الطب البديل
يصعب على متابعي التطورات في العالم العربي، اغفال واقعة ان «الطب البديل» Alternative Medicine عاد الى الرواج. وعادت الابر الصينية مجدداً لتصبح اسطورة في اذهان الساعين الى الشفاء. كيف يمكن «فصل القمح عن الزؤان» وتمييز الغث من السمين في هذا الامر؟
على رغم تطور الطب الحديث في شتى المجالات وسعي العلماء والباحثين لاكتشاف علاجات لمختلف انواع الأمراض، يعود الطب المعتمد على العلاج بالطبيعة الى الواجهة وإنما تحت اسم الطب البديل أو المُكمّل، علماً ان تقنياته اكتشفت ومورست منذ آلاف السنين في حضارات مختلفة.
ويقوم الطب البديل على العلاج بوسائل طبيعية تناهز الستين تقنية من بينها الوخز بالإبر والمغناطيس والأعشاب والماكروبيوتيك والصوم والعلاج بالألوان وغيرها من التقنيات الموروثة والمستحدثة. ويمكن القول ان الآثار الجانبية للأدوية الحديثة هي من اسباب العودة القوية لهذه التقنيات القديمة التي لا يحمل معظمها علاجاً متكاملاً لكل الأمراض، وقد استعان الطب الحديث ببعضها كتكملة لبعض العلاجات، فلجأ الى تقنية الاسترخاء المستوحى من فلسفة اليوغا كوسيلة مساعدة في علاج بعض الاضطرابات النفسية.
وفي الآونة الأخيرة، تصاعد الحديث بكثافة عن تقنية «الماكروبيوتيك» التي تعتمد على نظام غذائي معين وطريقة عيش معينة، ترفض كل ما هو مصنّع وتلجأ الى كل ما هو طبيعي. فبحسب التراث الصيني القديم، يعالج الجسم بهذه التقنية كوحدة متكاملة وكجزء لا يتجزأ مما يحيط به. لذلك تعتبر اي حال يعيشها الجسم انعكاساً لسلوك الإنسان في حياته اليومية، سواء لجهة نظامه أم لجهة تعامله مع بيئته أو حتى حياته الروحية.
من طرق العلاج في الطب البديل، تقنيتي العلاج بالموسيقى والعلاج بالألوان. فوفقاً لممارسي هذه التقنية الأخيرة، سبب المرض هو نقص في لون محدد في جسم الإنسان وبالتالي فإن العلاج يكمن في اخضاع الجسم لهذا اللون. وقد عرف الهنود والمصريون والصينيون منذ 2500 سنة اللون المنقوص من خلال لون العيون وإفرازات الجسم. وتزعم هذه التقنية ان المرض يصيب الإنسان في الأماكن التي لا تتعرض لأشعة الشمس التي يحتوي ضوؤها على سبعة ألوان. فاللون الأحمر، مثلاً، يساعد في تنظيم الدورة الدموية ومعالجة الكبد والغدد وانخفاض ضغط الدم والروماتيزم وتقوية الأعصاب، فيما يستخدم اللون الأزرق لتهدئتها. ويعالج التهاب الشعب الهوائية والملاريا، بتعريض الجسم للون الأخضر. ويستخدم البنفسجي في معالجة التهاب المفاصل والأرق.
ويعتبر الوخز بالإبر من اهم تقنيات الطب المكمل وهي تنتمي الى الطب الصيني منذ 5 آلاف سنة. وتعتمد هذه التقنية على اعادة توازن الجسم عبر وخز مناطق معينة منه لإثارة مناطق اخرى، ومن خلالها، يمكن معالجة امراض مختلفة كالديسك والروماتيزم والربو وآلام الرأس وحتى تخفيف الوزن من دون اللجوء الى الأدوية والعقاقير.
مارس الروس تقنية المعالجة بالمغناطيس التي تبين ان لاستخدامها تأثيرات ايجابية في معالجة عدد من الأمراض كتصلب الشرايين والروماتيزم ومشكلات الجلد والكسور وآلام المفاصل، وكذلك لمكافحة التشنج وتسكين الألم ومنع العدوى. ولتطبيقها، اكتشفت طرق مختلفة تشمل الحث المغناطيسي والميكانيكية المغناطيسية. وتعتمد هذه الوسائل على جعل المغناطيس يتدفق مع الدم خلال الدورة الدموية للمعالجة. وبذلك يمكن تخفيف ألم الرأس، على سبيل المثال، بارتداء حلق مغناطيسي في الأذنين.
ومن الهند برز العلاج باليوغا التي تشكل فلسفة بحد ذاتها. وترتكز المعالجة بهذه التقنية الى اعادة الانسجام بين ثلاثة مستويات تشكل اساس الوجود: المستوى الروحي والمستوى العقلي والمستوى الجسدي، معتمدة على ضبط التنفس وممارسة تمارين مختلفة وفق وضعيات محددة.
كذلك استفاد الهنود من فلسفة «يورفيدا» (اليو تعني الحياة وفيدا تعني الحكمة) منذ 5 آلاف سنة لمعالجة الأمراض. ويعتبر علم «يورفيدا» ان كل مكنونات العالم تتألف من خمسة عناصر مختلفة تتوحد في جسم الإنسان لتكوّن ثلاث طاقات، تتوازن هذه الطاقات في الحال المثالية للجسم. وعندما تطغى احدى هذه الطاقات على غيرها تؤدي الى المرض.
واستخدم علماء «يورفيدا» وسائل عدة للمعالجة، منها: الغذاء، التمارين الرياضية والتأمل والأعشاب والتدليك بزيوت خاصة والتعرض للشمس وتمارين التنفس. اما الصوم الذي توصي به العديد من الديانات، فيعتبر من اهم تقنيات الطب البديل ويستعمل لتخليص الأعضاء من السموم. من هنا تأتي فعاليته في معالجة امراض الكبد والرئة والكلى والجلد والاضطرابات الجلدية.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد