تفاعلات الدعوى ضد حزب العدالة والتنمية التركي
تتناسل مثل الفطر الأفكار التي تهدف إلى قطع الطريق أمام حظر حزب العدالة والتنمية، ومنع قادته من العمل السياسي.
ويبدو أن حزب الحركة القومية سيكون من جديد بيضة القبان في مثل هذه الحلول، إذ بأصواته السبعين يضمن حصول هذه المقترحات على غالبية الثلثين الضرورية لتعديل الدستور في البرلمان.
وتوافق الجميع على ما يبدو على تعديلات توقف حظر حزب العدالة والتنمية، على أن يؤيد الحزب مقترح حزب الحركة القومية الذي يحظر الأحزاب في حال ممارستها العنف والإرهاب، وتلقيها دعما ماليا من الخارج، ويتعارض نظامها الداخلي وبرنامجها مع الدستور، وذلك في استهداف واضح لحزب المجتمع الديموقراطي الكردي، الذي تدرس المحكمة الدستورية إمكان حظره أيضا.
وفي آخر طبعات الحلول الإنقاذية للحزب الحاكم من الحظر، تعديل المادتين 68 و69 من الدستور، بحيث تزداد شروط إغلاق الأحزاب، إذ يتوجب على السلطات القضائية أولا تحذير الحزب المستهدف بأسباب مخالفاته لكي يتراجع عنها وإلا يتقدم القضاء بطلب حظر الحزب. ثم إن المسؤوليات، وبالتالي العقوبات، تكون فردية ولا تلزم الحزب. وهنا يدعو البعض في تركيا إلى تطبيق «معايير البندقية» لدول الاتحاد الأوروبي، التي تشترط أن يكون الدستور واضحا للغاية في طبيعة كل تهمة وعقوباتها، ليكون المخالف على بيّنة من أمره من دون أي اجتهاد.
كذلك يجب على المدعي العام عدم فتح أي دعوى لإغلاق حزب إلا بموافقة البرلمان، ولن يعيد حزب العدالة والتنمية النظر ببنية المحكمة الدستورية في رزمة التعديلات الدستورية الجديدة كما كان متوقعا.
وبمعزل عن جواب حزب الحركة القومية على مقترحات حزب العدالة والتنمية، سيبدأ الأسبوع المقبل توقيع العريضة التي تدعو إلى تعديل الدستور، ويأمل أن يتم التعديل خلال 10 أيام. ويفكر الحزب بإضافة مادة تقول إن التعديلات الجديدة تشمل الدعاوى التي فتحت ولم يصدر بعد حكم بحقها، لكي ينجو الحزب من الحظر.
في المقابل، يبدو الحزب الحاكم مصراً على تصفية الحسابات مع القوى التي تقف وراء تحريك الدعوى لإغلاقه. إذ في حال كان جواب حزب الحركة القومية سلبياً، سيطرح «العدالة والتنمية» تعديلات دستورية محدودة على استفتاء شعبي، وهذا ما سيشعل حربا ضارية مع العلمانيين المتشددين الذي رأى زعيمهم دينيز بايكال أن مثل هذا الاستفتاء يجب ألا يحصل، لأن الحزب الحاكم سيحوّله ضمنا إلى تخيير المواطنين بينه وبين العلمانية، بينما لا يمكن للعلمانية أن تكون موضع استفتاء. وقال إن «حزب العدالة والتنمية يفصّل الألبسة على مقاسه، فهل يجوز هذا الشيء؟».
وفي إطار تصفية الحسابات هذه واتهام أردوغان المدعي العام بأنه على ارتباط ضمني بمنظمة «ارغينيكون» السرية التي تشكل إطارا للتحرك ضد السلطة، اعتقل أمس الأول الصحافي العلماني المعروف وصاحب امتياز صحيفة «جمهوريت» ايلهان سلجوق ورئيس حزب العمل دوغان بيرينشيك ورئيس جامعة اسطنبول السابق كمال عالمدار ومدير قناة «اولوصال» فردي ايلسيفير وآخرون، في خطوة قد تثير ردود فعل متنامية ضد «العدالة والتنمية»، برغم أن المسألة بيد القضاء.
من ناحية ثانية، قال المدعي العام السابق فورال سواش، الذي أغلق حزب «الرفاه»، إن القوى الخارجية لن تسمح بإغلاق حزبي العدالة والتنمية و«المجتمع الديموقراطي» الكردي، «فكما ربطوا تركيا في الاقتصاد سيكونون مؤثرين في مسألة إغلاق الأحزاب». مذكّرا بأن أردوغان قد منح في كانون الثاني عام 2004 «ميدالية الشجاعة» من جانب المؤتمر اليهودي الأميركي، وهي جائزة منحت خلال مئة عام لعشرة أشخاص فقط، كلهم من اليهود. وتساءل «إذا كان حزب يحظى بسبعين في المئة من الأصوات ويخالف العلمانية فهل نتخلى عن العلمانية؟».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد