حملة دبلوماسية إسرائيلية تمهّد للعدوان ... أو لتجديد التهدئة
كثفت اسرائيل امس، حملتها الدبلوماسية لتهيئة الساحة الدولية أمام عدوان محتمل على قطاع غزة، مؤكدة انها تجري الاستعدادات العسكرية اللازمة للحملة، رغم انها أقرت بان إحدى العقبات التي تقف أمامها تتعلق بحياة الجندي الأسير جلعاد شاليت، وذلك في وقت تستعد القاهرة، التي توسطت لهدنة مدتها ٢٤ ساعة، للاطلاع من الجانب الاسرائيلي على الخطوات المقبلة، وسط اشارات الى امكان الاتفاق على هدنة جديدة.
وطلبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من سفراء إسرائيل في الخارج، إبلاغ الدول المعتمدة لديها بأنّ حكومتها »لن تتردد في الرد عسكرياً إذا اقتضى الأمر«. وأبلغت ليفني وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس، في اتصال هاتفي، أن إسرائيل »لن تقف مكتوفة الأيدي« أمام إطلاق الصواريخ على المستوطنات، وهو ما أكدته أيضاً لنظيرها المصري أحمد أبو الغيط، فيما يتوقع أن تجري الوزيرة الإسرائيلية محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، بعد غد، تتناول الوضع في غزة.
وفي السياق، أبلغت مندوبة إسرائيل لدى الأمم المتحدة غبرييلا شاليف، الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون »تصميم إسرائيل على الرد على إطلاق الصواريخ الفلسطينية«، مشيرة إلى أنّ حكومتها »لن تتردد في التحرك عسكريا إذا لزم الأمر لتأمين حماية الإسرائيليين الذين يتعرضون للصواريخ من قطاع غزة«.
وتزامناً مع هذه الحملة الدبلوماسية، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أنّ إسرائيل تجري استعدادات لشن عمليات في قطاع غزة، لكنه طالب زملاءه في الحكومة بالتوقف عن »الثرثرة«. وقال باراك، خلال اجتماع لكتلة حزب العمل في الكنيست، ان »لا نية لدينا لقبول الوضع كما يتطور في غزة«، لافتاً إلى أنّ »المستوى المهني سيحدد المكان والزمان والطريقة التي ستعمل بموجبها قوات الجيش الإسرائيلي، والمستويات ذات الصلة في المؤسسة السياسية ستصادق على ذلك«.
وأضاف »إنني أسمع مناكفات من أشخاص لم يروا الحرب في حياتهم، وفي المرات المعدودة التي قادهم فيها الواقع إلى الانشغال بمواضيع كهذه، رأينا منهم أداء عبثيا ويفتقر إلى التفكير، وما زلنا نعالج نتائجه حتى اليوم«، في تلميح إلى قرارات الحكومة الإسرائيلية بشن حرب لبنان الثانية.
في المقابل، نقلت صحيفة »هآرتس« عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي، قولهم إنه لم تصدر بعد أوامر بهجوم بري على غزة، لكنهم لم يستبعدوا احتمال شن هجوم كهذا في المستقبل. وأوضح المسؤولون أنه اعتبارا من الآن، فإن مساعي الهجوم سيتم بذلها بصفة أساسية من الجو، لكن من الممكن إطلاق عملية برية في المستقبل إذا ما صعدت حماس هجماتها.
أما رئيس أركان جيش الاحتلال غابي أشكنازي، فأوضح أنّ إحدى العقبات التي تقف أمام بدء عملية عسكرية في غزة هي حياة الجندي الأسير جلعاد شاليت، حيث يخشى من أن العملية قد تسفر عن مقتله، لكنه أوضح أنه »لا يمكن القبول بالوضع القائم ولا بد من أن تتحرك إسرائيل«.
هدنة الـ٢٤ ساعة
وكانت حماس اعلنت أنّ الفصائل الفلسطينية وافقت على وقف لإطلاق الصواريخ على المستوطنات لمدة ٢٤ ساعة، بناء على طلب وسطاء مصريين. وقال القيادي في الحركة أيمن طه إنّ »هذه التهدئة القصيرة تهدف إلى تهيئة الأجواء لإدخال قافلة من المساعدات الإنسانية من مصر عبر معبر كرم أبو سالم«، مضيفاً أنّ »حماس قد تبحث تطبيق تهدئة أطول إذا كانت إسرائيل سترد بوقف كل الهجمات العسكرية التي تشنها في غزة وترفع الحظر الذي تفرضه على القطاع«.
بدورها، أكدت حركة الجهاد الإسلامي موافقتها على الطلب المصري، نافية في المقابل أن يكون هذا الهدوء مقدمة لتمديد التهدئة السابقة. وشدد القيادي في الحركة خالد البطش على أن »التهدئة مع إسرائيل انتهت«، مضيفاً »سنواصل العمل المقاوم بعد انقضاء الساعات الـ٢٤«.
يأتي ذلك، في وقت واصلت السلطات الإسرائيلية لليوم الثالث على التوالي منع قافلة المساعدات التي سيرها الهلال الأحمر المصري من دخول قطاع غزة المحاصر. وذكر بيان للسفارة الفلسطينية في القاهرة أن خط سير القافلة كان رفح ثم معبر كرم أبو سالم ثم غزة، لكن الجيش الإسرائيلي واصل منع هذه القافلة من التوجه الى غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية.
وكان القيادي البارز في حماس محمود الزهار، أكد أنّ الحركة رفضت الدخول في محادثات بشأن تجديد التهدئة. ورداً على سؤال للإذاعة الإسرائيلية حول إعلان المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي عن وجود اتصالات مع حماس بشأن استئناف التهدئة، قال الزهار ان »القضية من مسؤولية الاستخبارات المصرية، زكي ليس في وضع يمكنه التحدث باسم حماس«.
لكنّ كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الذراع العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أعلنت أنها قصفت النقب الغربي ومستوطنة سديروت مساءً بصاروخين من نوع »صمود« مطوّر. وكانت كتائب أبو علي مصطفى و»كتائب شهداء الأقصى«، الذراع العسكري لحركة فتح، أعلنتا في بيان مشترك إطلاق صاروخين قصيري المدى باتجاه موقع »صوفا« العسكري الإسرائيلي شرقي رفح.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية المقالة طاهر النونو إن الفصائل »لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي عدوان إسرائيلي، ومن حقنا كشعب محتل الدفاع عن أنفسنا ومقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة بما فيها العمليات الاستشهادية«.
عباس
وفي السياق، حذر المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة من »خطورة انهيار التهدئة«، مشيراً إلى أنّ الرئيس محمود عباس »حريص على استمرار التهدئة، ويبذل كل الجهد بهذا الخصوص لكي لا تتدهور الأمور«.
وكان عباس اختتم زيارة إلى موسكو حظي خلالها بدعم واضح من القيادة الروسية. وقال الرئيس الروسي ديميتري ميدفديف، خلال استقباله عباس، »أهنئكم على انتخابكم رئيسا لدولة فلسطين«، مضيفاً »أنا واثق من أننا سنعمل معا بطريقة مثمرة، لا سيما أن المشاكل التي تشهدها المنطقة تتفاقم«، فيما صعّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من لهجته ضد حماس منتقدا »استفزازاتها« ومقاطعتها مؤتمر الحوار الفلسطيني في القاهرة.
وأعرب عباس، بعد لقائه لافروف، عن تأييده لجهود الوساطة التي تبذلها مصر لتحقيق المصالحة الفلسطينية، مؤكداً في الوقت ذاته عزمه إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة في أقرب وقت، وذلك »في ظل توفر الفرصة المناسبة«.
وفي السياق، ذكرت صحيفة »كومرسانت« الروسية أنّ زيارة عباس، أمس الأول، إلى الشيشان »من شأنها إرضاء موسكو«، كونه الزعيم المسلم الأول الذي يتوجه إلى غروزني، حيث وصف ميدفيديف هذه الزيارة بأنها »كانت مفيدة جداً«.
ومن المتوقع أن يجري عباس، اليوم في القاهرة، محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك .
وأشارت صحيفة »يديعوت أحرونوت« إلى أنّ مبارك يسعى إلى القيام بوساطة لمنع تفجر الأوضاع في غزة، في حين ذكرت صحيفة »جيروزاليم بوست« إن مصر حذرت إسرائيل من شن هجوم عسكري في غزة، معتبرة أنّ خطوة من هذا القبيل ستكون لها عواقب مدمرة وأن »هذا شيء لا يمكن أن نقبل به«.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد