتها كلها بسرعة أكبر، وأيضاً تستطيع استخدامها كلها في آن واحد وبالتالي تستطيع المرأة أن تقوم بوظائف عدة في وقت واحد كأن تراقب الطبخة على النار وطفلها بين يديها وهي تتحدث مع جارتها وتسمع صوت زوجها يناديها فضلاً عن أنها تستطيع أن تفكر وهي تتكلم أو بالأحرى تتكلم حتى تفكر بوضوح أكبر، أما الرجل فيقوم بعمل واحد في وقت واحد، فهو يسمع ثم يفكر ثم يتكلم وهنا تبدأ المشكلة فعندما تبدأ المرأة سرد معاناتها أمام امرأة أخرى، يتكلمان ويتناقشان ساعات من دون أن يتوصلا بالضرورة للحل، أما عندما تقرر المرأة أن تسرد المشكلة لزوجها فقد تفاجأ بصمته المطبق، تفترض الزوجة أنها قلة اهتمام وفي الحقيقة (طبعاً كله بحسب الكاتبة آلين) هو يركز على ترتيب مهماته واحدة تلو الأخرى، إنه يفكر ليستطيع أن يعطيها حلاً. تغيرت اليوم الأدوار الاجتماعية مع الزمن وكانت الثورة النسائية كفيلة بإخراج المرأة من أسوار الكهف ولا نزال نناضل من أجل الكثير من حقوق المرأة المنتهكة، وربما تكون الوظائف الحسية أول من يستجيب للتغيير.
بيسان البني
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد