الاحزاب الدينية بالعراق ومحاولات كسب الناخب
منذ تأسيسها في سنوات مختلفة من تاريخ العراق الحديث والاحزاب الدينية مثل الحزب الاسلامي وحزب الدعوة والمجلس الاعلى وحزب الفضيلة والتيار الصدري وغيرها، وهي تعتمد في العزف على وتر المعتقد وتأثيره النفسي على الكثيرين لكسب الدعم.
الدليل في ذلك الشعارات الانتخابية التي رفعت في الانتخابات السابقة والقوائم التي نالت اعلى نسبة من الاصوات بسبب التأثير الديني والمذهبي.
لكن، وفي خضم التنافس الانتخابي للحصول على مقاعد البرلمان العراقي في دورته المقبلة، بدا واضحا ان اغلب الشعارات التي طرحتها الاحزاب الدينية هي شعاراتها ابتعدت في توجهها عن الاعتماد على التاثير الفكري للدين.
وقد ركزت بدلا من ذلك على سيادة الدولة والقانون ووحدة الكلمة والصف وبناء دولة حقيقية، وخصوصا بعد تاكيد المرجعيات الدينية عدم دعمها لاي مكون انتخابي مهما كان قربه او بعده عنها، وانما المعيار فقط هو السعي الى وحدة العراق والعمل على امنه وامانه.
ويرى استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور حازم الشمري ان العباءه الدينية لم تخلع لحد الان من الاحزاب الدينية ولكنها وضعت في اطار جديد من خلال شعارات تحاول اقناع الشارع بأنها قادرة على تقديم شيء جديد.
من جهته قال عضو البرلمان العراقي الدكتور عمر عبد الستار، للبي بي سي، ان الاحزاب المتواجدة على الساحة العراقية للفترة الماضية سواء الدينية منها او غيرها فشلت خلال السنوات الماضية في تكوين دولة قوية او بناء بلد له مكانة بين الدول.
ويضيف عبد الستار ان السبب في طرح الشعارات الجديدة هو الحاجة الى انتقالة من احزاب دينية تتعامل في مساحة ضيقة الى احزاب ذات هدف مركزي كتحقيق المصالحة او مكافحة فساد مالي او بناء مشروع تنموي سواء اقتصادي او غيره.
ويرى انها تعتقد ان هذا هو الحل الذي يخرجها من ازمة الفشل، ومن هنا جاء اكثر من تكتل سياسي بمشروع سياسي ضمن برنامجه الانتخابي يطرح هذه الافكار بغية بناء دولة مدنية تتكون من تيار عراقي واحزاب مدنية تكون نواة لدولة انتخابية مبنية على اسس صحيحة تجعل من العراق بلد قوي سيادي لا تحكمه فئة او مكون سياسي او مذهبي او طائفي بعينه.
ويشير عبد الستار الى هذه التكتلات، ومنها تكتل "احرار" الذي يقوده النائب ورجل الدين الشيعي اياد جمال الدين، وقائمة "تجديد" التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وغيرها، فيما لو فازت في الانتخابات القادمة، تعد بانها ستبني نواة الدولة العراقية خلال السنوات الاربع القادمة، وتقول انه بحلول عام 2017 سيكون العراق في موقع مميز وقوي لا يخضع لضغوط اجندات اقليمية او دولية.
بعض السياسيين قدموا استقالتهم من عضوية احزاب دينية رغم تبؤهم مواقع قيادية فيها بغية اقامة تكتلات وقوائم ذات صبغة اقرب للاحزاب المدنية ليكون لها مساحة اكبر من التمثيل في كل محافظات العراق، وتضم بين صفوفها كافة اشكال المجتمع العراقي بطوائفه المتعددة وهذا ما شكل قبولا لدى البعض من العراقيين.
احد هؤلاء هو وديع الحفار الذي قال للبي بي سي ان الحزب الديني عادة ما يكون تأثيره محصورا بين ابناء الطائفة او المذهب الذي يعتقده، اما الحزب المدني فلا يخضع لهذا المعيار وانما يمكن لأي عراقي في اي مكان الانتماء اليه لو اقتنع بمشروعه.
ورغم الاحباط ونسبة النجاح القليلة لتجربة الانتخابات السابقة، بحسب وصفه، يقول الحفار ان الانتخابات القادمه ربما تفرز وجوها جديدة تنفذ البرنامج السياسي الذي تطرحه في حملتها الانتخابية بعيدا عن التكتل الطائفي او المحاصصة التي فرضها الوضع السياسي، رغم تذمر السياسيين منها واعتبارها السبب في فشل المشروع السياسي في العراق خلال الفترة الماضية.
جعفر النصراوي
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد