السودان: تضارب عربي-أجنبي حيال الانتخابات والمعارضة تحتج
تضاربت التقارير الدولية حول تقييم الانتخابات السودانية، فبعد انتقادها من قبل المراقبين الأوروبيين وتحفظ الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر على بعض ما جرى فيها، أشادت بعثة الجامعة العربية "بالتجربة" وقالت إنها سجلت "ما حظيت به معظم ولايات السودان من أمن واستقرار طوال فترة الاقتراع."
بالمقابل، بدأت القوى السياسية المعارضة بما فيها تلك التي شاركت في الانتخابات، تبدي اعتراضها على النتائج الأولية التي أظهرت تقدماً كاسحاً لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم، وقائده الرئيس عمر البشير، فاتهم بعضها النظام بتزوير نتائج مراكز بنسبة 99 في المائة، بينما وصف البعض الآخر نتائج دوائر معينة بأنها "غير معقولة."
وقالت بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات أنها رصدت نسبة إقبال مرتفعة بلغت في جنوب السودان 70 في المائة، فيما وصلت النسبة في شمال البلاد إلى 80 في المائة.
وأعربت بعثة الجامعة عن "ارتياحها لحسن سير العملية الانتخابية وفق عدد من المشاهدات والملاحظات التي سجلها مراقبوها،" وأشادت، على لسان رئيسها السفير صلاح حليمة "بتعاون رؤساء وأعضاء المراكز ووكلاء الأحزاب مع المراقبين الدوليين والمحليين،" وهنأ الشعب السوداني "بنجاح عملية الاقتراع" التي اعتبرها "نموذجاً ناجحاً يحتذى به في الدول الأفريقية."
ولفتت الجامعة العربية إلى وجود بعض المخالفات، منها "الهيمنة الحزبية على عملية التصويت" في بعض المراكز، وتأخير وصول بعض المواد الانتخابية لمراكز الاقتراع وعدم ثبات الحبر المستخدم، ولكنها عزت الارتباك الحاصل بكثرة عدد بطاقات الاقتراع إضافة إلى الوعي المحدود للناخبين.
وعلى صعيد القوى المعارضة، استنكر بيتر عبد الرحمن سولي، رئيس الجبهة الديمقراطية المتحدة المؤشرات الأولية لفوز حزب الحركة الشعبية في دوائر الاستوائية الوسطى. وقال سولي في مؤتمر صحفي بدار اتحاد المرأة بجوبا إن الحركة الشعبية " سعت مبكراً لتمكين منسوبيها من التصويت بل سعت لتهديد غير المنتسبين لها للتصويت لصالحها وانتهجت العنف وسيلة لذلك."
ووصف سولي النتائج التي أظهرتها دائرة وسط الاستوائية بأنها" ليست معقولة" متحدثاً عن إمكانية وجود "اتفاق سري بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لإكتساحها،" وقال إن الجبهة الديمقراطية المتحدة "ترفض النتائج جملة وتفصيلاً."
من جهته، اتهم المرشح المستقل بالدائرة الجغرافية القومية (1) أبوحمد صلاح الدين محمد أحمد كرار، حزب المؤتمر الوطني بتزوير الانتخابات في هذه الدائرة، وتحدث عن تزوير بنسبة 99 في المائة بأحد مراكز الاقتراع.
وكان مراقبون دوليون قد أشاروا السبت إلى أن أول انتخابات تعددية تشهدها السودان منذ أكثر من عقدين لم تف بالمعايير الدولية، إلا أنه ينبغي الاعتراف باعتبارها خطوة هامة للأمام في ذلك البلد الأفريقي الذي شهد حرباً أهلية طاحنة في جنوبه ونزاعات مسلحة في غربه.
وفي أول تقييم لأول انتخابات بالسودان منذ 24 عاماً، قال مركز كارتر، وهو واحد من عدة جهات غربية أشرفت على سير الاقتراع، في بيان: رغم أنه من السابق لأوانه تقديم تقييم نهائي وشامل، من الواضح أن الانتخابات لم ترقى إلى المعايير الدولية والتزامات السودان بشأن إجراء انتخابات حقيقية في الكثير من النواحي."
إلا أن مركز الرئيس الأمريكي الأسبق شدد على أن "الانتخابات علامة فارقة مهمة في اتفاقية السلام الشامل.. نجاح هذه الانتخابات يعتمد على تحرك قادة السودان لتعزيز تحول ديمقراطي دائم."
ووصف كارتر الانتخابات السودانية بأنها أقل من المعايير المطلوبة دولياً، وقال: "لن تلبي طموحات الناس.. لكن غالبية المجتمع الدولي سيقبل بها كخطوة أولى لتحقيق اتفاقية السلام والتحول الديمقراطي بالبلاد، وأنها أتاحت للأحزاب السياسية المشاركة".
وجرت الانتخابات، التي انطلقت الأحد، تحت مراقبة 750 مراقباً دولياً، بالإضافة إلى 18 ألف منظمة أهلية.
وكان الرئيس الأمريكي الأسبق قد انتقد انسحاب المعارضة من الانتخابات قائلاً: "انسحابهم كان متأخراً للغاية ليكون شرعياً من الناحية القانونية.. آخر موعد للانسحاب يعود إلى فبراير كان عندها سيكون انسحابهم قانونياً، لكنهم لم يفعلوا ذلك."
وأوضح كارتر خلال تقديم تقريره الأولي عن الانتخابات أن عملية الاقتراع صاحبتها تحديات كثيرة وبخاصة في اليوم الأول، منها غياب كشوف الناخبين وسقوط الأسماء مما أثار نوعا من التشويش.
وأوضح أن عملية الاقتراع شابتها مشكلات لوجيستية ونقص في المواد كالبطاقات، وبعض الناخبين لم يتمكنوا من التصويت إلا لمنصب الرئيس فقط. وهذا لم يمكن الناخب من الاختيار المطلوب، وأشار إلى غياب الشفافية ولمهمة لبناء الثقة في العملية الانتخابية، بالإضافة إلى وجود ناخبين دون السن القانونية.
وتطرق إلى مشاكل اعترضت المراقبين منها نقص في الحبر، وزاد: "كانت تتم إزالته بسهولة"، وأختام صناديق الاقتراع وعملية تحديد هوية الناخبين."
وانتقدت بدورها بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في السودان، بالإشارة إلى أن الانتخابات لم تف بالمعايير الدولية، لكنها عادت وأكدت بأن عملية الاقتراع مهدت الطريق نحو الديمقراطية.
وكانت المفوضية القومية للانتخابات قد أعلنت بدء فرز الأصوات الجمعة، بعد قرابة أسبوع من بدء التصويت الذي جرى تمديده ليومين آخرين، إثر شكاوى عن أخطاء ومشاكل تقنية ولوجيستية أدت لتأخير عملية الاقتراع، على أن تعلن النتائج الرسمية في 20 إبريل/نيسان الجاري.
والسبت، أظهرت النتائج الأولية إلى تقدم حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بقيادة الرئيس عمر البشير، في عدة مناطق شمالي ووسط وغربي البلاد، بينما انطلق الحديث عن شكل الحكومة المقبلة وطبيعة تشكيلها والمهام التي ستواجهها، وعلى رأسها قضية دارفور والأزمة الاقتصادية واستفتاء الجنوب.
وقاطعت بعض أحزاب المعارضة السودانية الانتخابات التي وصفتها بأنها "مزورة" قبيل إنطلاقها.
المصدر: CNN
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد