جولة في المعالم الإسلامية للقدس العربية

21-02-2009

جولة في المعالم الإسلامية للقدس العربية

تم تأجيل انطلاقة الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 الى الثالث والعشرين من شهر آذار (مارس) القادم، وكخطوة للتعريف بالقدس العتيقة، نسلط الضوء على حضارتها الماثلة للعيان، حيث تعتبر حضارة القدس من أقدم وأعرق الحضارات في العالم، وقد تعرضت المدينة عبر تاريخها الطويل، الذي يعود الى ما يقرب من خمسة آلاف عام، الى 18 محاولة تدمير وإعادة بناء، وبقيت على رغم ذلك من أبرز الرموز الحضارية والدينية في العالم. وقد أسس الكنعانيون المدينة المقدسة وأطلقوا عليها اسم أورشليم، أي مدينة الإله شالم إله السلام عند الكنعانيين. كما أطلق عليها اسم يبوس. وهو اسم لإحدى القبائل الكنعانية التي هاجرت الى فلسطين في عام 2500 قبل الميلاد.

واستطاع العرب بناء حضارة خاصة في القدس، بقيت معالمها قائمة حتى اللحظة الراهنة. ويعتبر التراث المعماري العربي الاسلامي وكذلك أسواق القدس العتيقة كنزاً ثميناً دالاً على ذلك. وتمتاز القدس عن مدن العالم بأنها مهد الديانات السماوية، وأرض الأنبياء والمقدسات، فكل حجر في القدس يحكي تاريخاً محدداً. وباتت القدس نتيجة الحضارة والأوابد العربية فيها، تضم أهم المعالم السياحية في فلسطين، ومن أهمها الأسوار، حيث يوجد ستة أسوار، وكان أول من بناها اليبوسيون سنة 2500 ق.م والهدف من إنشائها تحصين المدينة المقدسة من اعتداءات الأقوام الأخرى. وتوجد في الأسوار المذكورة أبراج منها كبريت، وبرج اللقلق، كما توجد في القدس سبعة أبواب مستعملة وأربعة مغلقة والأبواب المستعملة هي:

باب العمود: ويعرف باسم باب دمشق، بناه السلطان سليمان القانوني في منتصف الحائط الشمالي للسور. باب الساهرة: ويقع شرقي الباب الأول. باب الأسباط: ويقع في الحائط الشرقي، وله طابع عثماني. باب المغاربة: في الحائط الجنوبي للسور وهو أصغر الأبواب. باب النبي داود: وهو باب كبير في الجنوب أيضاً.باب الخليل: أو باب يافا في الغرب. الباب الجديد: فتح سنة 1898 ويقع في الجزء الشمالي.

أما الأبواب المغلقة في القدس فهي، باب الرحمة وثلاث أخرى.

ومن المعالم التاريخية الحرم الشريف الذي يقع جنوب شرقي المدينة القديمة، ويشرف على سهل اللطرون من جهة الشرق، وتعتبر قبة الصخرة من المناظر المميزة، ويقول المؤرخون الأجانب أنها «لا أبعد سمواً ولا أغرب بنياناً من هذه القبة» وقد زينت بكسوة فسيفسائية تزين داخلها. وهذه الزينة ترجع الى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان عام 72 هـ، وقد تجدد تزيين القبة مرات عدة من القاشاني المزجج والرخام المعرق أما النوافذ فزجاجها معشق، وسقوفها ذات لون ذهبي أخاذ، أما عن الفسيفساء فلا نستطيع أن نجد في الغرب مثيلاً لجمالها، فاستخدام عروق اللؤلؤ مقابل الضوء يجعلها تحتفظ بقيمتها الجمالية الآخذة. ويعتبر المسجد الاقصى عملاً معمارياً تراثياً يجمع بين البساطة والجلال، وتعود بدايات إنشائه الى الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، حيث أمر ببناء مسجد في الحرم القدسي. غير بعيد عن موضع الصخرة التي بنيت عليها القبة. وهناك قول بأن مسجد عمر أقيم في جزء من معبد روماني قديم ينسب الى هيرود وهدمه الإمبراطور ثيتوس الروماني، ولكن المعروف أن الوليد بن عبدالملك هو من أنشأ المسجد الأقصى في مكانه الحالي وذلك عام 97 هـ. ولم يبق من مسجد الوليد سوى العقود القائمة على أعمدة الرخام يمين القبة الصغيرة، وقد رمم المسجد الأقصى مرات عدة أيام حكم المماليك والعثمانيين. كما تعتبر قلعة القدس من أهم المعالم التاريخية والسياحية في مدينة القدس. وكانت القلاع انتشرت في فلسطين في الألف الثالث قبل الميلاد. والقلعة في القدس تتوسط المدينة، والأسوار تحيط بها، وفي بلدان الشرق الاسلامي العربي نجد قلعة دمشق والقاهرة وعتليت في فلسطين. إضافة الى قلعة القدس، وتقع قلعة القدس بين باب الخليل وباب النبي داود. وهي تقوم على صخر يشرف على القسم الغربي والجنوبي من مروج القدس، وتعتبر أضخم بناء في القدس. ويحيط بالقلعة خندق طمرت أجزاء منه خاصة الأجزاء التي تمتد بين البرج الشمالي الغربي وباب الخليل، وتحتوي القلعة برجاً للمراقبة ومسجداً للصلاة وأماكن للسكن، وثكنات للجنود.

وكنتيجة مباشرة للتطور الحضاري في القدس ونشاط أهلها العرب، انتشرت المدارس بسرعة وارتفع مجموع مدارس التعليم الثانوي والعالي ليصل الى سبعين مدرسة، وبقي من هذه المدارس حتى عام 2009 نحو 40 مدرسة ماثلة للعيان وشاهدة على الحضارة العربية في المدينة المقدسة، وتقوم المدارس على أروقة المنطقة الغربية والشمالية للحرم القدسي الشريف، ومن أشهر المدارس في القدس، الكيلانية، والأغوتية، والمزهرية، والأشرفية. ومن الآثار الحضارية الأخرى في المدينة، الزوايا التي كانت تعد بالمئات، لكن الباقي منها 40، وهي بيوت للصوفية. منها زاوية (أبو مدين). وزاوية الأدهية، وهي كهف تحت جبل الساهرة. فضلاً عن ذلك يعتبر المتحف الاسلامي من أهم المعالم التاريخية في القدس. ويحتوي على المخطوطات النادرة والمصاحف التي لا تقدر بثمن، ويقدر عددها بنحو (650) مصحفاً كما توجد في المتحف (900) وثيقة تعود للفترة المملوكية وتضم معلومات في غاية الأهمية عن تاريخ القدس، وقد أسست مكتبة المسجد الأقصى في عام 1922 لتضم أرشيفاً ضخماً عن مدينة القدس. ومن قبلها أسست في عام 1900 المكتبة الخالدية التي تقع في مبنى أثري قديم في باب السلسلة.

وتبقى الإشارة الى ان حضارة القدس العتيقة شاهد على انسانها النبيل ومدى عطاءاته للحضارة الانسانية بشكل عام، ولان القدس شاهد على حقيقة التاريخ العربي فيها من خلال الاثار الدالة والبحوث الاريكولوجية في مواجهة الزيف الصهيوني والاسرائيلي المبرمج، باتت القدس تواجه مخططات فرض الامر الواقع الاسرائيلي عبر وسيلتين، تتلخص الاولى بمحاولات فرض التفوق الديموغرافي اليهودي فيها عبر جذب مزيد من يهود العالم اليها، وبالتالي الضغط على ما تبقى من العرب لطردهم الى خارج مدينة القدس، والوسيلة الثانية محاولة رسم جغرافية اسرائيلية مزيفة في المدينة في المدى البعيد.

نبيل محمود السهلي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...