رائحة 17 أيار تفوح من القرار 1701
سامر الحسيني : لولا استدعاء «الاحتياطي الدبلوماسي» لاقتربت هزيمة الجيش الإسرائيلي من الفضيحة. فبفضل القرار 1701 تمكنت إسرائيل من إخفاء جروحها العسكرية العميقة, واستطاعت, بالتالي, الترويج لانتصار مغشوش.
في المقابل, لا بد من الاعتراف لفؤاد السنيورة بمهارة مواجهته لحرب مجلس الأمن على لبنان. فقد نجح في اقصاء البنود الأسوأ, عن قرار لا يمكن وصفه لبنانياً بغير السيئ. وما قبول لبنان بالقرار الأممي المر إلا لتجنب الأمَرّ منه.
لكن «تحت السواهي دواهي». ففي القرار جملة, تكاد شبهتها, تستنفر بحراً من الشكوك ومحيطاً من الأسئلة.
والجملة التي لا يمكن ابتلاعها بالنيات الحسنة, لا يمكن تمريرها اطلاقاً بغبائنا الدبلوماسي.
تأمر جملة «النيات الأميركية» المخيفة بـ«وقف الأعمال العدائية».
«العدائية»!؟... وليست العدوانية أو العسكرية أو الحربية أو الإرهابية.
ألا يشتمّ أحد منها رائحة اتفاق 17 أيار؟.
ألا يعني إنهاء الحالة «العدائية» أنه مقدمة لاتفاق سلام, لن يتأخر كثيراً عن تنفيذ القرارات الأممية الثلاثة €1559 و1680 و1701€.
لهذا لا بد للعقل أن يحدّ من سرعة وتسرّع قيادات لبنانية في سيرها فوق الحبال الأميركية, الواهية الحجج والمنحازة بحجيجها الى إسرائيل.
وإذا كانت الفتنة ما زالت نائمة, فهذا لا يعني أن نومها ثقيل, فقد تستيقظ في أي لحظة تشفٍ غير محسوب العواقب.
من هنا نخشى المبالغة في محاولات تفكيك انتصار المقاومة التاريخي أو الاستراتيجي, سمّه ما شئت, على إسرائيل بالتركيز على الأثمان الاقتصادية والبنيوية والبشرية. فبعد ثوان من سكوت المدفع الاسرائيلي, وانتهاء المهلة الدموية الاضافية التي وضعتها الامم المتحدة لوقف إطلاق النار, استأنفت القوى اللبنانية حروبها السياسية الاكثر تدميرا, متجاوزة آداب مائدة الحوار, التي تحوّلت شهية بعض الجالسين حولها إلى شهوانية طاغية تحركها غريزتا الانتقام والتفرد بالسلطة.
المفارقة أنه انتصار شعر به كل العرب, حتى «العاقلين» منهم والمتعقّلين, ما عدا بعض لبنان, الذي سارع الى إزالة شعارات التضامن والوحدة الوطنية, التي فرضتها الصواريخ والمجازر الاسرائيلية, للانخراط في «يوم الحساب».
كان ارتفاع الاصوات أسرع من رفع الأنقاض, وتبادل حملات التخوين أكثر رواجاً من حملات التبرع لضحايا العدوان.
قد تكون الحرب العسكرية انتهت بهزيمة اسرائيلية. لكن الرهان الأميركي الاسرائيلي اليوم معلّق على ما تحقّقه الحرب السياسية, التي لا شك في أنها ستكون أكثر فتكاً من «القنابل الذكية» , التي أثبتت غباءها المفرط في ضرب مخابئ المدنيين بدلاً من مخابئ الصواريخ.
اليوم, دخل أولمرت في غيبوبة سياسية, شبيهة بغيبوبة شارون المرضية. فانتكاسة شعبية الاول وصحة الثاني, تمهدان لولادة قيادة اسرائيلية جديدة أكثر تشدداً من شارون وأقل تردداً من أولمرت. قيادة لن تنسى هزائمها في لبنان, ولن تسامح... فهل تجد في لبنان, وليس أميركا, أسلحتها الهجومية الفتاكة للحرب المقبلة على الإعمار الثاني؟.
المصدر : الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد