حبوب مخدرة في مدارس حلب
لم يعد النشاط التجاري لمروجي الحبوب المخدرة يقتصر على أحياء حلب بل تعداه إلى مدارس المدينة الثانوية والحلقة الثانية من التعليم الأساسي في مسعى لزيادة نسب الأرباح على حساب استهداف ضحايا جدد من الشبيبة يشكلون شريحة واسعة من المجتمع يعوّل عليهم في بناء مستقبل البلاد.
بعض تلاميذ المدارس ممن عرض عليهم «تجريب» أنواع من الحبوب المخدرة نقلوا صورة الوضع الجديد داخل حرمة مدارسهم إلى ذويهم الذين فزعوا من المخاطر التي تهدد العملية التعليمية، إذ لم يخطر في حسبانهم أن تبلغ الجرأة بالمروجين إلى حدّ تحدي المسؤولين عن التربية وتهديد مستقبل بناة المستقبل.
وأشار أحد الآباء الذي غرر بابنه في الصف السابع لتجريب «الوصفة السحرية التي تحلق بمتناول الحبوب إلى عالم من الخيال يترفع عن الواقع لتشعره بالنشوة العارمة وتمنحه الشعور بالسعادة، وهو الوصف الذي يسوّق من خلاله أحد التلاميذ الحبوب التي بحوزته في إحدى مدارس التعليم الأساسي في حي السريان... لقد بلغ السيل الزبى»!.
أحد طلاب الحلقة الثانية من التعليم الأساسي الذين عرض عليهم تناول تلك الحبوب تمهيداً لتعاطيها والإدمان عليها لاحقاً أوضح لـ«الوطن» أن زميلاً له طلب منه تجريب الحبوب بشكل مجاني «والتي يتناولها زملاء لي في الصف والصفوف الأخرى أثناء ذهابهم للحديقة العامة ويساوي ثمن العلبة منها 200 ليرة سورية»، وأشار إلى أنه يخشى تقديم شكوى إلى مدير المدرسة أو الجهات المختصة «خوفاً ممن يقف وراء توزيع الحبوب بين طلاب المدارس».
وبالفعل، تكثر شلل طلاب المدارس الذين يقصدون الحديقة العامة سواء أثناء الدوام الرسمي أم في فترة ما بعد الانصراف ويسود جوّ بعضهم جرعة زائدة من الفرح والبهجة وتشير أفعالهم والتعليقات التي يتبادلونها بينهم إلى حال النشوة الملازمة لهم في غياب شبه تام للرقابة التي لم يسترع اهتمامها وجودهم وتصرفاتهم غير المفسرة.
ونفى أحد التلاميذ من مرتادي الحديقة العامة أن يكون تناول أياً من «حبوب الوشّ»، التعبير المتداول بين الشباب، لكنه اعترف بأن أصدقاء له «سعداء بتناول هذه الحبوب التي تنسي همّ الدنيا لكنها تفرض تأمين المزيد من النقود نعجز عنها نحن الطلاب لتأمينها، والكثير ممن جرّب الحبوب أعجبته وأصبح يتناولها باستمرار».
كفاح مريش، عضو مكتب تنفيذي، مسؤولة قطاع التربية في محافظة حلب، حمّلت في حديثها أهل التلاميذ والطلاب مسؤولية ما يحدث: «والسبب قلة الحياء وقلة التربية من الأهل ويدل ذلك على الجهل وقلة التربية عندما لا يخبر الطالب أهله بما يحدث معه»، ولدى سؤالها بأن الطلاب والأهل يخشون من انتقام الذين يقفون وراء الطلاب المروجين للحبوب قالت: «يجب عليهم تقديم شكوى إلى الجهات المعنية لأن في الأمر خطراً يهدد جميع الطلاب»، مشيرة إلى أنه لم يحدث قط أن تلقت شكوى بهذا الخصوص «وفي حال وجود شكوى ندرسها ونقرر الجهة التي ستحال إليها سواء الدائرة القانونية في المحافظة أم مديرية التربية أم قيادة الشرطة».
وكانت السلطات الأمنية شنّت حملة توقيف ضخمة، هي الأولى من نوعها في حلب زجّت بـ800 متهم من متعاطي أو مروّجي الحبوب المخدرة ومعظمهم من الشباب، إلا أن توقفها منذ أكثر من شهر نشّط من همة «العصابات» التي تقف وراء تهريب الحبوب ممنوعة الاستخدام وتصنيعها محلياً وترويجها بين صفوف النشء الجديد.
خالد زنكلو
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد