أرزّ مسرطن وقمح متعفّن: الأمن الغذئي اللبناني في خطر

07-03-2024

أرزّ مسرطن وقمح متعفّن: الأمن الغذئي اللبناني في خطر

بعد  فضيحة دخول 24 طنّاً من الأرزّ "المسرطن" الذي فُقد في مستودعات الشركة التجارية المستوردة، والسماح بإفراغ حمولة قمح "متعفّن" من الباخرة، وقرار توزيعها على السوق، تعود إلى الواجهة أزمة الأمن الغذائي في لبنان والفوضى التي تتوغل في مختلف القطاعات ومنها القطاع الغذائي من دون محاسبة أو مساءلة. 

وفي الفضيحتين، تدور أسئلة كثيرة حول دور القضاء في التعاطي مع هذا الملفّ، سواء بترك المتهم أو بتوقيع قاضٍ يسمح بإدخال قمح متعفّن ومسوّس إلى الأسواق، رغم صدور نتائج مصلحة الأبحاث الزراعية التي تؤكّد جود تكتل وعفن في العيّنات.

أمّا المسألة الأخرى التي يجب الحديث عنها فتتمثل بالتعهّد الموقّع من صاحب الشركة بناءً على المادة 57 من قانون الجمارك، والتي تفرض عليه عدم التصرّف بالشحنة قبل إخضاعها لتحاليل مخبرية تجريها مصلحة الأبحاث الزراعية في وزارة الزراعة.

فيؤكد وزير الزراعة عباس الحاج حسن لـ"النهار" أنه "فيما يتعلق بشحنة القمح، رفضتها الوزارة بعدما أجرت الفحوص المخبرية اللازمة، وتبيّن أنها غير مطابقة للمواصفات. وأوضح أن الجهة المستوردة ذهبت الى القضاء الذي بدوره راسل هيئة القضايا".

وأشار الحاج حسن إلى أنه تواصل مع القاضية هيلانة اسكندر مؤكداً رفضه دخول الشحنة نتيجة الفحوص المخبرية وتقارير فريق الوزارة المختصّ، مشدداً في هذا الإطار على حرص الوزارة على سلامة أمن غذاء اللبنانيين تماماً كحرصها على الصادرات الزراعية اللبنانية التي تكون نتائجها مطابقة للمواصفات العالمية.

أمّا في ما يتعلق بشحنة الأرز التي دخلت الأسواق، فأكد الوزير أنه رفضها، وأن الموضوع الآن بات عند القضاء والضابطة العدلية. وبذلك أصبحت المسألة عند وزارة الاقتصاد المخوّلة قانوناً مراقبة السلع في الأسواق المحلية.
وختم بالتحذير من خطورة هذا الأمر داعياً الى تشدّد كلّ المعنيين في الحفاظ على سلامة أمن غذاء اللبنانيين.

في المقابل، تطرح مصادر مطلعة أسئلة حول فضيحة الأرز "الذي توّزع منذ ٨ أشهر في الأسواق، وبيعت كمياته ولم يبق منها شيئاً، فكيف سمحت وزارة الزراعة بإخراج الشحنة من دون تلفها أو إرسالها الى بلد المنشأ، وكيف سمحت الجمارك باخراجها بتعهد من دون متابعتها؟". علماً أن شحنة القمح "المتعفن" ما زالت محجوزة ولم توزع بعد.

ويأسف رئيس جمعية المستهلك للواقع القضائي، فكل الدعاوى المقدمة لم تصل إلى مكان وآخرها الشكوى في حق المصارف المقدّمة في شباط 2020 والتي بقيت في الأدراج، وهذا ما يدفعنا إلى طرح أسئلة كثيرة ولا سيّما أنّ القضاء هو شريك للسلطة التنفيذية والتشريعية وبذلك لن يكون متحمّساً في العمل معنا كجمعية. وللأسف لم نرَ قراراً قضائيّاً يؤمّن مصلحة الناس، وكل ما لمسناه في السنوات الأخيرة هو سكوت وهروب إلى الأمام، بدءاً من ملفّ سرقة الودائع مروراً بانفجار مرفأ بيروت وصولاً إلى الفساد اليومي وتمرير صفقات التجار.
سموم فطريّة في عيّنات أرزّ سابقة

يشرح الأستاذ والباحث في علوم الغذاء في الجامعة اللبنانية الأميركية حسين حسن أنّ "السموم الفطرية تنقسم الى درجات حسب خطورتها بحيث تعتبر الأفلاتوكسين B1 والأفلاتوكسين M1 الأكثر خطورة، حيث صنّفها المركز العالمي للأبحاث السرطانية من ضمن المسرطنات درجة أولى، فيما تندرج سموم فطرية أخرى مثل الأوكراتوكسين A في الدرجة الثانية.

ويتابع حسن أن الأفلاتوكسين B1 (AFB1) هو سمّ فطري يؤدّي التعرّض له على المدى الطويل إلى مشاكل في الكبد. أمّا الأوكراتوكسين A أو (OTA) فهو أيضاً سمّ فطريّ يُسبّب التعرّض له على مدى سنوات لمشاكل في الكلى. فيما يؤدّي التعرض للمعادن الثقيلة إلى خطر الإصابة بأمراض عصبية وهضمية وحتى سرطانية.

وحسب الدراسات التي أجريت في عام 2022 على الأرزّ الموجود في لبنان، تبيّن أنّ المعبّأ منه يحتوي على سموم فطرية أقلّ من الأرزّ "الفلت" لأنّ الأخير معرّض للملوّثات الخارجية.

وفي التفاصيل، وجدت الدراسة التي أجريت في الجامعة اللبنانية الأميركية أن 56 عينة من أصل 105 تحتوي على OTA أي السمّ الفطري.

كذلك وجد الباحثون اللبنانيون أنّ الأرز الأسمر الذي من المفترض أن يكون صحّياً أكثر يحتوي على سموم أكثر ولا سيّما أفلاتوكسين B1، فيما الأرزّ الأبيض أقل تلوّثاً نتيجة إزالة القشرة البنّية عنه. كذلك يحتوي الأرز الطويل على سموم فطرية أعلى من الأرز القصير.

ويشدّد حسن على أهمية تخزين الأرزّ بطريقة صحيحة وعدم وضعه في مكان رطب، فسوء التخزين يعزّز نموّ العفن وتكاثر السموم الفطرية، بالإضافة إلى تجنّب شراء الأرزّ "الفلت". كذلك يجب اختيار الماركات بطريقة دقيقة، وقد أظهرت أنّ الماركات المعروفة والعالمية كانت تحتوي على نسبة أقلّ من السموم مقارنة بمنتجات أخرى غير معروفة.

 

النهار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...