مخالفات ضاحية تشرين برعاية المسؤولين واسترخاء القوانين
كغيرها من المحافظات السورية باتت محافظة اللاذقية بالرغم من خصوصيتها السياحية المفترضة تعج بالمخالفات السكنية حيث تجاوز عدد هذه المخالفات وحسب بعض الإحصائيات الرسمية ال (200) مخالفة موصوفة وموثقة,وحقيقة الأمر هذا الرقم غير الدقيق وهو أكثر من ذلك بكثير لأن عام (2007) شهد فورة بناء غير مسبوقة في اللاذقية وخصوصاً في الأحياء السكنية الشعبية غير المشمولة بالمخطط التنظيمي الذي لم ينجز حتى الآن بالرغم من مضي أكثر من خمس سنوات على بدء العمل به. وطبعاً لم تكن المخالفات حصراً في هذه الأحياء. بل وصلت الجرأة ببعض تجار البناء والمواطنين بمختلف شرائحهم الاجتماعية إلى البناء بشكل مخالف حتى في الأحياء المنظمة, وعلى محاور بعض الشوارع الرئيسية,على مرأى ومسمع بعض الجهات المعنية التي جيرت هذه الظاهرة لتحقيق مكاسب مادية طائلة والاحتماء ببعض المتنفذين من أصحاب هذه المخالفات ومن يمررها لهم أحياناًَ, كي لا نتهم هذه الجهات بمحاباة أحد والتغاضي عن أحد كانت عمليات هدم المخالفات تجري على قدم وساق, هناك عشرات الضبوط تفيد أن المخالفة (الفلانية) هدمت و (سويت إلى الأرض) وأن المخالفات... قمعت في حينها. وحقيقة هذا ما كان يحدث لبعض المخالفات. إلا أن الغريب في الأمر أن معظم المخالفات التي سويت بالأرض أو قمعت في حينها كما تقول الضبوط أعيد بناؤها من جديد, وبعضها أعيد بناؤه وبموافقة رسمية... وبعضها غض الطرف عنه حتى أصبح أمراً واقعاً. والواقع هو أكبر برهان على ما نقول... وفي هذا السياق اسمحوا لنا أن نضرب مثالاً على ذلك...
- كانت ضاحية تشرين في اللاذقية من أفضل النماذج العمرانية في المحافظة من حيث توزع كتل البناء وتوضعها, واتساع شوارعها الداخلية والمساحات الخضراء الواسعة, والساحات المخصصة كمواقف للسيارات. أما الآن, فقد أضحت كأي حي من الأحياء الشعبية, والتي تسمى بمناطق المخالفات الجماعية, والغريب في الأمر أن أول من بدأ المخالفة في هذه الضاحية هو الجهة المنفذة لها.
لقد أعادت هذه الجهة النظر بجميع المساحات الخضراء من حدائق ومواقف سيارات ووجائب واسعة وحولتها إلى أبنية سكنية, ومحال تجارية, بيعت بأسعار رمزية, ومعظم من اشترى هذه المحال, اشتراها ليتاجر بها, وليس ليستثمرها, فباعها بأسعار خيالية.... وبناء على ذلك, وأمام التشويه المتعمد لجمالية الضاحية (تشرين) وغيرها من الضواحي السكنية, كضاحية جبلة أيضاً, وحفاظاً على ما تبقى من وجائب من تراكم النفايات والقمامة, وأمام ضغط الحاجة لبعض أصحاب الشقق الأرضية, قام أصحاب هذه الشقق, بالاستيلاء على كامل الوجائب المحيطة بمنازلهم... فمنهم من حولها إلى حديقة منزلية جميلة (وهم قلة).. ومنهم من حولها إلى محال تجارية ومستودعات, أو غرف للسكن ملحقة بمنازلهم وذلك بعد تصوين الوجائب بجدران عالية.. ووصلت الجرأة ببعضهم, لقطع الطرق والممرات الطرقية المؤدية إلى المحاضر السكنية الأخرى, وكل ذلك أمام مرأى ومسمع الجهات المعنية,, فباتت المخالفة أمراً واقعاً يصعب إزالته, فكيف وصل الأمر إلى ما هو عليه؟
نحن كغيرنا في هذه المحافظة شهود عيان على العديد من هذه المخالفات, وعلى كيفية التعاطي معها من قبل الجهات المعنية.. فلم تسلم مخالفة واحدة من محاولات الهدم والإزالة, ولم يكن هذا بجهود مراقبي البلدية بل بفضل الشكاوى الكيدية أحياناً وشكاوى المتضررين من الجيران أحياناً أخرى؟ فتأتي دوريات الهدم مدعومة بقوى المؤازرة من الشرطة, تهدم للبعض, وتتغاضى عن البعض الآخر وتعود الدورية أدراجها وتحرر ضبوط الهدم والإزالة. وبعد أيام تعود المخالفة من جديد ويستكمل البناء ويصبح أمراً واقعاً, إما بالواسطة وإما بالرشوة وتسعيرة بناء غرفة مخالفة معروف في اللاذقية, وآخر ما حرر بهذا الخصوص.
- هناك مخالفة بناء واستيلاء على الأملاك العامة بمساحة تتجاوز ال (400) متر مربع في الشقة رقم /2/ا من المحضر /116/ ضاحية تشرين. حيث قام صاحب هذه الشقة والكائنة على شارعين رئيسيين, بتحويل شقته إلى روضة أطفال تحت اسم روضة (حلم الطفولة) وقد استوجب هذا التحويل بعض التعديلات الإنشائية في جدران الشقة, والاستيلاء على كامل الوجيبة التي تبلغ مساحتها (380) متراً مربعاً. لأن مساحة الشقة لا تكفي لعدد الأطفال المتوقع استقطابهم في ضاحية يزيد عدد شققها عن (2000) شقة سكنية. وقام صاحب الشقة ببناء أربع غرف مسقوفة بالقرميد في الوجيبة أي ما يعادل مساحة الشقة التي يسكنها (والصورة المرفقة توضح ذلك تماماً) ولم يتوقف التجاوز هنا. بل تعدى ذلك وقام ببناء تصوينة كاملة لكامل الوجيبة, وبذلك يكون هذا المواطن قد ارتكب أربع مخالفات بآن واحد: تمثلت الأولى في تحويل عقاره من سكني إلى تجاري؟؟ والثانية تمثلت بالتلاعب بالكتلة الإنشائية للمبنى, وذلك من خلال إحداث بعض الفتحات في الجدران الحاملة, وهذا مخالف للكود العربي حسب إحدى لجان لجنة الخبرة الهندسية المشكلة في نقابة المهندسين في اللاذقية, والتي أفادت في تقريرها المعد بهذا الخصوص بتاريخ 31/5/2007 وجاء فيه نرى بأن إحداث فتحات في الجدران البيتونية المسلحة الحاملة, بعد تنفيذها يؤثر على سلامة البناء بشكل سلبي وذلك لأن تنفيذها سيؤدي إلى تقطيع في فولاذ تسليح هذه الجدران ويؤثر على خواصها.
أما الفقرة /د/ فتقول نرى عدم السماح بإحداث أي فتحات مهما كان نوعها وحجمها ضمن الجدران الحاملة في هذا المبنى أو المباني المشابهة له, وخاصة أن خواص هذه الجدران لا تحقق الحد الأدنى لاشتراطات الجدران الحاملة المسلحة وفق الكود العربي السوري.
أما المخالفة الثالثة فكانت ببناء ما يعادل مساحة الشقة في الوجيبة والاستيلاء على كامل الوجيبة.
المخالفة الرابعة كانت برفع السقف القرميدي للمبنى المخالف إلى ما فوق سطح شرفة الطابق الذي يليه وهذا ما أثار حفيظة الجيران الذين لم يتركوا جهة معنية في الأمر, إلا وتوجهوا شاكين لها لقمعها دون جدوى.. هذا بالإضافة لما ذكره الجار الذي يسكن فوق الروضة الدكتور المهندس معروف أحمد للثورة التلاعب بالكتلة الإنشائية.. هذا الجار الذي حمل معه ملفاً ضخماً بالكتب الرسمية والتقارير التي تؤكد المخالفة الواضحة والصريحة, والتي كانت الاستجابة من قبل الجهات المعنية لا تتناسب وحجم المشكلة الحقيقية حيث قال: تقدمت بأكثر من عشرين شكوى إلى الجهات المعنية, وبعد أكثر من /14/ شهراً من المتابعة شبه اليومية قامت البلدية وبتوجيه من السيد المحافظ وبناء على إخطار الهدم رقم /852/ تاريخ 26/6/2007 قامت بهدم جدار التصوينة, فقامت الدنيا ولم تقعد عند مرتكب المخالفة الذي اشتكى على المهندس المشرف على الهدم وتم توقيف هذا المهندس.
منذ ذلك الحين وحتى الآن والمعركة مستمرة بين الشاكين ومرتكب المخالفة ويبدو أن كسب المعركة كما هو الحال دائما سيكون في صالح مرتكب المخالفة لأن آخر ما حرر بهذا الخصوص يؤكد ذلك وهو كتاب موجه من عضو المكتب التنفيذي لشؤون التربية السيد علي يوسف إلى السيد محافظ اللاذقية يقول فيه: بعد الاطلاع على واقع روضة الأطفال(حلم الطفولة) في ضاحية تشرين والترخيص الممنوح لصاحب الروضة بالقرار رقم 1555 تاريخ 27/11/2006 ومحتويات إضبارة الترخيص ومخططات بلدية اللاذقية ونتيجة لواقع الحال في الروضة وموافقة شاغلي المحضر على الترخيص أقترح.
1- الموافقة على إقامة سور من الشبك والمعدن بارتفاع متر واحد وذلك للحفاظ على سلامة أطفال الروضة, حيث إن الروضة تقع على شارعين مزدحمين بالسيارات.
2- أن تقوم البلدية بالإشراف على تنفيذ الشبك وفق الممكن.
3- ترحيل بقايا السور الإسمنتي الذي تم هدمه من قبل البلدية على نفقة صاحب الروضة أو البلدية.
واختتم عضو المكتب التنفيذي الكتاب الموجه للسيد المحافظ بالجملة (المتوارثة) يرجى التفضل بالاطلاع والإحالة إلى مجلس المدينة لإجراء اللازم أصولاً.
وقد وافق السيد رئيس مجلس المدينة بالكتاب رقم 28763 تاريخ 7/10/2007 على تنفيذ حاشية الكتاب التي تقول مع الموافقة, ريثما يتم الحل النهائي حفاظاً على أرواح الأطفال, والمفارقة هنا أن رئيس مجلس المدينة السابق كان قد وجه إخطاراً لصاحب المخالفة, ينذره بإزالة السور بتاريخ 26/6/2006 وبموجبه تعهد صاحب المخالفة بتصريح مكتوب بخط يده, أنه سيزيل السور بما يتطابق مع المخططات المصدقة من قبل الإدارة العامة في مدة أقصاها 24 ساعة.
ولدى سؤالنا عضو المكتب التنفيذي كيف تم ترخيص الروضة, وعلى ماذا اعتمد في اقتراحه على إقامة سور من الشبك والمعدن على أملاك الدولة قال الترخيص ليس من اختصاص المكتب التنفيذي بل هناك لجنة في مديرية التربية خاصة بذلك, أما كيف وافق على إقامة سور من الشبك والمعدن بارتفاع متر واحد؟ قال كانت الموافقة بهدف حماية أرواح الأطفال وهذا كل ما استطاع إيفادنا قوله: الحفاظ على أرواح الأطفال, وكأن الحفاظ على هذه الأرواح تكون بتلك الطريقة بعيداً عن القوانين والأنظمة المرعية.
طبعاً كان قد سبق الكتاب إخطار من مجلس مدينة اللاذقية بتاريخ /26/6/2007 موجه إلى صاحب المخالفة, بإزالة السور بما يتطابق مع المخططات المصدقة من قبل الإدارة العامة للإنشاءات العسكرية. وقد اعتمد الإخطار بإزالة السور على الأنظمة والقوانين التي تم خرقها تحت بند الحفاظ على سلامة الأطفال وهنا التساؤل الآخر كيف يرخص لروضة أطفال بدون مساحة فضائية تحميهم؟؟؟ وهل كان الترخيص قد أخذ بعين الاعتبار أملاك الدولة في منح الترخيص؟؟؟ على كل هذا ليس وحده مبتغانا؟ وما يهمنا هو كيف يتم التعامل مع أملاك الدولة وكأنها تتبع لقطاع خاص يباع ويشرى ويتم وهبه كيفما شاء أصحاب القرار؟؟؟؟.
وكيف يتم الصمت عن تغيير مواصفات البناء بما يشكل تهديداً حقيقياً للساكنين فيه؟ولمعرفة حقيقة الأمر,حاولنا الاتصال أكثر من مرة مع السيد رئيس مجلس مدينة اللاذقية,إلا أن أعماله وأشغاله وجولاته واجتماعاته حالت دون اللقاء.
الأهم في هذه القضية المتشعبة مرة أخرى,ما يتعلق في نظام البناء المسبق الصنع.بمعنى آخر,الأمر الذي يتعلق بأمان وسلامة المستثمرين لهذا العقار,وهي إحدى القضايا التي يجب التوقف عندها,وخاصة بوجود حالات أخرى في المحافظة يتم التغيير فيها بالمواصفات الإنشائية للأبنية التي تشكل خطراً حقيقياً على سلامة المواطنين؟ ويجب أن تكون رقابة الجهات المعنية صارمة على كل من يحاول الاعتداء على تلك المواصفات (الجملة الإنشائية ) لأي عقار,والتي هي ليست قابلة للتداول؟.
ومثالنا اليوم روضة الأطفال وهي جزء في قضية أكبر,ولكن كما ذكرنا هي مثال..حيث طبيعة الجملة الإنشائية للعقار عبارة عن جدران حاملة للبناء,وتقوم مقام الأعمدة في المباني العادية,ويمنع منعاً باتاً التغيير في مواصفاتها,وقد قام صاحب الروضة بفتح نوافذ,وأبواب فيها,وما سبب ضعفاً في متانة البناء,ويزيد من تعرضه للانهيار وتعريض من يسكنه للخطر,والخطورة هنا ليست في تغيير المواصفات وحسب,وإنما في تقرير اللجنة المشكلة في نقابة المهندسين,والذين قدموا تقريراً بتاريخ /19/12/2006 يصفون العقار بعكس حقيقته وبأن الهيكل الإنشائي للطوابق عبارة عن »جملة إنشائية بيتونية مع أعمدة)والحقيقة أن البناء مسبق الصنع بدون أعمدة.
-أما الأسقف فوصفت بأنها هوردي والواقع هي بلاطة مستمرة.
-وإن الجدران من البلوك الإسمنتي والواقع هي قوالب منزلقة(اوتينور).
-وإن البناء خال من التشققات أو العيوب الإنشائية الظاهرة والواقع توجد تشققات ظاهرة في الطابقين الطوابق الأول والثالث فوق الفتحة المحدثة في الجدار الخارجي (الحامل الرئيسي للبناء).
-..وقد اعتمد هذا التقرير الذي أعد من خبرة ثلاثية من قبل البلدية لعدم معالجة المخالفة؟وقد أكد تقرير الخبرة الأولي من قبل لجنة ثانية من نقابة المهندسين تشير إلى أن الأعمال الإنشائية التي نفذت في الروضة ليس لها ذيول إنشائية,ولا تؤدي إلى أي وهن,أو ضعف في الجملة الإنشائية للبناء على الإطلاق,وهذا ما دفع الدكتور أحمد لرفع كتاب إلى نقابة المهندسين يبين فيه اختلاف مضمونه عن تقرير الجهة الدارسة والمنفذة للمبنى »مؤسسة الإسكان العسكرية)برقم /5739/401تاريخ 12/2/2007وخاصة في وصفهم بأنه لا يوجد مانع من إحداث فتحات في الجدران الحاملة حسب الكود العربي,حيث والذي لا يسمح هذا الكود بإحداث فتحات في الجدران الحاملة في مرحلتي الدراسة والتصميم ويحظر قطعياً من إحداث أية فتحات في الجدران مهما كانت أبعادها صغيرة بعد تنفيذه وتشييدده..
-التقارير السابقة تعرضت مع تقرير ثالث نظمته لجنة من الخبراء مؤلفة من أساتذة في جامعة تشرين ومندوب من نقابة المهندسين برقم/672/وتاريخ 12/4/2007 ويؤكد التقرير أن الأعمال المنفذة في الروضة تعتبر اعتداء واضحاً وصريحاً على الجملة الإنشائية للمحضر/116/وتشكل خطورة مؤكدة على سلامة المبنى وعلى حياة قاطنيه وخاصة كما ذكر سابقاً أن بعض التشققات بدأت تظهر في الجدران الحاملة له.
تحت ستار الغطاء الإنساني اعتدي على الأملاك العامة وتحت ذات الغطاء كانت التسوية؟والتسوية في تلك التعديات هي بدعة ممن يحاولون الالتفاف على أملاك الدولة ووسيلة جديدة لهذا الاعتداء لاستخدام الأملاك العامة لأغراض خاصة؟والأسئلة التي تراود جميع المواطنين حول تلك الاعتداءات وبمباركة من الجهات المعنية تصب أغلبها تحت عنوان من المستفيد؟
-نعم من المستفيد من ابتلاع الأملاك العامة وهضمها؟
-ولمن ستعود الأرباح الناتجة عن استثمار هذه الأملاك؟
-هل ستعود لصاحب الروضة فقط؟عفواً فقد ذكرناه كمثال في البداية والذي ينطبق على كل من استغل أملاك الدولة وضمها إلى أملاكه الخاصة؟أم لصالح من رأى ضرورة بضمها إنسانياً؟
ومن نصدق من التقارير الثلاثة ؟هل نصدق من قال غير الحقيقة ونتعامى عن الحقيقة ونتائجها الواضحة من تشققات لها تأثير على سلامة البناء؟
-وكيف لنا أن نأتمن على سلامة الوطن, من منحتهم النقابة الثقة ولم يكونوا على قدرها؟
نهلة اسماعيل- عبد الكريم شاهين
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد