(وثائق سورية): رسالة ميشيل عفلق إلى حسني الزعيم
أرسل ميشيل عفلق من السجن رسالة استرحام إلى قائد الانقلاب حسني الزعيم، ويعتقد أنها انتزعت منه قصراً، وهذا نصها:
(سيدي دولة الزعيم:
إن هذه التجربة الأخيرة القاسية، قد علمتني أشياء وأنبهتني إلى أخطاء كثيرة، لقد انتبهت إلى أننا- بحكم العادة- بقينا نستعمل أسلوباً لم يعد يصلح في عهد الإنشاء والعمل الإيجابي، والحق أننا في قلوبنا، وعقولنا أردنا هذا الانقلاب منذ الساعة الأولى، ولا نزال نريده ونعتبر أن واجبنا في خدمته وتأييده، ولكن الأسلوب- الذي اعتدنا طيلة سنين عديدة من المعارضة للانتداب والعهد السابق هو الذي بقيت أثاره في كياننا، وبعض تصرفاتنا، وهو الذي أخفى عنكم- يا دولة الزعيم-حقيقتنا وأظهرنا بمظهر المعارض لعهد وضعنا فيه كل آمالنا وصممنا على خدمته بتفان واخلاص.
سيدي دولة الزعيم:
أنني قانع كل القناعة بأن هذا العهد الذي ترعونه وتنشئونه يمثل أعظم الآمال، وامكانيات التقدم والمجد لبلادنا، فإذا شئتم فستكون في عداد الجنود البنائين، وإذا رغبتم في أن نلزم الحياد والصمت فنحن مستعدون لذلك. إن هذه المجموعة من الشباب التي يضمها البعث العربي قد عملت كثيراً في الماضي لتكون قدوة في النزاهة والوطنية الصادقة، وأن ماضيها يشفع لها عندكم يا سيدي لكي تعذروا ما ظهر منها من تسرع برئ وأن وراء ظهر هذا النزق نفوساً صافية ومؤهلات ثمينة للخدمة العامة.
ما أجدر عهدكم أن يفتح لها مجال الفتح والانتاج.
أما أنا يا سيدي الزعيم فقد اخترت أن انسحب نهائياً من كل عمل سياسي بعد أن انتهيت بمناسبة سجني إلى أخطاء أورثتني إياها سنين طويلة من النضال القومي ضد الاستعمار والعهد السابق، واعتقد أن مهمتي قد انتهت وأن أسلوبي لم يعد يصلح لعهد جديد، وأن بلادي لن تجد من عملي أي نفع بعد اليوم.
سيدي دولة الزعيم:
أنتم اليوم بمكان الأب لأبناء البلاد ولا يمكن أن تحملوا حقداً لأبنائكم، ولقد كان لنا في هذه التجربة تنبيه كاف ومفيد، أتركوا لنا المجال كي نصحح خطأنا ونقدم لكم البراهين على وفائنا وولائنا).
المصدر:
قيادة حزب البعث، محمود عبد الرحيم، نسخة محفوظة في مكتبة جامعة القاهرة.
الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد