برّد قلبك
كلما اشتدت الحرارة كلما اشتعلت أجساد الرجال وأرواح النساء وتطرفوا في سلوكهم وفاقموا من شرورهم، بدءاً بمخادع النوم وانتهاء بكواليس المؤسسات وخزائنها.. حياتنا تشتعل بالتطرف والجنون ومؤسسة المياه لا تكاد تبلّ الريق.. عشرون ساعة تقنين والمياه لا تتدفق في الأوردة والعروق سوى أربع ساعات يستهلك الفرد فيها ما يحتاجه في 24 ساعة، فلا المؤسسة المائية أوجدت الحل ولا المواطن اقتصد في إسرافها على السيارات والحدائق والأدراج والحمامات.. دمشق تجف وأرضها تتخمر بالروائح والشرور، بينما السياسة المائية مازالت تعتمد صيغة القطع والمنع بدلاً من الترشيد لنكتشف أن صيغة التسلط تصل إلى كأس الماء الذي نشربه..
وعلى أية حال هذه ليست دعوة للجري خلف سراب الديمقراطية التي لم نتمكن من استنباتها في جفاف التربة العربية منذ نصف قرن إلى اليوم، ولكنها دعوة لإعلان (نفير العطش) بعد التذكير التاريخي الذي يقول بأن أكثر من 280 قرية في دمشق قد اندثرت وهاجر سكانها بسبب جفاف ينابيعها أواخر القرن السادس عشر، حيث أقدم ولاة دمشق العثمانيون على تأميم مياهها وراحوا يبيعونها للناس بالطاسة حتى غدت الطاسة رمزاً للأمان من العطش فسموها «طاسة الرعبة» التي تقي البشر من الخوف.. ترى هل تغيرت صيغة الخوف في مورثاتنا منذ تلك الأيام.. قولوا لنا ولن نسمع لكم..
نبيل صالح
التعليقات
في مجلس عزاء.
دمشق
D.N.A
إضافة تعليق جديد