أطباء يدرسون رجلاً لا تخونه ذاكرته
يشكل الأمريكي براد ويليامز (51 عاما) حالة فريدة بالنسبة للذاكرة القوية التي يتمتع بها، والتي لم تخنه حتى في أصغر التفاصيل المتعلقة بحياته عندما كان في سن الثامنة.
وبالرغم من أن ويليامز وأسرته يعتبرون قدرته على استرجاع ذكريات تعود لعقود مسألة مسلية لهم في سهراتهم، إلا أن أحد الخبراء لا ينظر للمسألة بنفس الخفّة، إذ أن براعته قد تصنفه بين أفضل الأفراد في العالم ممن يتمتعون بذاكرة قوية.
ويخضع ويليامز وهو مقدم برامج في إذاعة محلية في ولاية ويسكنسن الأمريكية، لمراقبة الأطباء الذين يدرسون هذه الهبة، كما يدرسون في نفس الوقت امرأة تتمتع بذاكرة قوية، بأمل تحقيق فهم أعمق لعمل الذاكرة البشرية.
ويعتبر ويليامز أن مسألة أن يصبح أشبه بفأر المختبرات مسألة لا تزعجه بل أنه يجد الأمر مسليا خاصة عندما يسأله الأطباء عما حدث مثلا قبل 40 عاما، ليفكر لبرهة ويجيب بتفاصيل دقيقة رابطا ذلك بأحداث محلية أو عالمية مهمة.
حتى أن ويليامز برع في تصحيح تواريخ أحداث مهمة مثل ولادة أول طفل أنبوب عام 1978 وتسرب الغاز السام في "بوبال" في الهند عام 1984.
ويقول في هذا الشأن "كنت دائما هكذا، خلال نموي لم يكن لدي أي سبب لأفكر أنني مختلف عن الآخرين؟"
إلا ان الأطباء يقفون حائرين أمام ذاكرته القوية، ويقول الطبيب جيمس ماكغوغ الذي يقوم بدراسته منذ الصيف الفائت "لا نعرف بعد لما لديه هذا الكم من المعلومات وكل هذه التفاصيل.. هذا ما نريد معرفته، لماذا هي (المعلومات) هناك."
يُشار إلى أن شقيق ويليامز كان أول من اتصل بالطبيب جيمس ماكغوغ المتخصص بعلم الأعصاب والذي يحاضر في جامعة كاليفورنيا، بعد نشره دراسة عن حالة مشابهة في مطبوعة متخصصة عام 2006، وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.
أما تلك الحالة فتتعلق بسيدة في منتصف الأربعينات عرّف عنها بالأحرف "آيه جاي" وكانت قد أعلنت للطبيب أن ذاكرتها تنشط بصورة غريبة كلما ذكر أمامها تاريخ ما، لتعود صور من تلك المرحلة وتتدفق أمامها كشريط سينمائي.
وقالت إن تلك الظاهرة "لا يمكن السيطرة عليها ومرهقة إلى حدٍ لا يطاق."
وقام ماكغوغ وفريقه بإخضاع السيدة لعدد من الاختبارات النفسية، مثل اختيار تاريخ ما عشوائيا، وتقوم السيدة من جانبها بإعطاء تفاصيل عن تلك الفترة تتطابق بشكل دقيق في مذكرات لها كتبتها قبل سنوات بعيدة.
وبالرغم من وجود وثائق علمية لأشخاص بقدرات تذكر مهمة مثل حفظ أرقام وجمل تتراوح بين 50 إلى 100 حرف أو رقم، إلا أن ما يميز ويليامز والسيدة هو ذاكرتهما "المتميزة حول سيرتهما الشخصية" وقدراتهما على تذكر تواريخ وتفاصيل تعود لعقود.
ومن الاختبارات التي خضع لها الاثنان، هي تذكر أحداث شخصية معينة يقوم الطبيب ماكغوغ لاحقا بمقارنتها مع معلومات مستقصاة من أحد أفراد الأسرة دون معرفة الشخص المعني بالدراسة.
ويقول الطبيب إن كل من ويليامز والسيدة برعا في تذكر أحداث تشكل اهتماماً أكبر لهما، فويليامز على سبيل المثال بارع في تذكر كل ما يخص ثقافة البوب، مثل جوائز الأوسكار وإن كانت ذاكرته تخونه في أحداث تتعلق بالرياضة على سبيل المثال.
يُشار إلى أن ويليامز كان قد حل ثانيا في مسابقة تتعلق بالإجابة على معلومات تتعلق بالسينما والفن عام 1990.
إلا أن خبراء آخرين يشككون بان ويليامز والسيدة الأخرى يمثلان حالة فريدة، خاصة وأن اهتمام الشخص بمعلومات محددة هي مفتاح رئيسي في قدراته على استعادة وتذكر حدث أو معلومة ما.
غير أن الطبيب الذي درس الحالتين يرى أنه من الصعب إيجاد أفراد بمثل هذه الذاكرة القوية، وإن كان مقاله عن السيدة الذي نشر في منشورة متخصصة دفع بقرابة 50 شخص إلى الاتصال به زاعمين أنهم يتمتعون بذاكرة قوية أو يعرفون أشخاصا لديهم هذه الموهبة.
ويقول ماكغوغ "دماغ الإنسان هو أكثر الآلات تعقيدا وأهمية على وجه الأرض، هدفي بهذه الأبحاث ليس إيجاد دواء لمرض ألزاهايمر، بل يهدف لتقليص الغموض الذي يحيط بهذه الآلة المدهشة."
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد